يعاني المغرب من الجفاف وآثار التغير المناخي والاستعمال غير المسؤول للمياه، الأمر الذي انعكس على الأنهار في المملكة.

وبسبب هذه العوامل جفت مياه نهر ملوية وهو أحد أكبر أنهار المغرب، إلى حد بات عاجزا عن بلوغ مصبه في البحر الأبيض المتوسط.

كذلك جفت مياه حوض سبو بمنطقة الغرب (أكبر الأحواض المائية بالمملكة)، ووادي درعة في جنوب البلاد.

ودقّ خبراء في مجال البيئة ناقوس الخطر، مؤكدين أن جفاف الأنهار والوديان من شأنه أن يؤدي إلى فقدان الثروة السمكية والزراعية في عدد من مناطق المغرب.

وعزا خبراء بيئيون مشكلة نضوب مياه وجفاف الأنهار والأودية إلى عوامل متداخلة منها منظومات بيئية ومائية ومناخية، نتيجة توالي سنوات الجفاف وندرة المياه بسبب التقلبات المناخية التي يشهدها كوكبنا.

وضرب هؤلاء الخبراء مثالا بنهر إيناون الذي كان يضم منابع مائية كثيرة في إقليمي تاونات (شمال البلاد) وتازة (شرق البلاد) والتابع لحوض سبو، وقد توقف جريانه لأول مرة منذ أكثر من 40 سنة.

ووفق الخبراء فإن نضوب إيناون الذي ينبع من جبال الأطلس بإقليم تازة، تسبب في تكبد الفلاحين خسائر مادية فادحة بسبب ضياع المحاصيل الصيفية.

تحدي الجفاف

وعن مشكلة جفاف الأنهار، قال الباحث الدكتور مصطفى آباء، الخبير في التنوع البيولوجي، ورئيس الجمعية المغربية لتربية الأسماك القارية، ومنسق لجنة الزراعة المستدامة والأمن الغذائي في شبكة العمل المناخي بالعالم العربي، إن المغرب "يعاني من توالي سنوات الجفاف على مدى ثلاث سنوات، ما أدى إلى تعرض مختلف الأحواض المائية على مستوى جهات المملكة، للجفاف نتيجة عدم هطول الأمطار".

وأضاف آباء: "انخفض الحجم الفعلي للمياه المخزنة في السدود الرئيسية بالبلاد خلال معظم السنوات العشر الماضية، وذلك حسب تقرير (مرصد الوضع الاقتصادي للمغرب 2022)، المنجز من قبل مجموعة البنك الدولي".

ونبّه إلى إمكانية أن تؤدي "زيادة التواتر في مواسم الأمطار الضعيفة إلى تحول الجفاف ليصبح أحد التحديات البيئية بالمغرب، وهو ما سيكون له تأثير شديد طويل الأجل على منسوب مياه الأنهار والأودية على مستوى الأحواض المائية، خصوصا في المناطق الجنوبية وأعالي الجبال وسفوح الجنوب الشرقي".

ومن تداعيات الانخفاض المهول لمنسوب مياه الأحواض المائية، إثر شح التساقطات الثلجية والأمطار خلال السنوات الأخيرة والاستغلال الجائر للمياه السطحية والجوفية في أنشطة الري والزراعة بشكل مكثف وغير عقلاني، تهديد الثروة السمكية التي تعيش وسط هذه المنظومات البيئية المائية بالانقراض، ومنها أصناف نادرة تستوطن مياه الأوساط القارية خصوصا في أنهار وبحيرات أعالي جبال الأطلس المتوسط بالمغرب.

حملات توعية

وعن خطورة وضع الأنهار في المغرب، قال الباحث يوسف الكمري، المتخصص في البيئة والتنمية المستدامة، إن "توالي سنوات الجفاف، إلى جانب الاستغلال المفرط للمياه السطحية والجوفية في الأنشطة الفلاحية، أدى إلى اختفاء بحيرات وأنهار أو تراجع مستوى مياهها بشكل غير عادي بالمناطق الجنوبية ووسط المغرب وفي جبال الأطلس المتوسط، فضلا عن تأثر السدود والوديان أيضا بفعل العوامل المذكورة".

ودعا الكمري إلى "تكثيف الحملات التوعوية للمزارعين بأهمية التغيير في نمط الري المعتمد حاليا، والتحول نحو زراعات بديلة ذات مردود أكبر، والعمل أيضا على تشجيع المزروعات المتكيفة مع التغيرات المناخية".

كما أكد على "وجوب دمج وإشراك مستعملي المياه في مختلف عمليات تدبير هذه المادة الحيوية"، مطالبا بدعمها "عبر سياسات وبرامج تدبير استغلال المياه سواء في الأغراض المنزلية أو الفلاحية أو الصناعية التي تحفز الموارد المائية المستدامة والفعالة والعادلة".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]