محاولات السلطات الاسرائيلية التضييق على العرب البدو في النقب مستمرة وبمختلف الاشكال ، حيث لا تقتصر التضييقات على عمليات الهدم المستمرة او تجريف المحاصيل الزراعية او تشجير الاراضي الزراعية فحسب ، وانما تتواصل وتتشعب وتحاول مباشرة او بوسائل ملتوية السيطرة على اراضي النقب وافراغها من اصحابها ، واحدى هذه التضييقات تشمل عمليات التضييق على مربي المواشي ومصادرتها وغالبا حرمانها من المراعي لايصال المربين الى قناعة التخلي عنها وبالتالي التخلي عن الارض الخاصة لرعيها.

من ضمن الاحداث التي وقعت في الفترة الاخيرة في النقب كانت عملية مصادرة قطعان المواشي التابعة لعشيرة العزازمة في منطقة الخبو قرب قرية بير هداج في الجنوب ، السيد حسين الرفايعة الرئيس السابق للمجلس الاقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب قال حول هذا الموضوع :" عمليا اسرائيل تحارب امرين اثنين هما اولا اصحاب المواشي لانها ترى ان الناس متمسكون بالارض من اجل المواشي وبالتالي تريد انهاء هذا التمسك من خلال محاربة المواشي ومصادرتها ، والامر الاخر قضية التكاثر الطبيعي وهي ترى انها اذا ادخلت الناس في بلدات تشبه علب السردين فهي بالتالي تحد من تكاثرهم الطبيعي بسبب الضائقة السكنية ، وهاتان هما النقطتان الاساسيتان اللتان تعمل عليهما اسرائيل ، حيث انها تحصر مصدر رزق الناس وتقول اذا انهينا موضوع المواشي وجعلنا البدو يتخلون عنها فبالتالي سوف يتخلون عن الارض التي يتمسكون بها لاجل مواشيهم ، لكن هيهات فهذا الامر لن يكون ".
سلمان بن حميد عضو اللجنة المحلية لقرية بير هداج التي تعرضت لاستهداف مواشي اصحابها مؤخرا عقب على موضوع مصادرة مواشي البدو في المراعي بالقول :" بداية نحن نعلم سياسة وزارة الزراعة فيما يتعلق بمربي المواشي في النقب ، هنالك محاولة للمضايقة وايضا انهاء هذا الجانب من الزراعة ، قبل حوالي 25عاما كان هنالك حوالي 700الف رأس من الاغنام والماشية في النقب ، اليوم فقط 150الفا نتيجة المضايقات ، حتى تحصل على مرعى عليك فتح ملف ضريبي لأخذ تصريح رعي ، هنالك اناس في النقب حتى اليوم لم يفتحوا هذه الملفات ويربون ماشية منذ 50 عام مضت دون ضرائب ، وعلى هذا الاساس تحرمهم اسرائيل من الحصول على مراعي او تصاريح للرعي ، فقط 10% من مربي المواشي في النقب لديهم ملفات ضريبية والباقي لم يسجلوا للضرائب وهؤلاء هم الذين يعانون من سياسات المضايقة وتتعرض مواشيهم للمصادرة وهم مجبرون على اخراج الماشية للمراعي والسلطات لا تسمح لهم بذلك ، على هذا الاساس هنالك مشكلة في التراخيص والتصاريح والمراعي حيث لا توجد اصلا مناطق رعي كافية لتوزيعها على جميع مربي المواشي وقد يسمحون لهم باستخدام الاحراش للرعي وهذا نادرا ما يحدث وقد يسمحون لهم بالدخول للرعي في المناطق العسكرية وهذا حدث على مدار كل السنوات الماضية كما جرى في منطقة الخبو التي حدثت فيها عملية المصادرة الاخيرة ، حيث ان السلطات اليوم تحاول اغلاق هذه المنطقة في وجه الرعاة بحجة انها عسكرية وبالتالي حرمانهم من المراعي بشكل مطلق ، الناس يحتاجون للدخول الى هذه المنطقة كالمعتاد بدون تصاريح ، وعملية التضييق الجارية تؤدي الى الخلاف ومصادرة المواشي والمواجهات التي تحدث " .
واضيف الى التضييقات الجديدة على مربي المواشي قضية جديدة ، حيث تفاجأ المربون بأمر جديد لوزارة الزراعة يلزمهم بنقل مواشيهم بالمركبات وليس بالسير على الاقدام كما اعتادوا طوال حياتهم ، وهشا الامر يكلفهم اموالا طائلة في سعيهم وراء المراعي التي يتم تحديدها لهم مسبقا .
وكان مربوا المواشي في النقب قد عقدوا اجتماعا لهم في المجلس الاقليمي واحة الصحراء بهذا الخصوص الشهر المنصرم لتفادي التكاليف الباهظة والخسائر الفادحة التي سيتعرضون لها لو نفذ الامر .
الحاج محمد ابو فريحة رئيس جمعية مربي المواشي في النقب قال :" اجتمعنا قبيل افتتاح المراعي للعام 2022 حيث سمعنا وسألنا وتأكدنا من أن الخدمات البيطرية في بئر السبع اصدرت قرارا بمنع اعطاء تصاريح لنقل المواشي من البيوت الى المراعي الا عن طريق الشاحنات".
وحول هذا القرار قال مربي المواشي ابراهيم ابو كف :" في كل عام يمشي الناس بمواشيهم فيما يسمى (الظعن) سيرا على الاقدام ، هذا العام منعوا هذا الامر ويريدون من جميع الناس نقل المواشي بسيارات نقل ، هنالك اناس لا يملكون حوالي 6_7 الاف شيكل اجرة النقل ، وهذه السيارات فيها حاويات وقد تموت الاغنام داخل هذهوالشاحنات بسبب ضغطهن على بعضهن البعض" .
ومانت بلدية بئر السبع قد توجهت الى وزارة الزراعة بطلب منع مربي المواشي العرب من نقل مواشيهم الى المراعي سيرا على الاقدام ، واستجابت الوزارة في حينه واصدرت قرار النقل بالسيارات ، بعد شكاوى تم تقديمها من سكان بئر السبع ضد اصحاب المواشي العرب البدو .
كان رئيس المؤتمر العام للحركة الاسلامية ومدير كتلة القائمة العربية الموحدة السيد وليد الهواشلة قد حضر الاجتماع وناقش الامر مع مربي المواشي وقال في حينه :" نحن نرى ان هنالك مشكلة فيما يتعلق باجبلر اصحاب المواشي على نقلها بالسيارات وسنتوجه لوزارة الزراعة لايجاد حل للمزارعين" ، وهو ما حدث لاحقا ، حيث يشار الى ان النائب ايمان خطيب ياسين توجهت للوزارة بالغاء الامر وبناء عليه تم اعادة السماح لمربي المواشي في الجنوب بنقل اغنامهم سيرا على الاقدام وعدم الزامهم بنقلها بشاحنات.
ولكن الامر لم ولن ينتهي هنا ، اليوم وزارة الزراعة تطالب مربي المواشي بتحديد عدد الكلاب المرافقة لهم في المراعي باثنين فقط ويمنع تجاوز هذا العدد حتى لو كانت اعداد المواشي كبيرة جدا وتحتاج الى عدد اكبر من كلاب الرعي والحراسة ، وهذا الامر لم يسبق ان تدخلت وزارة الزراعة فيه، وقد يسبب اشكاليات كبيرة لاصحاب قطعان الماشية الكبيرة والتي قد يتعرض جزء منها للسرقة او الضياع او الافتراس من قبل حيوانات اخرى في المراعي ، وبناء على ذلك ستكون النائب ايمان خطيب ياسين في زيارة السبت القادم الى النقب للجلوس مع مربي المواشي ومتابعة كافة قضاياهم بما فيها الانتقال للمراعي وتحديد عدد كلاب الحراسة وغيرها .
لكن هذه القضية تثبت مرة اخرى ان السلطات الاسرائيلية مصرة على التضييق المستمر في النقب على البشر والحجر والشجر وحتى الحيوانات .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]