تمر كل البشرية في هذه الايام بخوف وارق كبير من الاتي، من المستقبل القريب والبعيد، كما يمر ربما بشكل سريالي ب "درب الالام" التي مر بها وتحملها السيد المسيح عليه السلام والتي كان من المفترض ان يعيشها في هذه الفترة بالذات عشرات ملايين المؤمنين لكن كل البشرية تعيشها لكن بمفهوم اخر من الالام.
منذ اكتشاف وباء كورونا المستجد، الوباء الخفي، اصبحنا كأشخاص وحكومات دول على حد سواء اكثر عزلة ونشك بغيرنا بمن يمر من جانبنا او يزورنا، ونعيش كابوسا يؤرقنا ليل نهار، حيث توقف التعليم والعمل والسفر، واصبح كل شيء من حولنا مشبوه ومشكوك به واصبحنا نعيش صدمة وخوف شخصي وعائلي وجماعي، حتى ان هذا الرعب ولأول مرة جعلنا نعزز روابطنا العائلية والاجتماعية بالتباعد وليس بالتقارب، فاصبحنا لا نزور ابائنا وامهاتنا كبار السن خوفًا عليهم.
ووجودنا في البيوت رغمًا عنا وفي عزلة وحجر جعلنا نفكر كثيرا ونطرح الاسئلة اكثر ونفكر في نظريات المؤامرة والشك اولها ان الفايروس هو جزء من حرب بيولوجية تخوضها دول عظمى ونحن نتوقع التغيرات على الاقل في الاستعدادات متقبلاً لمواجهة ومجابهة مثل هذا الفايروس اللعين، كما ان الفترة كشفت فوارق كبيرة بين الشعوب والمجتمعات اهمها الفواق الطبقية، فأصحاب الامكانيات المادية واصحاب الذوات والنفوذ، من سياسيين ورجال اعمال تصرفوا بشكل جبان اكثر وبخوف اكبر من معدومي او محدودي الامكانيات، وهربوا وتخبوا اسرع.
عدوى كورونا ضربت في الطبقات الاجتماعية المتمكنة ماديًا اكثر من الطبقة محدودة الامكانيات حيث انها انتقلت من مصدرها في الصين الى باقي انحاء العالم عن طريق رجال الاعمال واصحاب الامكانيات والذين كانوا في وجهات سياحية مختلفة
هذه الازمة التي حتمًا ستدخل تاريخ الشعوب وتاريخ الطب الحديث على انها اصعب ازمة تواجه العالم الحديث، ستجلب مستقبلاً ربما حالة من الاستبداد والانانية وبلا شك فان الدول والانظمة ستبدأ بالتفكير بشكر اخر في التجهيزات والاستعداد رغم ما نراه من تكاثف وتظافر تحت مسميات التضامن مجتمعي.
تداعيات الازمة جعلت كثير منا يعيد اكتشاف بعضنا البعض، في البيت في العائلة وفي الحي، فنحن كأشخاص كمجتمع وكشعوب من خلال التواجد في البيوت وعدم السماح لنا بالخروج اكتشفنا صفات وامور "جديدة" لدى من يسكنون معنا ان كان الاب الام او الاخوة والزوج وغيرهم
اما على صعيد الحكومات والدول خاصة الرأس مالية اصبحت تتصرف وفقا للنظام الاشتراكي والشيوعي، فعلى سبيل المثال دولة عظمة كالولايات المتحدة الامريكية التي تمثل حرية العمل والتصنيع قامت بالزام بامر رئاسي مصانع السيارات والالكترونيات بوقف الانتاج وتصنيع اجهزة وادوات طبية ودولة عظمى كبريطانيا قامت بالسيطرة على قطاع المواصلات وبالتالي قامت بتأميم هذا القطاع تمامًا كنظام شيوعي اشتراكي ودولة مثل اسرائيل ارسلت جهاز المخابرات الرئيسي "الموساد" لشراء او سرقة او جلب او تهريب اجهزة تنفس ومعدات خوفا من نفاذ المخزون الموجود في البلاد، وهنا الكل اصبح يتماشى مع مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة".
ان اكثر ما ثير الذعر والخوف هو ان الحكومات والدول خائفة اكثر من الاشخاص، ويبقى السؤال اذا كانت الحكومة صاحبة الامكانيات غير المحدودة نراها مرعوبة وخائفة فماذا بالنسبة لنا الاشخاص؟ فما ثبت حتى الان ان كل حكومات العالم انكشفت عورتها واثبت انها غير مستعدة لمواجهة هذا الوباء فسباق النفوذ السياسية والجغرافي والتسلح والتفوق العسكري لا ولم ولن يفيد، من هنا فان على الحكومات النظر الى الامور بشكل مختلف لان تاريخ الحكومات سينقسم الى ما قبل والى ما بعد كورونا.
اما على صعيد الصحة العالمية فان الازمة تفرز ضرورة ملحة لنظام صحي عالمي جديد، لان منظمة الصحة العالمية كانت جهاز اممي سيطرت عليها الدول العظمة صاحبة النفوذ ولم تكون الدول الفقيرة او الضعيفة لها اي وجود او تأثير فيها او عليها ومن اهم اهداف الدول العظمة في مؤسسة مل منظمة الصحة العالمية هي حماية الدول الفقيرة ليس اهتمامًا ولا حبًا بل كي لا تتأذى.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]