تدخل روسيا مجدداً على خط المصالحة الوطنية الفلسطينية، بدعوتها فرقاء الانقسام الفلسطيني، حركتي فتح وحماس، وربما فصائل فلسطينية أخرى الى موسكو مع بداية العام القادم، بعد ان عقدت اجتماعات هامة مع وزير الخارجية رياض المالكي قبل ايام قليلة، لمناقشة عملية السلام المتعثرة، إضافة الى الملف الداخلي الفلسطيني فيما يتعلق بانهاء حالة الانقسام، ونقول ان هذه المحاولة الروسية، تعتبر تدخلا متجدداً على هذا الملف، لأن موسكو كانت قد استقبلت قبل حوالى عامين فصائل العمل الوطني الفلسطيني لدراسة هذا الملف وإمكانية تحقيق اختراق لتجاوز العقبات التي انتصبت امام كافة الجهود لتحقيق استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وعندما استضافت موسكو الفصائل الفلسطينية قبل عامين، كانت تستهدف استثمار توافقات وطنية فلسطينية تمت بالفعل في العاصمة اللبنانية بيروت على اثر اجتماعات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني، ما شجع موسكو على الرهان في إمكانية اختراق ما على صعيد المصالحة، وبات معروفاً ان التحضيرات للمجلس الوطني لم تتكلل بالنجاح، وكذلك، فشلت موسكو في ازالة العقبات التي كان من شأنها فشل المصالحة.
هذه المرة، اذ تستضيف موسكو الفصائل الفلسطينية حول ملف المصالحة، نعتقد ان هناك فرصة جدية لدور روسي على هذا الملف، بعدما ظهرت روسيا كلاعب اساسي رئيسي في المنطقة، ما يمكنها من ان تشكل ضامناً لانجاح التوصل الى توافقات تؤدي الى انهاء حالة الانقسام، خاصة وان روسيا باتت تحظى بمصداقية كبيرة من خلال تجربتها السياسية والامنية في المنطقة العربية من خلال عدم تخليها عن حلفائها والوقوف الى جانبهم.
إلا أن روسيا وهي تستضيف هذه الفصائل، تدرك تماماً مدى قدرتها على فتح ثغزة في هذا الملف الشائك، ولا شك انها على اطلاع تفصيلي بالجهد المصري المتواصل والحثيث لاحداث اختراق على هذا الملف، دون تحقيق اي تقدم ملموس، رغم ما ينطوي عليه الدور المصري من تأثير مباشر على اطراف الانقسام، كما تدرك موسكو، اكثر من غيرها ان هذا الملف بات عرضة لاختراقات عربية وإقليمية، تحول دون إحداث اختراق حقيقي يزيل أسباب الفشل المتواصل، لكن روسيا، وهي تتطلع الى دور كبير ومؤثر يسند مكانتها في المنطقة لا تريد لهذا الملف ان لا يكون على جدول أعمالها، وتريد التذكير بانها قادرة على التأثير على كافة الملفات الصعبة في هذه المنطقة التي تريد استعادة دورها المؤثر فيها، سواءً من خلال الاستعادة المستمرة من قبلها، بالدعوة الى عقد مؤتمر سلام حول الملف الفلسطيني - الإسرائيلي في العاصمة الروسية، وهو الأمر الذي تم رفضه مراراً من قبل حكومة نتنياهو، او من خلال استعادة جديدة لجهد جديد في إطار ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية.
ورغم ان إسرائيل قد احتجت لدى موسكو على استقبال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الا ان هذا الاحتجاج من شأنه تقوية الدور الروسي لجهة التذكير بمدى اهميته، خاصة وان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد رد على رئيس الوكالة اليهودية اسحق هرتسوغ عندما استقبله في العاصمة الروسية قبل ايام، بأن اسرائيل نفسها تدير مفاوضات مع حركة حماس وتبرم اتفاقيات وتسمح لقطر بادخال ملايين الدولارات للحركة.
واذا اخذنا بالاعتبار طبيعة العلاقات الروسية - الاسرائيلية، على خلفية تداعيات اسقاط الطائرة الروسية في الاجواء السورية نتيجة للغارات الإسرائيلية على يد سلاح الجو السوري، وتصويت روسيا في مجلس الأمن ضد المقترح الأميركي للتنديد بحركة حماس، ورد إسرائيل بتأييد مشروع قرار أميركي يندد بالاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم، اذا أخذنا ذلك بالاعتبار، يمكن القول ان الدخول الروسي على ملف المصالحة، انما يشكل تجسيداً لدور روسي مؤثر في المنطقة، دون تجاهل بطبيعة الحال، المصالح الروسية مع إعادة الدفء الى العلاقات الوطيدة مع إسرائيل، الا ان مثل هذه العلاقات تستوجب الإمساك بقوة بكافة الملفات الهامة في المنطقة، سواءً فيما يتعلق بالتسوية السياسية، او باختراق على ملف المصالحة مع التأكيد على عدم قدرة روسيا على تشكيل اختراق هام على اي منها!!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]