مميزة بفكرها وطرحها، تختلف مع المجتمع في العديد من الأمور، جريئة، قوية، مثقفة وشجاعة، هذا ما يقوله كل من يعرف الباحثة السياسية الاجتماعية جيهان حسن، من المشهد، وهي شابة لم تمنعها اعاقتها الجسدية فحسب من أن تتطور علميًا ومهنيًا، بل ساعدتها بالتميّز أكثر وأكثر، في كل خطوة تتقدم بها، آخرها كان ترشحها لعضوية المجلس المحلي في قريتها المشهد.

ضمن متابعة موقع "بـُكرا" لكل التطورات والشخصيات المميزة في مجتمعنا، كان لنا حديث مع الباحثة جيهان حسن وقد اجابت عن بعض الاسئلة وطرحت افكارها بشكل مميز كعادتها.

- ماذا تقولين بمناسبة هذا اليوم؟

جيهان حسن: في كل عام، في الثالث من شهر كانون اول، يحتفل العالم بيوم المعاق العالمي، الامر او بالأحرى هو اليوم الأكثر سوء بنظر النسبة الأكبر من أصحاب الاعاقات! كونه على الاغلب يوم موسمي لكل من يشغل منصبا رفيع المستوى بما فيهم أصحاب القرارات.. حيث ينظرون لهذا اليوم على انه يومهم العالمي الفوتوغرافي لالتقاط أكبر عدد من الصور مع هذه الشريحة من المجتمع، كونها الأضعف وان هناك من يمثلها او من يهمه امرها وعلى استعداد تام لتقديم الخدمات الازمه لهم من اجل راحتهم وتسهيل سبل الإتاحة على قدر المستطاع.

لكن، الواقع مغاير تماما! ما يقومون به أصحاب القرارات بهذا اليوم ما هو الا مسرحية او تمثيلية مؤقته، فترتها الزمنية لا تتعدى حدود التقاط الصورة وتسليط الضوء عليه خلال لحظة مؤثرة وسيادته يحتضن صاحب أصعب اعاقة دون غيرة. للأسف هذا ما نشهده في ذكرى يوم المعاق العالمي.

ما نأمل ان يكون غير ذلك، هو ان تشرع المؤسسات أبوابها لتضمن لهم العيش بكرامة، وتحقيق سبل الحماية والوقاية لهم على أرض الواقع، تكليفا وليس تشريفا، من خلال احتوائهم في سوق العمل ودمجهم في المجتمع وتقديم سبل الإتاحة لهم في جميع مؤسسات الدولة بهدف التنقل باستقلاليه وامان.

- ماذا تعملين وكيف تشعرين أنّكِ مميّزة؟

انهيت اللقب الأول بموضوع علم الحاسوب، واللقب الثاني بالعلوم السياسية خلالها قمت بكتابه بحث بما يخص الانتخابات للكنيست.

وفي الانتخابات الأخيرة للسلطات المحلية، قمت بترشيح نفسي لعضوية المجلس بهدف العمل على مشروع الإتاحة في جميع مدارس القرية من اجل الطلاب مع اعاقة.

والان اعمل في مجال كتابة الأبحاث السياسية – الاجتماعية.. من خلالها اعمل على دمج ما أقوم به من أبحاث وكتابه مقالات في الميدان السياسي ودمج الأشخاص مع اعاقه في سياق البحث او المقال، موضحه اقصاء وتقاعس أصحاب القرارات بحق الأشخاص مع اعاقة.

هناك مكانة خاصة للبحث المصغر الذي قمت بكتابته والذي يتمحور حول (رفض تشغيل الأشخاص مع اعاقة ودمجهم في سوق العمل وما يسبب لهم من أزمات نفسيه بسبب رفضهم من العمل بسبب اعاقتهم رغم انهم مسلحون بأسلحة العلم والشهادات العليا).. مع العلم انه حسب القانون يحق لصاحب الإعاقة العمل، كما ويتوجب على صاحب العمل قبوله والعمل على موضوع الإتاحة حسب نوع الإعاقة لدى العامل والدولة نفسها تقوم بتمويل مشروع الإتاحة.

مكانه هذا البحث تكمن بتلك البصمة الخاصة هو: أن النساء من ذوي الاعاقات يتعرضن لتمييز أكبر، وذلك لكونهن نساء، فنظرة المجتمع، وخصوصًا في سوق العمل، تفضّل دائمًا الرجال من ذوي الإعاقات على النساء،

ابدًا لم اشعر نفسي مميزة، ولا من صلة تجمعني بتلك المصطلحات المبالغ بها. دور الاهل في عملية صقل شخصية ابنهم صاحب الإعاقة هو التميز بحد ذاته.

من هنا بدأت مسيرتي نحو الأفضل. استغليت مساندة عائلتي من دعم، تشجيع وتوعيه لاتخذ من العلم سلاحا بالمفهوم الإيجابي للأسلحة، توعية الأشخاص مع اعاقة، وتوعية اهاليهم لحقوق ابهم وواجباتهم تجاه ابنهم، للأهل الدور الأكبر لتنمية الثقة بالنفس لدى ابنهم.

ما توصلت اليه من خلال كتابة الأبحاث والمقالات جعلني أتمكن من إطلاق الرصاص من قلمي الرصاص للانتقادات التي اوجهها للجهات المختصة بشأن تجاهلهم بحق الأشخاص مع اعاقه.

لربما يمكنني القول انني صنعت من العجز قوة ومن الألم صنعت الامل، مسيرتي على جميع الأصعدة لم تكن سهله، واجهت الكثير من الازمات والصعوبات، لكن دعم عائلتي لي واصراري للوصول لهدفي جعلني اشعر بالقوة والشجاعة، عدم الخوص وصقل شخصية جديدة.

- رسالتك للمواطنين؟

الشخص مع اعاقة هو انسان.. قبل أي شيء.

رسالتي للمواطنين رعاية الأشخاص مع اعاقه، فهم أبنائهم بالأساس، يتوجب البحث عن حالات اعاقة محجوبة عن النور بهدف دمجها في مجتمعها وفي مؤسساتها التعليمية، وضمان أماكن متاحه لهم في الجامعات والمعاهد العليا، يحب التركيز على ارشاد المعلمين على طرق تدريس خاصه بالأشخاص مع اعاقه، مما يبشر بنتائج ايجابية خلالها تتوفر الفرص لاكتشاف اشخاص لديهم قدرات هائلة منها العقلية والذهنية..

أخيرا وليس اخرا، علينا ان لا نعاقب المعاق على ما ابتلاه به القدر.

علينا النهوض بمجتمع مثقف يحترم الاخر ولنأخذ بأيديهم لنصنع معا مجتمع شعاره المساواة يقدم الواجب ويعطي الحق.

- هل تعتقدين أن المجتمع ينصف اصحاب ذوي الاحتياجات الخاصّة؟

كلا ابدا، مجتمعنا ابعد ما يكون لأنصاف للأشخاص مع اعاقة..

ما يثير غضبي انه حتى في المؤسسات الحاضنة للأشخاص مع اعاقه يتم الابتعاد عن تداول الحديث بما يمكن عمله من اجل هذه الشريحة، من تقديم خدمات تعليميه، ثقافيه، اتاحه، صقل الشخصية والثقة بالنفس، تزويده بالقوانين التي صودق عليها من اجله، من اجل الدفاع عن نفسه في حال قام مغفل باستفزازه او اهانته او السخرية منه.

كل هذا يتركونه جانبا، ويقومون بما هو هامشي حسب رأي الا وهو: (تداول النقاش حول المصطلح ذاته "بما معناه: أي من المصطلحات جديرة بتسميه الأشخاص مع اعاقة"؟!" اشخاص مع اعاقة؟ ذوي احتياجات خاصه"؟ נכים? وهو التعريف المصادق عليه رسميا من قبل الدولة!).
برأي ليست المشكلة بتعريف المصطلح، انا شخصيا مع تعريف أصحاب الاعاقات. كون الإعاقة تعيق فهذا هو التعريف الاجدر والامثل حتى وانا كان يجرح.

(فلا يضر الشاه سلخها بعد ذبحها). كذلك الامر لدى صاحب الإعاقة (كون الإعاقة جزء منه، من حياته، من جسمه، متلازمة له أينما حطت الرحال به، توأمه). فما جدوى تعريف المصطلح وان كان لفظه خفيف على السمع بينما واقعه مع اعاقته أثقل ما يكون.

يجب القاء هذه المهزلة جانبا وتزويد صاحب الإعاقة بما يعزز ثقته بنفسه وصوله النشوة ليكون هو من ينصف نفسه ويفرض احترامه لكل من حوله، لمحيطه، لمجتمعه الخ... ليس من باب الشفقة انما مما يحمله من أفكار وتطلعات هادفه، يكون له دور وتأثير في مجتمعه يفرض احترامه بطريقته ومنه يستمدون القوة امثاله.

حتى يصل صاحب الإعاقة لهذه المكانة يلزمه الكثير من الاجتهاد فكما نعرف يد واحده لا تصفق لوحدها. لذا على الأهالي واداره المدرسة والجمعيات المختصة العمل معا وتكثيف الجهود من اجل الوصول لما نرنو اليه وصولنا للهدف.

والوصول للهدف في هذا السياق ليس سهلا.. للوصول لمجتمع منصف بحق الأشخاص مع اعاقه يلزم:

1. عدم التمسك بالآراء المسبقة.

2. عدم اقصاء المرأة مع اعاقه، كما هو معروف مجتمعنا ذكوري من الدرجة الأولى، وجود الأنثى غير مرحب به ابدا، فكيف وان كانت مع اعاقه؟؟!! علينا تغير هذا المفهوم.

3. الإتاحة تعزز من مكانه الشخص مع اعاقه وتمنحه حريه التنقل والاستقلالية

4. ضمان أماكن عمل تحوي الأشخاص مع اعاقه، تكثيف محاضرات ارشاد للذكور والاناث لكيفيه التصرف بالعمل ومعرفه حقوقهم وواجباتهم.

5. محاضرات توعويه لأصحاب المهن على جميع أنواعها.. عند دخول صاحب الإعاقة لمكان تجاري بهدف التسوق على سبيل المثال، على صاحب المتجر ان يستقبل الشخص المعاق نفسه لا المرافق، عليه ان يلتفت اليه باحترام ويسأله عن أي نوع او أي لون او أي مقاس تبحث ولا يسأل المرافق ماذا يريد!! انه يجيد الكلام ويعرف ما يريد تماما.. حتى وان كان اصم او بكم له طريقته بالحديث ويعرف ماذا يريد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]