يعمّ المجتمع العربي في اسرائيل، غضب وألم بسبب ظاهرة العنف عامّة وجريمة القتل التي أودت بحياة يارا أيّوب من الجشّ خاصة.

جريمة يارا هزّت أركان المجتمع وذلك بسبب حيثيّاتها المقشعرة للأبدان - على حدّ إعتبار روّاد الفيسبوك-.

مراسل "بكرا" استعرض ردود فعل عدد من قادة المجتمع والجيل الشاب الذي أجمع على حاجته الماسّة للأمن والأمان.

وقال مدير مركز المساواة والمجتمع المشترك في چفعات حبيبة - محمد دراوشة لـبكرا:" انا أقدّر كل من يعبر عن غضبه وألمه ولا يقف صامتاً امام حالات العنف التي تعصف في مجتمعنا. اللوم يحب ان يكون لأولئك الذين يبقوا صامتين حتى في مثل هذه المواقف. فهذا بمثابة اضعف الإيمان كما قال رسولنا الكريم: "من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".

اتّخاذ خطوات عمليّة

وتابع:" حالة الرفض المجتمعي التي يتم التعبير عنها من خلال مواقع التواصل والغضب الذي يحدث في المجتمع يهيىء الجو العام لاتخاذ إجراءات وحلول. اصحاب القرار يتابعوا هذه التعابير المستنكرة للواقع الاليم ويعرفون من خلالها أنّ عليهم اتخاذ خطوات عملية".

عن الحلول للجرائم، يقول:" الحلول للجريمة تتطلب شرطة ناشطة بشكل جدي في المجتمع، ترى ان مسؤوليتها تقديم ابسط الخدمات للمواطن، وهي ضمان أمنه وأمانه. وهذا يحدث من خلال تكثيف وشرعنة تواجدها، وتعاملها مع المجالس بشكل مهني ودائم".

أوضح دراوشة، أنّ يجب المطالبة باقالة كل ضابط وكل قائد محطة شرطة يفشل في أداء واجبه، ومحاسبة كل المسؤولين المباشرين عن ضمان الامن أياً كانوا.

حول المسؤول عن الجريمة، يحدّثنا:" احيانا المسؤول هو الشرطي، وأحيانا هو موظف في الشؤون الاجتماعية، او مدرس، او رئيس مجلس، وحتى أعضاء الكنيست والوزراء. المسؤولية يجب ان تطال كل مسؤول وعدم إعفائهم من تقديم تقارير واضحة ليبرروا بها دورهم في هذا الموضوع.

وأنهى كلامه قائلا:" انا اتفهمّ حالة الغضب والاستنكار من الجمهور، ولكن لا اتفهم هذا الموقف من طرف القيادات المختلفة التي يجب ان يكون لها دور فعال وليس فقط دور المرآة التي تعكس حالة المجتمع الذي يتألم من هذه الآفة".

العنف مرفوض شرعاً وقانوناً

من جانبه، قال رئيس مجلس الإفتاء بالداخل الفلسطيني - الشيخ د. مشهور فوّاز لـبكرا:" العنف بشتى أشكاله وألوانه مرفوض شرعا وقانونا .ولا شك انّ هذه الآفة الآخذة بالتنامي هي ليست وليدة الساعة أو اليوم وإنّما هي تراكم ونتاج ثقافة سنوات وهنالك جهات متعددة مسؤولة عن العنف أولها ومصدرها الأساس البيت ولمواجهة هذه الظاهرة يطلب منّا جميعا كلّ في موضعه ومجاله وتخصصه أن تتضافر جهودنا من أجل التوعية والتحذير ولا يجوز لنا أن نيأس بحال من الأحوال".

تابع د.فوّاز:" ولعلّ أهم ما يساهم في مواجهة غول العنف هو تعميق الإيمان في القلوب فبالايمان يتحقق الامان والأمن وبالايمان تحفظ الحقوق والأعراض وبالايمان تحقن الدماء وبالايمان يقضى على الظلم ويسود العدل والإحسان وتسود ثقافة الحوار والتسامح . وذلك لانّ المرء يرتدع بأحد أمرين : رقابة الله تعالى او رقابة القانون".

وأنهى كلامه قائلا:" ولكن رقابة القانون قد تغيب أو قد لا تكون رادعة أو قد يراد لنا كأقلية سياسية بانتشار هذه الظاهرة فالذي يبقى صامدا في مواجهتها هو الإيمان بالله كما لا بد من مواجهة أسباب العنف وآلالاته مثل السلاح والمخدرات ولا بدّ كذلك من ترشيد قنوات التواصل الاجتماعية التي أصبحت مرتعاً وخيماً للتراشق والتلاسن والتحريض وإثارة الفتن".

نضال افتراضي

الشابّة سوار اغباريّة قالت لـبكرا: الشعارات الفيسبوكيّة والإستنكارات بنظري هي مؤشر إيجابي لصحوة المجتمع لهذه الظاهرة! حيث أنّها تدل على وعي المجتمع حيال ما يدور حوله، أمّا من الجانب الفعلي فعلى كلّ شخص أن يبدأ من نفسه أوّلاً وبعدها توسيع نطاق التأثير على من حوله!".

لا تشابه بين حالات العنف

بدوره، قال المحامي علي حيدر لـبكرا:"كلّ حالة عنف لها سياقها وظروفها وأشخاصها وضحاياها ومجرميها ونتائجها وخسارتها، ولا يوجد أي حالة تشبه الاخرى؛ ولذلك ليس هناك حلول سحرية لظاهرة العنف؛ وليس هنالك حل واحد لظاهرة العنف ولا يمكن وضع حد لها فهي ظاهرة مستمرة منذ بداية الخليقة وحتى نهاية العالم وهذا ما يجعلها ظاهرة نتيجة لاستمرارها وتعدد اشكالها من جهة ووجود قواسم مشتركة بين أغلب أشكالها من جهة أخرى مما يجعل الافق غير مسدود من إجل المساهمة في تقليصها والحد من انتشارها وقسوتها وصعوبتها".

أضاف:" ولكي يحدث تغيير في الواقع يجب ان يحدث تغيير في الوعي بأن المسؤولية في الدرجة الاولى تقع على كاهلنا كمجتمع. وعلى كل واحد منا من موقع وجوده. ولكي لا يبقى الأمر معلق؛ ولكي لا يخفت الغضب؛ ولكي لا يسكب الحبر الفيسبوكي سدى يترتب علينا أن نستثمر الغضب كفرصة لصنع التغيير؛ وجعل وسائل التواصل الاجتماعي حيز لتربية التفاؤل والأمل والمعرفة والعطاء والتوجيه والارشاد والتحذير والتعمق. وجعل من لدية أقتراح أو رأي أو مساهمة تقديمها؛ فهكذا تضمد الشعوب جراحها وتدرس تجاربها وتقوم طريقها. ومن المفروض والمطلوب؛ من قيادات المجتمع العربي التمثلية والسياسية والدينية والثقافية والتربوية والاقتصادية الخ ان تبادر الى وضع خطة استراتيجية وشاملة تأخذ بعين الاعتبار الاسباب والتبعات والنتائج لظاهرة العنف في مجتمعنا وكيف يجب مواجهتها وتقليصها مع لوائح زمنية وميزانيات وطاقات مهنية ومتابعة وتقييم واشاراك المؤسسات الرسمية وخصوصا الشرطة وبعض الزارات ذات الصلة التي تتقاعس وتهمل دورها بل تتواطئ مع عصابات الاجرام وحاملي السلاح. يجب الا نوهم أنفسنا بأن هنالك حلول سريعة وان وآحادية ولذلك فهذا يتطلب عمل دقيق ومركب يهدف الى منع العنف قدر الامكان".

وأنهى كلامه قائلا:" بلا شك اننا نعيش في مجتمع يواجه لحظات عدم ثقة بالذات والقيادة ويستأنف على الكثير من القيم وهنالك استقطابات وتسارع يجعل المجتمع يففد اليقين في الكثير من الأمور. ولذلك أعود وأكرر بان العنف يقود المجتمع من الداخل ويدمره ويهلكه ويشله. ووظيفتنا جميعا هي العمل في الحقل بشكل تكاملي ومحاولة التغيير بشكل عملي وان يكون ملائمة بين الاقوال والاعمال وبين التصريحات والتطبيق".

التغيير

وقالت الشابّة زينة يونس لـبكرا:"العنف ظاهرة منتشرة جدا في الفترات الاخيرة، وأعتقد ان لا حل فوري لها، بل الحل هو ان تتغير بعض العقول في مجتمعنا تدريجيًّا، مثلًا، رأينا تعليقات الكثير من الاشخاص الذين تهجموا على يارا رحمها الله عندما نُشر خبر اختفاءها، ردة الفعل هذه كانت تشجيع لمرتكب الجريمة بأن يارا هي المذنبة، بأنه ليس مذنب، بل الضحية كان يجب ان تفعل كذا او ان لا تفعل كذا، وكانت تشجيع لآخرين قد يكونون مجرمين مستقبليين".

وختمت كلامها قائلة:" من يريد أن يرى التغيير وان يحل المشكلة عليه ان ينشر مبدأ ان تلك الجريمة مستنكرة وان لا مكان للمجرم القاتل المتحرش بيننا، دائمًا، وان لا يغضب في فترة الحادثة ثم يعاود النوم، حتى لا تموت الفكرة، لانها قضية تغيير معتقدات وذلك لا يحدث الا ب"الاستمرار"، حتى يقتنع المجرمون بأنهم هم المجرمون وليس ضحاياهم، وحتى يفهم المجتمع ما هي الجريمة الحقيقية، حتى نتغيّر وحتى نبدأ بالتفكير في الطريق الصحيح".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]