أثار مضمون رسالة إسرائيلية رسمية موجهة للأردن دعت الى "إعادة الطرح الإسرائيلي للمشروع المائي السابق بمد قناة بين البحرين المتوسط والميت
بدلا من الطرح الأردني بمد القناة بين البحرين الأحمر – الميت، ورفع مكاسبه بالمقارنة مع الأخير، استهجان أوساط حكومية أردنية، حيال "عدم جدية إسرائيل في المضي بالتعاون المائي المشترك".

وفيما أعادت إسرائيل، وعلى لسان سفيرها السابق في المملكة عوديد عيران في رسالته الموجهة للأردن مؤخرا، إلى الأذهان، فكرة المشروع الإسرائيلي السابق، "مشكّكة بجدوى الطرح الأردني

انتقد مصدر حكومي أردني، في تصريح لصحيفة الغد الاردنية ، التلميحات الإسرائيلية التي "تعكس عدم جديتها بالتعاون مع الجانب الأردني بالمشروع سيما بعد خوض غمار معركة مفاوضاته واتفاقياته المشتركة بين مختلف الأطراف الإقليمية المعنية والجهات الدولية المانحة، وعلى مدار السنوات التسع الماضية".

وحذر المصدر الحكومي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، من "انعكاس أي توجهات للجانب الإسرائيلي بعدم التعاون مع الأردن في الجانب المائي، على أي مشاريع مستقبلية تتطلب التعاون بين الطرفين في القضايا الأخرى، وليس في قضايا المياه حصرا".

ورفض المصدر الحكومي الربط الإسرائيلي المشار إليه بحسب الرسالة ذاتها، "بين مضموني السير بمشروع ناقل البحرين (الأحمر- الميت) الإقليمي المشترك بين الأردن وإسرائيل وفلسطين

والذي تم الاتفاق عليه سابقا والبناء على مضمونه واعتباره بذرة نواة لسعي الأردن لتنفيذه باعتباره من أهم أولوياته الاستراتيجية، وقرار المملكة بإلغاء الملاحق الخاصة بمنطقتي الغمر والباقورة مؤخرا".

واستغرب المصدر ذاته "عدم منطقية الطرح في ربط العلاقة بين القضيتين، سيما وأن لكل منهما اتفاقياته الخاصة، حيث أن للمياه اتفاقياتها، وللأراضي اتفاقيات أخرى خاصة بها"، موضحا أن اتفاقيات المياه المرتبطة بناقل البحرين (الأحمر-الميت) أصبحت جاهزة وتم الاتفاق عليها أيضا مع الجانب الفلسطيني.

وهي القضية ذاتها التي زعم من خلالها السفير الإسرائيلي السابق لدى المملكة، بأنها "جاءت على خلفية رصد الأردن لتلكؤ وتباطؤ إسرائيلي حيال مشروع ناقل البحرين

الإقليمي"، وشكلت، على حد تعبيره، "إحباطا أردنيا" بشأن البدء بتنفيذه، ما دعا الأردن لإنهاء الاتفاق المشترك والذي كان يقضي بتأجير أراض أردنية للجانب الإسرائيلي

في منطقتي الباقورة والغمر اللتين استردهما الأردن إبان توقيع اتفاقية السلام بين الطرفين في العام 1994.

وهذا ما أفادت به رسالة عيران، حيث قال إنه "في الآونة الأخيرة أعلن الأردن نهاية النظام الخاص الذي ساد منذ معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل العام 1994 في جيبين على طول الحدود المتبادلة"

هما بحسب تعبيره "غمار زوفار في الجنوب وبقورة نهارايم في الشمال"، مشيرا الى أن الملحق المعني في المعاهدة يسمح للأردن بالقيام بذلك، رغم "عدم وجود سبب واضح للإيقاف، باستثناء ما أظن أنه إحباط. منذ ما يقرب من 25 عاما، كان الأردن محبطا من الوعود الإسرائيلية التي لم يتم الوفاء بها".

وعزا عيران في رسالته نفسها، أحد أسباب الإحباط الأردني حيال إسرائيل، الى "تباطؤ الأخيرة بتنفيذ مشروع البحر الأحمر – الميت، باعتباره الرائد لجميع مشاريع التنمية في الأردن"، مشيرا إلى مناقشة المشروع مرارا وتكرارا بين الجانبين، واختتام مذكرة التفاهم بشأن إنشاء المرحلة الأولى من البحر الأحمر، وحل المياه في المنطقة في العام 2015.

واستهجن المصدر الحكومي الأردني فكرة ادعاء عيران لكسب المشروع الإسرائيلي بمد خط أنابيب قناة نهر الأردن - البحر المتوسط، الدعم السياسي والمالي اللازم لإطلاقه بسرعة، وهو ما اعتبره عيران "تطورا إيجابيا هائلا"، داعيا في الوقت نفسه للتفاوض بشأن ترتيب جديد لأراضي الباقورة والغمر.

وبين المصدر أنه "لا يمكن السماح لأي طرف آخر التحكم في المخزون المائي الأردني"، في إشارة الى "عدم قبول الجانب الأردني للطرح الإسرائيلي الذي يسمح لها بأن

تتحكم بكامل كميات المياه في الوقت الذي يمكن فيه أن يجري تعاون مشترك بهذا الخصوص ومن خلال جزء من المشروع وليس بأكمله، وهو ما تم الاتفاق عليه من خلال ناقل البحرين (الأحمر-الميت) الإقليمي المشترك".

وبين السفير الإسرائيلي السابق لدى المملكة، أن هناك خطة مجدية من شأنها أن تمثل حلا فعالا لمشكلة الأردن الذي هو بحاجة للمزيد من المياه، مع ضرورة إنقاذ البحر الميت، وتوفير المزيد من المياه للفلسطينيين.

وأشار عيران إلى أن "تلك الخطة ستكون أقل تكلفة وستحصل على الدعم المالي من الحكومة الإسرائيلية"، وسط اعتقاده بأن "الحكومات الأخرى والمؤسسات المالية الدولية ستتبع ذلك"، في إشارة الى طرح المشروع المائي الإسرائيلي نفسه.

وأوضح أن الكميات المحلاة والمنقولة من خلال هذا المشروع ستلبي الاحتياجات، الأردن وإسرائيل والفلسطينيين وإضافة الماء للبحر الميت، حيث سيكون الأردن قادرا على سحب المياه بنفس الطريقة التي يفعلها اليوم.

وبموجب المشروع نفسه، "سيجلب الماء المحلى عن طريق تمديد القناة- خط الأنابيب إلى الجزء الشمالي من الضفة الغربية-، وستتدفق بقية المياه أسفل نهر الأردن للبحر الميت بمسافة 75 كيلومترا بدلا من الطرح الأردني بمسافة 200 كيلومتر، وفي تضاريس أكثر سهولة"، وفق عيران.

وعلى حد ادعاءات عيران، فإن الأردن أعلن عن "إنهاء ترتيبات أراضي الغمر والباقورة، في ردة فعل على عدم وفاء إسرائيل لتوقعات أردنية منها بأن تغطي الأولى نصف التكلفة المقدرة على الأقل للمضي قدما بالمشروع لتعزيز آفاق انضمام المانحين الآخرين"، معتبرا أنها "محاولة لمناورة الحكومة الإسرائيلية للموافقة على 500 مليون دولار أو أكثر"، وسط توصياته للحكومة الإسرائيلية بعدم تمويل الجزء من المشروع الذي يقع خارج محطة التحلية في العقبة.

وكانت تقارير إسرائيلية نقلت عن مسؤول في وزارة الطاقة الإسرائيلية، أن "بحيرة طبريا، التي تعد أكبر احتياطي للمياه العذبة في البلاد، ستُرفد لأول مرة بمياه محلاة من البحر (المتوسط) لزيادة منسوبها بعد خمس سنوات من الجفاف".

وبحسب تقارير صحفية دولية متطابقة، فإن إسرائيل "ترى حلاً في تحلية المياه، وتخطط لمضاعفة كمية مياه البحر الأبيض المتوسط التي تعالجها وتقطع نصفها على بعد 75 كيلومترا (47 ميلاً) إلى الجليل".

وبحسب تصريحات سابقة لمسؤولين إسرائيليين، فإن الحكومة الإسرائيلية اعتمدت خطة تقوم على أن يتم نقل 100 مليون متر مكعب من المياه المحلاة الى بحيرة طبريا عبر أحد روافدها شمالا، والتي يتزود منها السكان بالمياه، اعتبارا من الآن وحتى العام 2022 بشكل سنوي.

أردنيا، وبحسب تصريحات سابقة لمصادر في وزارة المياه والري، فإن الوزارة "ستمضي بأي مشروع مياه استراتيجي يخدم تأمين الاحتياجات المائية المتزايدة للمملكة ويخفض العجز بين العرض والطلب

سيما وأن مشروعي ناقل البحرين الإقليمي والتحلية المحلي، لن يسدا أيضا العجز المائي الواقع على المملكة بشكل كامل، حيث ستكون الحاجة ملحة مستقبلا للمضي بمرحلتين ثالثة ورابعة لسد ذلك العجز".

ويخطط الأردن للمضي بمشاريع توسعة إضافية لمشاريع تحلية المياه، في الوقت الذي تواجه فيه الطبقات المائية في الأردن إجهادا وخطرا كبيرين.
ويحظى مشروع ناقل البحرين (الأحمر- الميت)

بأولوية لدى البنك الدولي، حيث يقع ضمن أهم التحديات المستمرة لديه، وفق تصريحات سابقة لخبير إدارة مصادر المياه ضمن مجموعة البنك الدولي الدكتور آندريه جاغيرسكوغ.

وسيجني الأردن من المشروع، بحسب الدراسات، 85 مليون متر مكعب من المياه من خلال المرحلة الاولى، إضافة الى أن إطلاق المبادرة سيحافظ على بيئة البحر الميت وتزويده بكمية تصل الى 200 مليون متر مكعب سنويا، وإحداث تنمية شاملة بمنطقة وادي عربة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]