يكتب المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن الإعلان عن تبكير موعد الانتخابات سيقلل من مساحة المناورة أمام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مواجهة الاختبار الأمني المشتعل والمزعج الذي يواجهه - قطاع غزة. من المرجح أن يتفاقم كمين غزة، الذي يطارد نتنياهو منذ فترة طويلة والذي سيؤدي على الأرجح إلى الانهيار المبكر لائتلافه، في ضوء الانتخابات.
لقد شهدت استطلاعات الأسبوع الماضي - بعد جولة التصعيد الأخيرة مع حماس في قطاع غزة واستقالة أفيغدور ليبرمان من وزارة الأمن - بالفعل انخفاضًا ملحوظًا في عدد مقاعد الليكود في الكنيست. هذا على الرغم من حقيقة أنه من الصعب رؤية كيف سينجح أي من منافسي نتنياهو بتشكيل الحكومة.
الرأي العام غير راضٍ عن التعامل مع الأزمة في قطاع غزة، ويبدو أن جزءاً كبيراً من الإسرائيليين يفضلون تلقي الجيش الإسرائيلي لتوجيهات تقضي بانتهاج قبضة قاسية في ردوده على حماس.
ورد نتنياهو على هذه المزاعم من خلال بيان قال فيه إنه كقائد يجب عليه "مواجهة الانتقادات عندما يعرف أشياء سرية لا يمكن مشاركتها مع الجمهور". وقال رئيس الوزراء أيضا إنه يحاول "منع الحرب إذا لم يكن ذلك ضروريا" وأوضح أن الحل الأفضل الذي يمكن التوصل إليه ضد حماس هو الهدوء.
ومع ذلك، فقد تأخرت إسرائيل في معالجة المشكلة الحادة المتعلقة بالهياكل الأساسية المنهارة والظروف المعيشية القاسية في قطاع غزة. وكما كانت غير مكترث بالضائقة الاقتصادية التي واجهها نظام حماس عشية عملية الجرف الصامد في صيف عام 2014 (والتي تسببت إلى حد كبير باندلاع القتال)، فإن حكومة نتنياهو أخرت أي حل شامل للمشكلة بعد الحرب.
لقد كان رئيس الوزراء على علم بخطط إعادة إعمار غزة وتحذيرات وكالات الاستخبارات ضد الانهيار الإنساني هناك، لكن الخوف من أن تستغل حماس التسهيلات لاحتياجاتها العسكرية - وعلى ما يبدو الخوف من انتقاد اليمين لإظهار الضعف في مواجهة الإرهاب - شل أي مبادرة لإيجاد حل. وعندما زادت السلطة الفلسطينية من الضغط الاقتصادي على قطاع غزة من خلال وقف المدفوعات، في بداية العام الحالي، تم دفع حماس إلى الجدار وبدأت بتسخين الجبهة من خلال المظاهرات العنيفة على طول السياج.
إن تدخل المخابرات المصرية، إلى جانب الأموال والوقود من قطر، يؤدي في كل مرة إلى وقف جولات التصعيد في الأشهر الأخيرة. ومع ذلك، لا يزال يتعين التوصل إلى حل أوسع. هناك خلافات بين إسرائيل وحماس حول قضية أسرى الحرب والمفقودين الإسرائيليين في قطاع غزة، ووتيرة تنفيذ مشاريع البنية التحتية، ونطاقها ومستوى الإشراف عليها. وبدون ترتيب ملزم، يتضمن الالتزام بوقف إطلاق النار على المدى الطويل، سوف تستمر المظاهرات كما حدث في نهاية الأسبوع الماضي. لقد علمتنا الأسابيع القليلة الماضية أنه سيكون هناك دائما العديد من الحوادث التي يمكن أن تشعل النار.
ويزداد كمين نتنياهو سوءا لأن الانضباط الذي كاد يسمح به لنفسه، حين كانت حكومته مستقرة نسبيا، يصبح أكثر صعوبة أثناء المنافسة في الانتخابات، حين يحاصره خصومه وينتقدونه، من اليسار واليمين. التسوية الكاملة مع حماس سيعرضها المعارضون لها كاستسلام آخر للإرهاب. واستمرار الوضع الراهن يعني التعرض للهجمات الصاروخية، بأعذار مختلفة، كل بضعة أسابيع، في حين ستطارده صور الذعر والغضب في مستوطنات غلاف غزة، طوال الحملة (وقد أصبحت احتجاجات سكان الجنوب العاصفة ضد الحكومة أكثر اتساعا مما كانت عليه في الأشهر السابقة). لكن نتنياهو يتردد في خوض حرب مع حماس، خوفا من أن تطول، وتسبب خسائر ولا تحقق أهدافها المعلنة.
لقد تم جر نتنياهو، مرتين في الماضي، في عملية عامود السحاب في عام 2012، وفي الجرف الصامد بعد عامين، إلى حرب في غزة، في ظل انتقاد عام للتخلي عن سكان غلاف غزة. في كلتا الحالتين، أصدرت حكومتان مختلفتان يرأسهما أوامر إلى الجيش بتشديد إجراءاته العسكرية ضد حماس بعد تدهور أمني على حدود غزة. وفي كلتاهما، جرت الانتخابات بعد بضعة أشهر من العمليات في قطاع غزة. هذه المرة، من المرجح أن تجري الحملة الانتخابية في ظل الوضع الأمني المتردي.
في هذه الساحة هناك لاعب مهم آخر، الفلسطينيون. منذ عدة أيام تحتفل حماس والجهاد الإسلامي باستقالة ليبرمان، ونسبتا إلى نفسيهما سقوط حكومة نتنياهو الرابعة وتسوقان لسكان قطاع غزة رواية انتصار على إسرائيل. إن إظهار الغطرسة هو أمر خطير بالنسبة لهم، لأنه من الممكن أن يدفع رؤساء المنظمات الفلسطينية إلى المزيد من الاستفزازات العسكرية لإسرائيل، الأمر الذي سيجبرها في النهاية على الرد بشكل أكثر حدة.
في الواقع الحالي، مع تزايد فرص الانتخابات في الخلفية، فإن الاعتبارات الأمنية والسياسية تختلط أكثر من الأوقات العادية. لقد بدا رئيس الوزراء بالفعل بتجنيد الجيش للدفاع عنه. ويوم الخميس الماضي، أجبر، بشكل استثنائي، رئيس الأركان، غادي إيزنكوت، وقائد المنطقة الجنوبية، هرتسي هليفي، على الانضمام إليه في اجتماع مع رؤساء السلطات المحلية في الجنوب.
الصورة التي ظهر فيها نتنياهو، والوزراء والضباط من جهة، ورؤساء المجالس المحلية من جهة أخرى، خلال نقاش كان فيه معظم الحاضرين من رجال السياسة، بصرف النظر عن العسكريين، تعتبر استثنائية. والأمر الأكثر استثنائيا هو حقيقة أن مكتب رئيس الوزراء اختار أن يخلد لحظة يتحدث فيها ايزنكوت، وليس نتنياهو، ويصغي إليه الجميع.
المشاركون في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، والذي تم فيه مناقشة القرارات المتعلقة بغزة، يقولون إن هذا هو الحال الذي ساد طوال جزء كبير من الاجتماع. إذا افترضنا أنه سيتم تبكير موعد الانتخابات، فمن المحتمل أن يزيد اعتماد رئيس الوزراء على الجنرالات - ومعه أيضاً صوره "في الميدان"، بملابس تشبه الزي العسكري الرسمي، بمشاركة رجال الجيش.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]