تراجعت الأحزاب العربيّة الوطنيّة في عدد من البلدات العربية، منها ام الفحم والناصرة خاصة، التي عوّل قياديو الأحزاب فيها محاولة إسقاط علي سلام عن رئاسة بلدية الناصرة، الّا ان النتائج أثبتت عكس ذلك.

هذا التراجع للأحزاب ليس الأولّ بل هو تراكمي، والسؤال الذي يطرح: هل إنعدمت الثقة بين المواطنين والأحزاب وما سبب ذلك وكيف يمكن معالجة الأمور؟

د. ثابت أبو راس قال بحديثه مع بكرا:" للسلطات المحلية العربية اهمية قصوى في حياة المواطنين العرب ليس فقط بكونها تقوم بتقديم الخدمات للمواطن بشكل مباشر بل لكونها المشغل الاكبر والرابط بين السلطة المركزية والمواطن.

الزيادة الطفيفة في عدد ممثلي الاحزاب الذين نجحوا في انتخابات السلطات المحلية الأخيرة لن تنجح بالتستر على حقيقة ان الاحزاب والحركات السياسية العربية في تراجع مستمر في تأثيرها على المستوى المحلي امام العائلية والطائفية وفي علاقتها مع المواطن العربي في البلاد".

وأضاف:" الأحزاب السياسية والتي من واجبها العمل على تسييس المجتمع ورفع وعيه لحقوقه ولقضاياه المطلبية اصبحت تعزف عن القيام في هذا الدور لأسباب عدة. لقد اضعف تركيز الاحزاب على النشاط السياسي في الكنيست من دورها في التأثير على المستوى المحلي وتركت هذا الامر لممثلي العائلات, العشائر والطوائف المختلفة. هناك اسباب عدة لكن الاهم ان الاحزاب لا تعمل على تسييس المجتمع كما فعلت قبل اكثر من ثلاثين عاما وتخاف احيانا من التصادم مع العائلات كي لا تخسرها وتخسر دعمها في انتخابات الكنيست".

وأوضح أبو راس، ان تجربة الاحزاب في دعمها للمرشح وليد العفيفي مقابل رئيس البلدية على سلام في الناصرة " تجسد مأساة الأحزاب ومكانتها. كيف يمكن لمرشح واحد التغلب على مرشحي الاحزاب كلها؟ هل يمكن تفسير ذلك سوى بابتعاد الاحزاب السياسية عن الناس وقضاياها على المستوى المحلي؟ للحقيقة فان تصويت اهل الناصرة جاء ضد الاحزاب وسلوكها وخاصة الجبهة المحلية وليس دعما لعلي سلام. والأنكى من ذلك هو تنافس الاحزاب احيانا فيما بينها حتى لو ادى ذلك الى صعود مرشح عائلي كما حدث في شفاعمرو ويستطيع استقطاب الطوائف المختلفة الامر الطبيعي والذي من الواجب ان تقوم به الاحزاب نفسها".

وختم كلامه قائلا:" حلّ القضية يكمن في رد الاعتبار للأحزاب وان تقوم بدورها في تثقيف المجتمع والتعاون فيما بينها لدحر العائلية والتعصب العائلي".

الإنتخابات المحليّة هي مؤشر جيد لفحص مدى تواصل الأحزاب مع القواعد الشعبيّة في المجتمع العربي

من جانبه، قال مدير مركز المساواة والمجتمع المشترك في چفعات حبيبة - محمد دراوشة لـبكرا:" الإنتخابات المحليّة هي مؤشر جيد لفحص مدى تواصل الأحزاب مع القواعد الشعبيّة في المجتمع العربي.يمكن قراءة النتائج، وخاصة في البلدات والمحاور الرئيسية كتراجع في تأثير خطاب الأحزاب وقياداتها، امام تاثير الخطاب المحلي وقياداته. القيادات المحلية اقرب للمواطن وأقرب لكسب ثقته من القيادات الحزبية القطرية".

وزاد:" احدى الطرق لتعود الأحزاب لكسب ثقة المواطنين هو تبني هذه القيادات المحلية بدل محاولة مواجهتها. كل بلدة تفرز شبابها وقياداتها كل جولة انتخابات، وهؤلاء يرغبون في الارتقاء في سلم القيادة القطري. لا يمكن لمجموعة صغيرة من موظفي الأحزاب ان تدوم كالقوة المسيطرة المانعة لدخول كوادر وطاقات جديدة".

وأنهى كلامه قائلا:" أضف الى ذلك أهمية التجاوب مع مطلب العناية في القضايا الاقتصادية الاجتماعية اكثر من الخطاب القومجي او الخطاب الشعاراتي.ولا بدّ من ذكر قضية الحاجة الى التمثيل الجغرافي وليس التركيز على تمثيل بلدات عينية تحظى بتمثيل أكبر بكثير من حجمها الطبيعي والسكّاني".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]