تعيش كافة المدن والقرى العربية في البلاد (باستثناء الطيبة) أجواء الانتخابات المحلية، وفي حين أن الانتخابات ببعض البلدات تجرى على خلفية حزبية، ما زالت معظم البلدات العربية تجري انتخاباتها وفق معايير عائلية قبلية. وفي السنوات الأخيرة، وبسبب منافسة عدة مرشحين من نفس العائلة، باتت العائلات تجري انتخابات داخلية "برايمرز" لاختيار مرشحها العائلي المناسب.

وفي الشارع العربي، هنالك تباين حول هذا الموضوع، بين من يعتبره عبارة عن اضفاء الطابع الديمقراطي على العائلية ومن يعتبره عبارة عن تشويه للديقمراطية.

البرايمرز تقوم بتقليص الفرص للشخصيات الاجتماعية
المحامي والعامل الاجتماعي والناشط سعيد خطيب قال في هذا السياق: " البرايمرز هي انتخابات التي تكون بشكل عام داخل العائلات الكبيرة على اساس اختيار والتوافق على مرشح عائلي واحد. الطريقة الذي يتم اختيار المرشح بها، هي طريقة ديمراقطية اذ انه يتم التصويت على المرشح بشكل ديمقراطي لكنه من جانب اخر هو يقوي مصطلح العائلة في مدننا وقرنا فتصبح هذه العائلة كالجسم الحاكم والمهيمن ويضع حدود للاشخاص والشخصيات في مجتمعنا الذين يريدون ان يتنافسوا بشكل حر ومتساوي على كرسي الرئاسة وبالتالي فان هذا النهج هو ديمقراطي لكنه يخدم العائلية. الجانب السيء في هذه الظاهرة يتمثل بتقليص ومنع شخصيات اجتماعية من القرى والبلدة على المنافسة على كرسي الرئاسة فقط لانهم لا ينتمون الى عائلة كبيرة فالمنع هنا يسبب بتقليص الفرص، اذ ان العائلة تقول بشكل غير مباشر لكل من لا ينتمي لذات العائلة الكبيرة " لن يكون لديك امل بالفوز فقط لانك لا تنتمي لعائلة كبيرة وهذا نهج غير ديمقراطي بتاتًا".

جوهر ظاهرة البرايمرز خاطئ
بدوره تحدث احمد ابو احمد لمراسل موقع "بكرا" حول الموضوع قائلًا: " من الواضح ان البرايمرز او المرشح التابع لعائلة معينة ليس بالشيء الجيد لكن هذا لا يقول ان المرشح ذاته هو سيء، لكن جوهر الظاهر هو الخطأ، فاذا كان يتبع لبلدة معينة والمعروف وجود عائلة كبيرة في هذه البلدة فضمنًا يستطيع هذا المرشح ان يفوز بالرئاسة لكن من الممكن ان هذا الرئيس لا يعرف الكثير عن كيفية العمل وان يقوم بدوره الرئاسي بشكل جيد". 

الظاهرة تجلب المشاكل
واضاف احمد: "نحن نرى ما يحدث في المدن والقرى ومن التجارب التي نراها استطيع القول بان الوضع العام يكشف كيف ان هذه الظاهرة هي سيئة وتسبب المشاكل، انا بشكل شخصي لا اتذكر انه كان هنالك نجاح لمرشح من عائلات كبيرة". 

ديمقراطية لكن ليست بضرورة صحيحة
واختتم قائلُا: "يوجد سلبيات وايجابيات لهذه الظاهرة فمن جانب المسار هو ديمقراطي لان الاغلبية من عائلة واحدة قامت بالتصويت واختيار مرشح لها وهذا ما يُعتبر ديمقراطيًا لكن هذه الديمقراطية ليست بالضرورية صحيحة. من الممكن ان هنالك مرشح عائلي قد قام بالفعل بفائدة للبلد لكن على حسب معرفتي لا اتذكر مرشحًا كهذا لاي بلد". 

الانتماء العائلي هو امر ايجابي ولكنه يتحول سلبي عندما نتعامل معه لمصالح شخصية
من جانبها قالت كاملة طيّون عضو في السكرتارية القطرية للجبهة الديمقراطية :"البرايمرز او الانتخابات التمهيدية هي آلية ديمقراطيّة، ولكن استعمالها من أجل ترتيب القوائم العائليّة هو أمر مضحك، لأن العائليّة والحمائليّة ظواهر أبعد ما تكون عن الديمقراطيّة، حيث أنها تعتمد على حس عنصري وانتماءات ضيّقة، وتذوّت مفاهيم رجعيّة." 

"إن الانتماء للعائلة هو أمر ايجابي وجميل، ولكنه يتحوّل الى أمر سلبي عندما نتعامل معه على أنه معيار لمدى ملائمة الشخص لأي وظيفة أو منصب .كما أن التّعامل بحسب أسس حمائليّة او طائفيّة يعتمد أساسًا على مصالح شخصيّة وانتفاعات وصفاقات، وهذا بحد ذاته يتناقض مع أسس الديمقراطيّة السّليمة".

لسنا نحن من اخترنا عائلاتنا

واختتمت قائلة: "علينا أن لا ننسى أننا جميعًا لم نختار عائلاتنا، وبالتّالي من غير المعقول أن يتم الحكم علينا بناءً على انتماءاتنا الضّيقة الّتي لم نختارها أصلًا."

البرايمرز هو اسلوب غير مقبول ولا يحمي العائلات الصغيرة
الناشط سعيد حواري تطرق ايضًا هو للموضوع قائلًا: " برايمرز العائلات هو اجتماع لكل ذكور كل عائلة كبيره وانتخاب شخص للمنافسه على رئاسة المجلس البلدي (الزعامه) في نظرهم والفائز بالانتخابات داخل العائله ينافس على رئاسة المجلس البلدي وكل العائله مجبره بان تصوت له وتدعمه، هذه الطريقه وهذا الاسلوب غير مقبول على الديمقراطيه لانه لا يحمي العائلات الصغير بل العائله الكبيره حتما هي من سيفوز بل وهي تذويت للعائليه وللعصبيه القبليه داخل مجتمعنا في الداخل الفلسطيني".

الاتخابات العائلية هي مرحلة انتقالية
بدورها عقبت سماح سلايمة الناشطة النسويه وعضو إئتلاف صوتك قوة سماح سلايمة على هذه الظاهرة قائلة: "الانتخابات
التمهيدية العائلية هي برأيي مرحله انتقالية من العائلية المطلقة للدمقراطية الحقيقية .معظم الشباب والنساء في العائلات المتخلفة يعارضون فكرة العائلية والحمائل والقبائل في داخلهم، ولا يستطيعون تنظيم قوائم بديلة بعد. لذالك فكرة التشاور والانتخابات المسبقه تعد حلاً وسطاً يشعر فيه التقدميين ان هناك سيرورة مختلفه هذه المرة في الانتخابات وتتيح لهم المشاركة.من جهة اخرى هذه اشارة ان رؤساء و"رجال" العائله الكبار وبقايا المخاتير في حاراتها العربية. مستعدون للتغير ولو الضئيل للحفاظ على النفوذ السياسي المحلي والقوه الانتخابيه، لذلك انتخابات تمهيدية داخليه قد تتيح ذالك".


ما هو دور النساء ؟


واضافت سماح: "يبقى السؤال برأيي ما هو دور النساء في هذا الحراك وكيف تندمج الناشطات من الإناث في اتخاذ القرارات والترتيبات. وكم تملك النساء والشباب من تأثير على ترتيب القوائم الانتخابيه فعلاً."
لا زلنا بعيدين عن الانتخابات الديمقراطية

واختتمت قائلة: "السبب الثاني الذي يدعو برأيي الى تغيير طرق اختيار المرشحين، هو فشل الأحزاب السياسة في احياء الحراك السياسي الحزبي في المدن والقرى العربيه ولَم يستطع تبديل السياسيات المحليه العائلية والغاءها في المجتمع العربي. لذالك تبنت العائلات ملامح شكليه مثل الانتخابات التمهيدية داخل الأسرة الواحدة لتصبغ نفسها بصبغه ديمقراطية شرعيه.
من جهه التطور الحالي يوحي برغبة الشارع بتغيير سيرورة الانتخابات التقليدية العائلية ، ومن جهه نحن كمجتمع لا زلنا بعيدين عن انتخابات ديمقراطية حقيقية ننتخب من خلالها ممثلينا من الرجال والنساء الاحق والأنسب لإداراتنا سلطاتنا المحلية".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]