عمر حلمي الغول

في خضم الصراع الدائر مع دولة الإستعمار الإسرائيلية يواصل الشعب الفلسطيني الدفاع عن كل سنتميتر من الأرض الفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران / يونيو 1967 حتى يكنس الإستعمار، ويقيم الدولة الوطنية المستقلة وذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية، ويضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لإبناء شعبنا في دولة إسرائيل.

ولن يتوقف الصراع بكل الوسائل والأشكال الكفاحية والسياسية والديبلوماسية والإقتصادية والثقافية والقانونية فإما الإستقلال الناجز والمشرف، واما مواصلة الصراع حتى تحقيق الأهداف الوطنية كاملة غير منقوصة. وهذا ليس شعارا، ولا بيانا سياسيا، انما هو قراءة للوحة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المتواصلة منذ ما يزيد على السبعين عاما.

ولعل ما أملى التأكيد على الموقف الراسخ والثابت في مواجهة دولة الإستعمار الإسرائيلية، هو قرار المحكمة الإسرائيلية العليا القاضي بطرد سكان تجمع الخان الأحمر في القدس، وهدم البيوت والمدرسة المتواضعة للإطفال الفلسطينيين البدو. الذي لم يأت (القرار) بالصدفة، أو ردة فعل على قرار قيادة منظمة التحرير بمنع الهدم وطرد المواطنين الفلسطينيين العزل من أرض الأباء والأجداد، بل جاء في أعقاب فشل الإدارة الإستعمارية ( المدنية) وجيش الموت الإسرائيلي في تحقيق هدف تصفية وهدم التجمع البدوي بطرق الإحتيال والمناورة وشراء الذمم. لا سيما وان تجمع الخان يشكل نقطة إرتكاز للهيمنة الإسرائيلية على شمال غرب القدس لإكمال عملية قطع الطريق للتواصل بين العاصمة الفلسطينية وباقي مدن الضفة الفلسطينية، وإستكمال عملية التهويد والضم للعاصمة الفلسطينية الأبدية، وبالتالي تصفية التسوية السياسية بشكل كلي، عبر تصفية الوجود المادي والفيزيائي للشعب الفلسطيني.

كما وتعتبر عملية التطهير العرقي للفلسطينيين من تجمعهم البدوي، الذي يقيموا فيه منذ عشرات السنين ترجمة مباشرة لقانون "الأساس القومية"، الذي عمد بشكل صارخ خيار التطهير القديم الجديد، وجزءا مكملا لما يسمى صفقة القرن الأميركية، التي تتبنى الخيار الإستعماري الإسرائيلي لمواصلة عملية التطهير العرقي الشامل اللاحقة للكل الفلسطيني عبر تنفيذ سياسة الترانسفير الإسرائيلية.

وبالعودة لقرار المحكمة العليا الإستعماري نلحظ بشكل عميق الترابط بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية الإسرائيلية. حيث يقف القضاء الإسرائيلي جنبا إلى جنب مع جرائم الحرب، التي تنفذها الحكومة ومؤسساتها العسكرية والأمنية والإقتصادية والدينية والثقافية ضد المصالح والحقوق الوطنية الفلسطينية لبلوغ الأهداف الإسرائيلية الناظمة للعملية الإستعمارية المتمثلة بالسيطرة الكاملة على فلسطين التاريخية، وبلوغ بناء دولة "إسرائيل الكاملة" على فلسطين التاريخية كلها، وهذا يعتبر بمثابة الخطة الإستعمارية الإستراتيجية الثانية من المشروع الصهيوني الكولونيالي الأم/ الأساس.

ومن خلال التتبع اليومي للسلوك الإستعماري الإسرائيلي، نلحظ انه لا يوجد في السياسة الإسرائيلية الإستعمارية خطوة مهما كانت صغيرة دون هدف، ودون ربطها بما سبقها من خطوات، وبما سيليها من عمليات تطهيرية ضد الشعب الفلسطيني ومصالحه العليا.

ومع ذلك فإن الشعب العربي الفلسطيني وقيادته الشرعية سيقف بالمرصاد لعملية الهدم في الخان الأحمر وغيرها من القرى والمدن الفلسطينية. ولن يكف عن مواجهة جرائم الحرب الإسرائيلية على الأرض في الميدان من خلال التخندق في خنادق الدفاع عن حقوق ابناء شعبنا لإرغام حكومة نتنياهو على التراجع والإذعان أمام إرادة الشعب الفلسطيني المتفولذة، وعبر النضال السياسي والديبلوماسي في المنابر والهيئات العربية والإقليمية والدولية وخاصة الأمم المتحدة ومنظماتها ذات الإختصاص، وفي محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية وحيثما إقتضت الضرورة لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين.

ويمكن التأكيد ان قرار المحكمة الإسرائيلية العليا لن يمر إلآ على جثث الفلسطينيين، لإن إرادة البقاء والتجذر في الأرض والوطن الفلسطيني، الذي لا وطن لنا غيره، المترابطة جدليا مع قرارات الإجماع الوطني في دورات المجالس المركزية ال 27 و28 و29 ودورة المجلس الوطني ال 23، وبالإستناد إلى دعم الأشقاء والأصدقاء الأمميين بما في ذلك داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه ستنتصر على إرادة الإستعمار الإسرائيلية الأميركية.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]