بعد طول انتظار، صدر عن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة للتحقيق في الانتهاكات المُرتكبة في اليمن تقريره الأول ، وفيه اتهام واضح ومباشر للسعودية والإمارات العربية المتحدة والحكومة اليمنية المدعومة من التحالف السعودي بارتكاب أعمال ترقى إلى جرائم الحرب.

ويشير التقرير المؤلف من واحد وأربعين صفحة إلى أن الغارات الجوية للتحالف تسببّت في معظم الإصابات المباشرة بين المدنيين، "فهي استهدفت المناطق السكنية والأسواق والجنازات وحفلات الزفاف ومرافق الاحتجاز والقوارب المدنية وحتى المرافق الطبية"، واستناداً إلى الحوادث التي تحقّق منها فريق الخبراء الأممي، فإن هذا الفريق توصّل إلى استنتاجات ترجّح الاعتقاد بأن "الأفراد في الحكومة اليمنية والائتلاف قد يكونوا قد شنّوا هجمات في انتهاك لمبادئ التمييز والتناسب والاحتياطات التي قد تصل إلى حد جرائم الحرب.

وجاء في التقرير:

- لدى فريق الخبراء أسباب معقولة للاعتقاد بأن حكومات اليمن والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية مسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الحرمان غير المشروع من الحق في الحياة والاحتجاز التعسّفي والاغتصاب والتعذيب وسوء المعاملة والاختفاء القسري وتجنيد الأطفال والانتهاكات الخطيرة لحرية التعبير والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا سيما الحق في مستوى معيشي لائق والحق في الصحة.

- لدى فريق الخبراء أسباب معقولة للاعتقاد بأن سلطات الأمر الواقع مسؤولة في المجالات التي تمارس سيطرة فعلية عليها، عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة وتجنيد الأطفال والقيود الخطيرة على حرية التعبير والاعتقاد.

- لدى المجموعة أسباب معقولة للاعتقاد بأن أطراف النزاع المسلح في اليمن قد ارتكبت عدداً كبيراً من انتهاكات القانون الإنساني الدولي.

ورهنا بقرار من محكمة مستقلة ومختصة:

(أ) قد يكون الأفراد في الحكومة والتحالف، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، قد شنوا هجمات في انتهاك لمبادئ التمييز والتناسب والاحتياطات التي قد تصل إلى حد جرائم الحرب،

(ب) ارتكب الأفراد في الحكومة والتحالف، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أفعالا قد تصل إلى حد جرائم الحرب، بما في ذلك المعاملة القاسية والتعذيب، والاعتداء على الكرامة الشخصية والاغتصاب والتجنيد أو تجنيد الأطفال دون سن الرشد من 15 أو استخدامها للمشاركة بنشاط في الأعمال العدائية.

وجاء في التقرير الأممي أن الائتلاف الذي تقوده السعودية "فرض قيوداً بحرية وجوية صارمة في اليمن وبدرجات متفاوتة منذ آذار مارس 2015"، وقال التقرير إن "هناك أسباب معقولة للاعتقاد بأن هذه القيود التي فرضها الائتلاف تشكل انتهاكاً لقاعدة التناسب في القانون الدولي الإنساني، علاوة على ذلك، يعتبر الإغلاق الفعلي لمطار صنعاء انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني لحماية المرضى والجرحى وقد تكون هذه الأفعال بمثابة جرائم دولية".

وجاء في التقرير الأممي أن التحقيقات التي أجراها فريق الخبراء تؤكّد حصول اعتقال تعسفي على نطاق واسع في جميع أنحاء البلد وإساءة المعاملة والتعذيب في بعض المرافق ، وفي معظم الحالات لم يتم إبلاغ المحتجزين بأسباب اعتقالهم أو توجيه الاتهام إليهم أو منعهم من الاتصال بمحامين أو قاضٍ واحتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي لفترات طويلة أو غير محدّدة، والبعض لا يزال في عداد المفقودين.

وأضاف: لدى الخبراء أسباب معقولة للاعتقاد بأنه منذ أيلول سبتمبر 2014 قامت أطراف النزاع في اليمن بالحد من الحق في حرية التعبير، واجه المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون مضايقات وتهديدات وشنّ حملات لا هوادة فيها من قِبَل الحكومة اليمنية وقوات التحالف بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وسلطات الأمر الواقع في تجاهل صارِخ لقانون حقوق الإنسان، كما استهدفت سلطات الأمر الواقع البهائيين.

ونقل خبراء الأمم المتحدة ضحايا وعن شهود وصفوا للفريق الأممي "استمرار السلوك العدواني الواسع الانتشار بما في ذلك العنف الجنسي الذي ترتكبه قوات الحزام الأمني وأفراد الإمارات العربية المتحدة، ومن الأمثلة على ذلك الاغتصاب للرجال والنساء والعنف الجنسي ضد الأشخاص المشرّدين والمهاجرين والفئات الضعيفة الأخرى".

وتلقّى فريق الخبراء معلومات جوهرية تشير إلى أن الحكومة اليمنية والقوات المدعومة من قوات التحالف وقوات الحوثي صالح قد جنّدوا أو جنّدوا الأطفال في القوات أو الجماعات المسلحة واستخدموهم للمشاركة بنشاط في الأعمال العدائية، وفي معظم الحالات، كان عمر الأطفال بين 11 و 17 سنة، ولكن هناك تقارير ثابتة عن تجنيد أو استخدام أطفال لا تتجاوز أعمارهم 8 سنوات.

وأكد تقرير خبراء الأمم المتحدة أن المسؤولية القانونية الأساسية عن معالجة هذه الانتهاكات والجرائم تقع على عاتق حكومة اليمن "التي تتحمّل واجب حماية الأشخاص الخاضعين لولايتها القضائية".

وتوصّل الفريق الأممي الى استناج بأن العديد من الأحزاب التي تقاتل في تعز كانت مسؤولة عن الضحايا المدنيين، ويساور القلق بشكل خاص لأن هذا الاستخدام في بيئة حضرية هو أمر عشوائي، ومع ذلك، فإن انهيار المسؤولية عن الضحايا المدنيين في تعز يتطلب مزيداً من التحقيق، كما يشير التقرير الأممي.

وتقع المسؤولية القانونية الأولية عن التصدّي لهذه الانتهاكات والجرائم على عاتق الحكومة التي تتحمّل واجب حماية الأشخاص الخاضعين لولايتها القضائية، وتقع على عاتق جميع الدول الأطراف في النزاع، بما في ذلك اليمن والدول الأعضاء في التحالف، مسؤولية التحقيق في الانتهاكات التي ترقى إلى مستوى الجرائم التي يرتكبها مواطنوها وقواتهم المسلّحة.

ويتحدّث التقرير الأممي عن عمل "لجنة التحقيق الوطنية"، التي أنشأتها حكومة الرئيس عبد ربو منصور هادي للتحقيق في الانتهاكات في اليمن، ويقول التقرير إن التعاون بين الحكومة (مقرّها عدن) والتحالف يبقى سطحياً مع هذه الهيئة وأن هذه الهيئة "ليست هيئة مستقلة واستنتاجاتها لا تحتوي على تفاصيل كافية ولا توجد آلية لضمان تنفيذ التوصيات".

وأوصى فريق الخبراء المجتمع الدولي بما في ذلك جامعة الدول العربية بتعزيز الجهود التي يقودها المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن من أجل وقف الأعمال القتالية والوصول إلى سلام مُستدام وشامل وضمان المساءلة عن الانتهاكات والجرائم الخطيرة، وبالامتناع عن توفير الأسلحة التي يمكن استخدامها في النزاع في اليمن.

كما يوصي الفريق مجلس حقوق الإنسان بما يلي:

(أ) ضمان بقاء وضع حقوق الإنسان في اليمن على جدول أعماله بتجديد ولاية فريق الخبراء.

(ب) حثّ مجلس الأمن على التأكيد على الأبعاد المتعلّقة بحقوق الإنسان في النزاع في اليمن والحاجة إلى ضمان عدم إفلات الجناة من أخطر الجرائم من العقاب.

المصدر: الميادين

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]