"لقد اطلقوا النار على ارجلهم"، كتب بن درور يميني، المنجّس الوطني، في الصفحة الاولى في "يديعوت احرونوت" بعد المظاهرة التي نظمتها لجنة المتابعة للجماهير العربية مع العديد من منظمات المجتمع المدني، يوم السبت الماضي. فكرت أنه يجدر القول: يكفي اتقاء طلقات يميني وطلقات زملائه الموجهة الى قلب النزاع من اجل السلام والمساواة والديمقراطية، وحمدا لله.

الاشارة لبدء الحرب على المظاهرة أُعطيت قبل ساعات من بدايتها في مساء يوم السبت. ليئات ريغف المذيعة في "كان ب" التي كما يبدو لبسها عفريت العلم الفلسطيني، حرصت في بداية كل سؤال ووسطه وفي بداية السؤال التالي، على ذكر العلم الفلسطيني، الذي قد يتم رفعه في المظاهرة. هكذا كانت الامور عندما اجرت مقابلة مع ناشر "هآرتس"، عاموس شوكن ومع مازن غنايم، رئيس لجنة رؤساء المجالس العربية.
بعد ذلك، وكجزء من "حملة العلم" قصد مراسل "كان ب" ميدان رابين في تل ابيب، من اجل اصطياد الاعلام الفلسطينية. هنا علم وهناك علم آخر وهناك ثالث. مبروك! لقد تم انقاذ شعب اسرائيل! "كان ب" كشفت الوجه الحقيقي للمتظاهرين: لقد تبين أن الكثير منهم فلسطينيين.
الهجوم المشترك على المظاهرة لم يكن صدفة، ويمكن بسهولة تخيل أن على شكل جلسة الطاقم الامني، التي بحثت أمر الهجوم على غزة، عقدت في المقابل جلسة طاقم أمني آخر لإعداد هجوم مشابه على المظاهرة التي اخذت شعبيتها تتسع في اوساط العرب واليهود على حد سواء، ومن بينهم حتى اعضاء من الحزب الاحتياطي لليمين العنصري: حزب آفي غباي وتسيبي لفني.
ازاء هذا الهجوم تمنيت أن لا يقوم رون خولدائي، رئيس بلدية تل أبيب، بإضاءة مبنى البلدية بألوان العلم الفلسطيني. تخيلوا أن يقوم احد الجنرالات الذين سيطر عليهم عفريت العلم، كما حدث مع ليئات ريغف، بتفجير مبنى البلدية مثلما فعل الجيش الاسرائيلي بمبنى آخر في غزة قبل بضعة ايام، وآنذاك سيضطر خولدائي لإدارة شؤون البلدية من خيمة على الرصيف.
في المقابل فكرت أنه في الوقت الذي ينشغل فيه اليمين بشكل كبير بالعلم الفلسطيني فإنه يساهم، دون ان يدري، بإعطائه الشرعية داخل اسرائيل، حين يتعمق النقاش بهذا الشأن. هذا ما حدث لمصطلح "النكبة". بقدر ما عمل اليمين على استئصال هذا المفهوم بقدر ما تجذر في الخطاب العام.
مسارات التاريخ متعرجة. لقد اراد منظمو المظاهرة التركيز على قانون القومية، فجاء اليمين ليطلب وضع الوراق كلها على الطاولة، اليمين يرد لعبًا مفتوحًا. أهلا وسهلا. ففي هذه الدولة حتى عندما تريد أن تناقش جودة الكوسا لدى العرب يجب عليك اظهار الاخلاص للدولة القومية، عليك شتم العلم الفلسطيني وتحريف التاريخ لكي يتناسب مع الرواية الصهيونية.
إذا نحن مستعدون للتحاسب امام التاريخ: سجلوا امامكم – تحت هذا العلم ذي الألوان الأربعة لم تدمّر 500 قرية يهودية ولم يتم طرد مئات الآلاف منها.
ولكن مع الاحترام لقوة وتأثير اصحاب قانون القومية والادوات التي بحوزتهم – من صحف وقنوات اذاعة وتلفزيون – فهم في نهاية الامر من ابناء الماضي. إنهم يظهرون بائسين أمام الجمال الطبيعي المتدفق مثل المياه الصافية في شوارع تل ابيب. نعم، كان ذلك خلاصة الجمال، عندما سار العرب من النقب بملابسهم التقليدية وبرؤوس مرفوعة الى جانب شباب عرب ويهود وأنشدوا بالعبرية والعربية من أجل المساواة والحرية. نعم، يوم السبت الماضي التفاؤل غمر تل ابيب.
بعد سبعين سنة قام جمهور يهودي عربي واسع جدا، ليقرر انه أن الوان للوحدة في الامور الجوهرية. هذا الجمهور خرج من الصندوق. لقد ملّ أنه في كل مرة قلنا إنه يجب ان تتشابك أيدي اليهود والعرب، تم استلال كل الاختلافات في الرأي منذ الأزل.
نعم لقد ولد جيل جديد، الوحدة بين الشعوب بالنسبة له هي اكثر الامور مفهومة ضمنًا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]