نعى اليمين الإسرائيلي بكافة فئاته وانتماءاته انتقال الديمقراطية في إسرائيل إلى رحمته تعالى، وتم دفنها الساعة الثالثة قبل الفجر وسط جو من الانتصار والتباهي رغم حجم الكارثة وأبعادها، وهذا يوم مشهود إذ دخل سجل التاريخ!
حضر مراسيم الدفن المجتمع الدوليّ على شاشة التلفزة، ومن جهة ثانية عمّ الحزن والأسى في صفوف اليسار عامة والمجتمع العربي تحديدًا كونه المتضرر الأكبر، والذي سيدفع ثمنا غاليا وباهظا من جرّائه.
هذا القانون الذي شرعته الكنيست يقضي بأنّ إسرائيل دولة قومية يهودية، أي ليست دولة لكل مواطنيها، يعني الإعلان عن موت الديمقراطية. لم يكن الأمر مفاجئًا رغم معارضة المستشار القانوني للحكومة والكنيست والمنافي لوعد بلفور الذي دعا إلى عدم المس بحقوق الأقليات، ويعمل هذا القانون أيضا على تعميق سياسة التمييز والمس باللغة العربية والتقليل من مكانتها كلغة رسمية إلى لغة ذات وضع خاص. إنّه بلوى حقيقيّة بكل بساطة سلِّطت على شعب آخر وجرّدته من أبسط حقوقه الإنسانية المشروعة، وكشف الوجه الحقيقي لليمين المتطرف ونواياه.

هذا القانون سلبي بما تعني هذه الكلمة من معنى، ولا يخدم مصلحة إسرائيل بأي شكل من الأشكال على كل الأصعدة والمستويات؛ داخليا وأمام المجتمع الدولي أحدث وسيحدث ضجة إعلامية وسيحتل صدارة وسائل الإعلام العالمية والمحلية على مدار الساعة، وأسمح لنفسي بأن أصفه بزلزال وثورة سياسية.
ممّا يثر السخرية هو ذلك الاعتقاد السائد لليمين أن مجرد منح المواطنين العرب حق ممارسة الانتخاب، وتمتّعهم بحرية التنقل والدخول للجامعات وإشغال المناصب والعمل في بعض المؤسسات فهذا يعني وجود ديمقراطية ومساواة، كما يمنح هذا القانون الحق في اتفاقيات التعاون مع الاتحاد الأوروبي، إنّه تشريع تفوح منه رائحة التطرف والعنصرية التي تجاوزت كل الخطوط، ويشكل أكبر خطر على الديمقراطية، ويمس بالعلاقات بين الأقليات والدولة، إنّه قرار سياسي خاطئ وغير حكيم، أبعاده ونتائجه وخيمة، وسيخلف وينمّى الحقد والكراهية والتطرف.

أعربت الطائفة المعروفية في إسرائيل، بشكل واضح وصريح، عن قلقها واستنكارها العارم وغضبها الشديد نتيجة هذا القانون، ووصفته بخطوة عنصرية تمس جميع الأقليات، وقد قدّم أعضاء البرلمان حمد عمار وأكرم حسون وصالح صالح التماسا لمحكمة العدل العليا بهدف محاولة إبطاله والطعن بشرعيّته، كذلك أصدرت لجنة المبادرة الدرزية بيانًا عبرت من خلاله عن استنكارها وشجبها له، ووصفته بأنه تصعيد عنصري يشكل خطرًا وجوديًّا علينا جميعا.
وعليه على العقلاء ومحبي السلام تحكيم العقل والضمير وإعادة النظر في تطبيق هذا القرار ودعوة المجتمع الدولي للتدخل وعدم الاكتفاء بالتصريحات حتّى يتمّ التراجع عن هذا التشريع.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]