لا زال ملف قتل النساء العربيات في البلاد يقض مضاجع الكثيرين، حيث يتم في كل عام قتل ما يقارب العشرة نساء و60% منهن عربيات و80% من الحالات لا يتم الكشف عن القاتل فبعد كل حادثة تظهر التساؤلات من جديد، لماذا وما الذي حدث حتى تفقد امرأة وام حياتها دون شفقة او رحمة لا سيما بعلم الكثيرين عن التهديدات التي كانت تطالها ولكن دون ان يحرك أي طرف أي ساكن.. وسط تخاذل وتقاعس واضح للشرطة والجهات المخولة.

آخر هذه الظاهرة المؤلمة والموجعة كانت ثلاثة شابات مقبلات على الحياة صغيرات في السن وامهات أيضا، سمر ملاك ونور ثلاثتهن من يافا، وقتلهن كان حتميا وسيأتي وتجمعهن صدفة واحدة وهي ان الجميع كان ينتظر فقط ان يتم القضاء عليهن بما معناه البيئة المحيطة بهن كانت على علم بالتهديدات والخطر الذي كان يترصد بهن، وعلى الرغم من ذلك لم تتوقف ابتسامتهن واقبالهن على الحياة على الرغم من معرفتهن بانهن تحت طائلة الخطر، فاستمرين في الحياة وتحدين الموت الذي غلبهن في النهاية تمثل بمجتمع يشوبه الجهل والتخلف ويثير الاشمئزاز لا سيما عندما يعود قتل النساء في شهر الرحمة شهر رمضان الكريم.

سمر سمارة: كلما ارتفعت حالات قتل النساء ارتفعت نسبة النساء المرشحات للحكم المحلي

الناشطة النسائية والاجتماعية سمر سمارة قالت لـ "بكرا" في هذا السياق: عندما طلب مني للمرة الأولى بالتعقيب على موضوع قتل النساء وبدأت فعلاً بالكتابة استرسلت بالكلام فكان الشجب والاستنكار وتوجيه اصابع الاتهام فقط والى الشرطة وتقاعسها وكيفية تعاملها في قضايانا، واليوم اعود من جديد لأعقب على الموضوع ذاته وكأنه يكون هناك فترة توقف معينة عن قتل النساء قبل العودة الى هذه الظاهرة المقززة.

وتابعت: قتل في الفترة الأخيرة عدة نساء صغيرات في السن ويتضح ان الجميع على علم بأنهن مهددات بالقتل ولكننا بعد الحادثة نعود ونستنكر ونشجب ليس أكثر في حين انه على كل فرد منا ان يتحمل نتيجة الانحلال الأخلاقي الاجتماعي والتفكك الاسري الذي نعيشه، وان نبدأ بالتفكير بعمق بكل ما يحدث حولنا وفي حياتنا اليومية خصوصا فيما يتعلق بالعنف الذي نمارسه ضد بعضنا البعض عدا عن عنف المؤسسة ضدنا بكل مركباتها والعنف الشرطوي الذي يمارس ضد شبابنا.

وأضافت قائلة: كلها ظروف تحيطها العنف من حولنا حتى أصبح القاتل يشرعن لنفسه القتل وحمل السلاح وإطلاق الرصاص في كل مكان وزمان لأنه يعلم جيدا انه ليس هناك من يعاقبه خصوصا في ظل تقاعس الشرطة في التعامل بقضايا المجتمع الفلسطيني في البلاد لا سيما قضايا قتل النساء، لذلك فان القاتل أصبح أكثر اجراماً وثقه بالنفس ويرى بأنه القوي والمسيطر على كل ما يدور من حوله وللأسف اهله ومجتمعه يتفاخرون به على أساس انه يحافظ على شرف العائلة.

ونوهت: حتى نحل هذه المشكلة يجب ان لا ينحصر موضوع قتل النساء ضمن إطار محاربة النساء فقط للظاهرة علما انه مقابل ارتفاع حالات قتل النساء ارتفعت نسبة النساء المرشحات للحكم المحلي في البلاد، وهذا ليس صدفة خصوصا بعد عمل الجمعيات النسائية والداعمة للنساء واتحادهن معا في مشروع "صوتك قوة" الذي بادرت اليه جمعية نساء ضد العنف، لذا علينا ان نتخذ جميعنا من أئمة مساجد وقياديين وسياسيين والمستوى الشعبي الخطوات اللازمة والحادة لمحاربة هذه الظاهرة قبل فوات الأوان.

سماح سلايمة: ما دام اليهودي في أمان، لن يحرك أحدا ساكنا في هذه الدولة

الناشطة النسائية والسياسية ومديرة جمعية "نعم" النسائية سماح سلايمة عقبت بدورها: جرائم قتل النساء الاخيرة في مدينة يافا، وجرائم إطلاق الرصاص، التصفيات والتهديدات المتفشية في المجتمع العربي باعتقادي هي اشارة واضحة على ان مؤشر الأخلاق العام في المجتمع في الحضيض. القيم والمبادئ والثوابت الأخلاقية تنهار الواحدة تلو الاخرى، في ظل الجو العام من التوتر السياسي والتحريض المنظم من قبل أذرع الدولة.

وتابعت: فمن جهة لا يوجد للمواطن العربي والمواطنة العربية تحديداً ثقة في الجهات القانونية، الجهاز القضائي والعدل في دولة اسرائيل. ومن جهة اخرى تفتتت الأعمدة الإنسانية والقيمية داخل المجتمع نفسه. فأصبحت النساء والأطفال وكل المستضعفين مجتمعيا عرضة للابتزاز والاهانة والعنف الذي يصل لدرجة القتل مع سبق الإصرار والترصد.

وقالت: شاهدنا حادثة قتل الطفل في ام الفحم وطعن أختين في يافا حتى الموت وآخر سلسلة الجرائم الرمضانية كانت الجريمة الإيرادات ضحيتها سمر خطيب التي واجهت مع صديقتها وابل من الرصاص في الشارع العام. لم تعد تقتل النساء في البيوت فحسب، بل في الشوارع الرئيسية امام شهود عيان وتحت عدسات الكاميرات دون رقيب او حسيب.

ما يشجع القتلة المأجورين ان احتمالات تملصهم من العقاب باتت عالية جدا في ظل فشل الشرطة المتواصل في اعتقال مشتبهين وحل لغز قضايا القتل في المجتمع العربي. وهذا بحد ذاته في جريمة قتل سمر والتي حظيت بتغطية اعلامية عبرية واسعه وتغطية عربية ضيقة بات واضحاً حتى للطفل الصغير ان تجول مسلحين في شوارع ريشيون لتسيون لا يهم احدا ما دامت دوافعهم لا تتعلق بأمن اليهودي.

ونوهت: قتل العربي لأخته او زوجته او ابنته العربية باسم الذكورية والرجولة الواهية لا يقل بؤساً وخطورة عن رشاش M16 بيد جاهل مجرم يحصد روح شاب عربي لم يبدأ حياته بعد وموته يدمر عائله كامله، ما دام المواطن اليهودي بأمان فلن يحرك أحداً ساكناً في هذه الدولة. هذا النوع من العنصرية المبطنة يقتلنا ويفتك بدمنا ويستبيح ارواح نساءنا وفتياتنا تماماً كما يفعل تاجر أسلحة يعيش بيننا ونستضيفه مكرما على موائدنا الرمضانية المباركة فهو يبني لنفسه قصراً وينخر في كوخ مجتمعنا سراً. وما دام النفاق المجتمعي الرجولي تحديداً يسيِّرنا فلن نر الضوء التقدمي المتحضر قريباً.

وفاء شاهين: صمتنا هو شرعية للجريمة القادمة

الناشطة النسائية وفاء شاهين حدثت "بكرا" بدورها قائلة: قتل عشرة نساء العام الماضي وقتل اربعة نساء منذ بداية العام هي جريمة تحتم علينا كنساء وكمجتمع باسره الخروج عن صمتنا ومناهضة جرائم قتل النساء فصمتنا هو شرعية للجريمة القادمة.

ونوهت: من المهم مطالبة متخذي القرار بوضع هذه القضية في سلم اولوياتهم وخلق برامج توعوية لمناهضة جرائم العنف وجرائم قتل النساء وخلق اجيال واعية لحقوق الانسان والمساواة الجندرية.

وتابعت: التصدي للجريمة القادمة يبدأ من كل بيت ومن كل مؤسسة ومن كل فرد جاء الوقت بأن ننزل الى الشوارع ونطالب بوقف الجريمة القادمة والشرطة بتحمل المسؤولية.

علا نجمي: محاربة العنف الذي يفتك بنا قضية مجتمعية واعتبرها وطنية بالدرجة الاولى

وعقبت الناشطة علا نجمي يوسف- مديرة مجال القيادة للنساء والشباب في مبادرات صندوق إبراهيم قائلة: آفة العنف تنهش بمجتمعنا من كل حدب وصوب، لا زلنا نتحدث في شعارات ولا نطبق أيًا من ولا نصنع شيئًا يمنع الجريمة القادمة، في كل جريمة قتل للنساء نتسارع ونسأل ماذا فعلت الجمعيات النسوية! نتسابق بألقاء اللوم على الشرطة والمؤسسة ونستثني أنفسنا ومجتمعنا وتربيتنا من التساؤل، محاربة العنف الذي يفتك بنا قضية مجتمعية واعتبرها وطنية بالدرجة الاولى للحفاظ على ما تبقى بنا من إنسانية.

وتابعت: كلنا مسؤولون لمنع الجريمة القادمة مؤسسات الدولة والخدمات الاجتماعية، مؤسسات المجتمع المدني، الشرطة، ونحن كأفراد ايضا مسؤولين كي نمنع الجريمة القادمة يجب تظافر الجهود بين كافة الاطراف الناشطة احيانا نحن نعلم الضحية، نرى نساء معفنات ولا نحرك ساكناً. احيانا نحن نعلم من المجرم ولا نحرك ساكناً، نتهم الشرطة ولا نتعاون معها لمنع الجريمة القادمة، وفي بعض الأحيان نخفي الادلة.

واختتمت نجمي قائلة: منع الجريمة القادمة مسؤوليتنا جميعاً، وتذكروا عندما نرفع يدنا للإشارة بأصبع الاتهام او اللوم على جهة او طرف معين تذكروا ان ثلاث اصابع موجهة نحوكم، يجب وضع المناكفات والتخوين جانباً يجب تضافر الجهود لمنع الجريمة القادمة على المستوى العام والمرأة بشكلٍ خاص.

نائلة عواد: اكثر من 80% من جرائم قتل النساء لا يتم الكشف عن المجرمين

اما الناشطة النسائية نائلة عواد مديرة جمعية "نساء ضد العنف" قالت لـ "بكرا": تقتل كل سنة الأقل عشرة نساء فلسطينيات في البلاد، واكثر من 60% منهن هن عربيات فلسطينيات وللأسف اكثر من 80% من جرائم القتل لا يتم الكشف عن المجرمين، هي سياسة شرطة تجاهنا كأقلية، السلاح منتشر في بلداتنا وقرانا، كل يوم نسمع عن جريمة عنف وقتل، لا يمكن ان نسكت على هذه الجرائم وعلينا مطالبة الشرطة بأن تعمل كل ما بوسعها من اجل توفير الحماية للنساء، النساء اللواتي قتلن الشرطة لم تعمل على حمايتهن، عليها ان توفر الامن والأمان ومنع السلاح المنتشر، وجمعه من بلداتنا حتى نعيش بكرامة.

وتابعت: كما على شعبنا تحمل المسؤولية عندما يرى جرائم عنف وانتهاك لحقوق النساء ان لا يصمت وان يساهم ولا يتغاضى، حولنا كثيرا من النساء المعنفات، لماذا نصمت ولا نحاسب المجرمين، لا يعقل ان نصمت على رؤساء وأعضاء بلديات ومجالس يعتدون ويتحرشون جنسيا ويتولون المناصب هذه كلها انتهاكات قد تصل الى القتل فإذا ساهمنا بعدم المساومة على حق المرأة في العيش الكريم هذا يمنع من ان تتعرض النساء لجرائم القتل وهذا يتطلب وضع خطة تربوية وتعليمية في المدارس وهذا من مسؤولية وزارة التربية والتعليم من خلال أعضاء الكنيست لضمان العيش الكريم والمساواة وتكافئ الفرص لزعزعة المفاهيم الذكورية وهذا أساس التربية في المدارس.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]