شاركت محافظة بنك إسرائيل، د. كرنيت فلوغ، في المؤتمر السنوي لمعهد اهرون للسياسات الاقتصاديّة في المركز متعدّد المجالات هرتسليا، وتمحورت محاضرتها حول السؤال "هل تواجه الحكومة تحدّيات النّمو وتقليص الفقر"، بحيث قالت أنّ الإجابة هي نعم لكن ليس بالشكل الكافي.

وأوضحت المحافظة أنّ الحكومة خطت خطوة كبيرة باتّجاه تقليص عدم المساواة والفقر في السنوات الأخيرة، من خلال تشجيع التشغيل في الجهاز الاقتصادي، الا أنّ معدّلات عدم المساواة في الدخل الصافي ومعدّلات الفقر لا تزال مرتفعة بمقارنة دوليّة، هذا إلى جانب الانتاجيّة المنخفضة.

وأضافت المحافظة أنّ النمو المستدام والشامل هو الطريقة الأمثل لرفع مستوى الحياة لدى الجمهور بكافة مركباته وتقليص الفجوات والفقر. ويلزم النّمو الشامل بناء استراتيجيّة لتشجيع التشغيل لدى كافة المجموعات السكانيّة وبالأخص الرجال الحريديم والنساء العربيّات. ومن أجل زيادة الانتاجيّة بشكل مستمر يجب العمل على رفع مستوى الثروة البشريّة وتقليص الفجوات في المستويات، بما في ذلك المهارات الأساسيّة والقدرات التكنولوجيّة، وكذلك تحسين البنى التحتيّة وبالذات المواصلات العامّة وأيضًا تحسين بيئة الأعمال من خلال تنجيع الإجراءات التنظيميّة وتقليص البيروقراطيّة. إلى جانب كل ذلك، فانّ تقليص الفقر يلزم تخصيص موارد للفئات السكانيّة التي تنخفض نسبة مشاركتها في سوق العمل أو أنّ مستوى الأجور لديها منخفض، ككبار السن وذوي القدرات التشغيليّة المحدودة.

معدّلات الفقر مرتفعة بشكل خاص في أوساط العرب والحريديم، وفي أوساط العائلات التي لا يوجد فيها معيلين، وبخلاف الماضي فانّ الفقر لا يختفي حتى لدى العائلات التي فيها معيلين اثنين.

انخفاض عدم المساواة والفقر نتج عن دخول مجموعات سكانيّة إلى سوق العمل والتي كانت تمتاز بنسب تشغيل منخفضة، وبضمن ذلك النساء العربيّات والرجال الحريديم. لكن رغم الارتفاع في نسب التشغيل لدى هذه المجموعات، لا تزال النسب منخفضة، كما أنّ الارتفاع لدى الرجال الحريديم توقّف في السنوات الأخيرة. الارتفاع في نسب التشغيل لدى المجموعات السكانيّة ذات الدخل المنخفض تنعكس في زيادة عدد العاملين في الأسرة، من 1.1 في بداية سنوات ال-2000 لنحو 1.5 معيل في عام 2016، في حين أنّ الأجر النسبي لم يتغيّر والفجوات في الأجر للساعة بين العمال بقيت مرتفعة جدًّا، أكثر من أي دولة أخرى في OECD.

الدخول إلى سوق العمل من قبل عمّال لا يمتلكون مهارات العمل اللازمة، أي عمّال ذوي أجور منخفضة، أدّى إلى ارتفاع معدّلات الفقر في أوساط العائلات ذات المعيلين الاثنين. في المجتمع العربي 15% من العائلات ذات معيلين اثنين موجودة تحت خط الفقر، وتصل النسبة في أوساط الحريديم إلى 27%. من المهم الإشارة إلى أنّه في قسم من هذه العائلات على الأقل واحد من المعيلين يعمل بوظيفة جزئيّة، في حين أنّ حجم العائلة يتطلب دخلا أكبر للخروج من دائرة الفقر.

ويذكر أنّه في حين أنّ الناتج للفرد ارتفع منذ بداية الألفيّة بوتيرة شبيهة لذلك في دول OECD ومعدّل المشاركة في سوق العمل ارتفع بوتيرة أكبر حتى، الا أنّ الناتج لساعة العمل ارتفع بنسبة معتدلة لا تقلص الفجوة القائمة بين إسرائيل ودول OECD والتي تبلغ نحو 27%.

وبنظرة مستقبليّة فانّ التحدّي لزيادة الانتاجيّة سوف يتعزّز على ضوء التباطؤ المتوقع في التجارة العالميّة والذي سيعيق مواصلة النمو في إسرائيل.

وتعود أسباب الفجوة في الانتاجيّة بين إسرائيل والدول المتقدّمة لثلاثة عوامل: ثروة بشرية أقل جودةً، بنى تحتيّة أقل جودةً وبيئة أعمال غير مريحة. الفجوة في مهارات القراءة والكتابة والقدرات الحسابيّة والعمل في بيئة ديجيتاليّة بين إسرائيل ودول OECD هي بارزة في كل المراحل التعليميّة.

من الواضح أنّ النمو الشامل والمستدام والذي يرتكز على زيادة الإنتاجية سيؤدي إلى رفع مستوى المعيشة وتقليص الفجوات والفقر، وفي سبيل ذلك يتوجب تحسين الثروة البشرية والتأهيل المهني، ودمج الفئات السكانية في سوق العمل بناءً على خطة واضحة وإزالة الحواجز أمام النمو والإنتاجية من خلال التخطيط بعيد المدى وتطوير البنى التحتيّة وبالذات المواصلات العامّة وتقليص البيروقراطية وتعزيز المنافسة وتطبيق إصلاحات في مجال الكهرباء والموانئ والطاقة وصناعة الغاز.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]