مما لا شك فيه أن اقتصاد أي دولة قائما على جملة من العوامل والاعتبارات، والتي قد تتغير من وقت لآخر تبعًا للظروف المحيطة بها، بيد أن نجاح اقتصادها يكمن في مدى تعاطيها مع متغيرات الواقع، وإدارة أزماته، ووضع خطط تساهم في تطوره.

بعد 70عاما، يعتبر الاقتصاد الإسرائيلي واحد من اقتصاديات العالم، مر بمراحل بسيطة جدًّا لنشأته وتطوره، فأخذ يصعد للأعلى بمساعدة دول العالم العربي والغربي له، فضلاً عن فصول من المعاناة والأزمات التي تورط بها بسبب دخوله في حروب مع دول في المنطقة.

فمنذ تأسيسها، شهدت دولة إسرائيل العديد من الأحداث الاقتصادية المثيرة ولكن الحدث الأكثر أهمية حدث في 1 يوليو 1985. حيث خضع الاقتصاد الإسرائيلي لتغيير جذري من الاشتراكية الى الرأسمالية. لكنها بهدف التماشي والتناغم مع الدول المتقدمة في العالم.

الخبير الاقتصادي د. رمزي حلبي حدثنا عن الاقتصاد الاسرائيل بعد مرور سبعون عاما على إقامة الكيان الإسرائيلي واهم المراحل حيث قال: اليوم تعتبر إسرائيل اعجوبة اقتصادية حيث وصلت خلال السبعين عاما وصلت الى إنجازات كبيرة جدا، في المراحل الأولى لقيام الدولة كانت هناك فترات مختلفة منها فترة التقشف وبعد ذلك النمو الاقتصادي السريع وبعدها جاءت فترة من التضخم المالي حتى العام 1985 ولكن منذ ذلك الحين هناك سياسة واضحة تعتمد على عدم رفع التضخم المالي والمحافظة على إطار الميزانية والنمو الاقتصادي ونجاحات كبيرة.

اعجوبة اقتصادية

وتابع حلبي: ممكن ان نقول ان إسرائيل الان هي دولة قوية اقتصاديا وتعتبر دولة في المكان الواحد والعشرون عالميا، وتعتمد في نموها الاقتصادي على الصناعات التقنية العليا او ما يسمى الهايتك لأنها دخلت الى هذا العالم من أوسع الأبواب ونحن لاحظنا ان الشركات الإسرائيلية تم بيعها لشركات عالمية وادخلت أموال طائلة للمستثمرين ولخزينة الدولة.

وأضاف د. حلبي: الامر لا يخلو من مشاكل في الاقتصاد الإسرائيلي، المشكلة الأساسية هي الفجوات الاجتماعية والاقتصادية بين الطبقات الضعيفة والغنية، هذه مشكلة وقد لاحظنا في عام 2011 الاحتجاجات على ارتفاع الاسعار خاصة أسعار السكن ولكن أيضا على الفجوات الاقتصادية والاجتماعية والاستقطاب الاجتماعي، هناك أيضا قضية أخرى وهي ان كثير من الإنتاج الإسرائيلي يصدر الى خارج البلاد بينما الإنتاج المحلي في تراجع معين في قضية نجاعة العمل وما الة هنالك، لذلك يجب الاستثمار أكثر بهذا الموضوع.

الإنتاج في العام 2017 في إسرائيل وصل أكثر من 320 مليار دولار

ونوه: هناك بعض الإنجازات الكبيرة لإسرائيل في مجالات أخرى، مثل الصناعات العسكرية الإسرائيلية التي تعتبر من الصناعات الرائدة في العالم، والزراعة الإسرائيلية التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة وفي حالات كثيرة تصدر الى العالم هذه التكنولوجيا وتعتبر رافعة للاقتصاد الإسرائيلي، لنأخذ بالأرقام ونقول بأن الإنتاج في العام 2017 في إسرائيل وصل اكثر من 320 مليار دولار، وهو انجاز كبير جدا، والإنتاج للفرد الواحد في إسرائيل فهو يصل الى حدود ال40 الف دولار مقارنة بالدول حولنا مثل الأردن التي تنتج 39 مليار دولار فقط ومعدل الانتاج للفرد الواحد يصل حتى 8000 دولار لذلك نرى ان هناك فارق كبير جدا بين النجاحات الاقتصادية الإسرائيلية التي تعتبر اعجوبة مقارنة بدول أخرى. مع الاخذ بعين الاعتبار ان إسرائيل تخصص ما يفوق السبعين مليار شيكل للأمور الأمنية وميزانية الدفاع وهذا يمس ويؤثر في السياسة الاقتصادية والاجتماعية في إسرائيل.

وأشار ل "بكرا": من جانب اخر نرى ان نسبة الفقر في إسرائيل هي نسبة كبيرة جدا مقارنة بدول التعاون الاقتصادي والتنمية، وهناك نقد من قبل هذه المنظمة وصندوق النقد الدولي بان إسرائيل دولة متطورة وغنية وناجحة اقتصاديا ولكن هناك فوارق بين الأغنياء والفقراء وهناك نسبة فقر عالية جدا حيث ان واحد من بين كل ثلاثة أولاد في البلاد هو فقير وهذا يتطلب دعم شريحة العرب في البلاد والمتدينين الأصوليين وهذا يمكن ان يغير هذه المعادلة، ولكن بصورة عاملة إسرائيل هي اعجوبة اقتصادية ونجاح منقطع النظير ولكن مع مشاكل اجتماعية يجب معالجتها.

48% من العائلات العربية موجودة تحت خط الفقر

كما تطرق حلبي في حديثه الى اقتصاد المجتمع العربي حيث قال: المجتمع العربي عندما كان الاقتصاد الإسرائيلي في الماضي يعتمد على الصناعات البسيطة كان الاقتصاد العربي جيد ولكن في العشرين سنة الأخيرة كان هناك تراجع في الاقتصاد العربي بسبب ان إسرائيل تعتمد على صناعات تقنية والعرب يكاد وجودهم في هذه الصناعات يكون ضئيلا جدا بنسبة 3% فقط وهذا بالإضافة الى التمييز في توزيع الميزانيات والموارد نرى ان المجتمع العربي هو مجتمع فقير، حتى اننا نتحدث عن اقتصادين في إسرائيل، الاقتصاد اليهودي الغني والمتطور والاقتصاد العربي الفقير والمتراجع، فعلى سبيل المثال 48% من العائلات العربية موجودة تحت خط الفقر، لكن في السنوات الأخيرة نرى ان هناك نهضة كبيرة جدا في المجتمع العربي من خلال تحسين وضع السلطات المحلية ودمج حوالي 4500 مهندس ومهندسة عربية في الهايتك والدخول الى مجالات جديدة مثل التأمين والصناعات المتقدمة، هناك تغييرات ممكن ان تؤثر في اقتصاده الى الأفضل ولكنني اعتقد انه في الاتجاه الصحيح.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]