انطلقت بعد ظهر اليوم في مدينة سخنين، المظاهرة القُطرية التي دعت إليها لجنة المتابعة تضامنًا مع غزة وأهلها والشهداء والضحايا الذي سقطوا خلال مسيرات العودة التي تنظم في غزة على الحدود منذ الأسبوع الماضي.

ورفعت الأعلام الفلسطينية وبعض الشعارات وصور بعض الشهداء ومنهم الشهيد الصحافي ياسر مرتجى، وشارك قيادات من كافة القوى السياسية، وعدد من المواطنين.

واختتمت المسيرة بمهرجان خطابي تحدث خلاله محمد بركة رئيس لجنة المتابعة، ومازن غنايم رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية وآخرين.

وقال غنايم في كلمته التي وصلتنا نسخة عنها: يا جماهير شعبنا الأبيّ..

ها نحن نلتقي اليوم وهنا, في مدينتكم وعاصمتكم الوطنية سخنين, التي ترحِّب بكم بكل حَميمّيةٍ, بعد نحو أُسبوعٍ من إحيائنا لذكرى يوم الأرض الخالد, ومُشاركة الآلاف في المسيرة والمهرجان المركزي القطري في مدينة عرابة, إضافة الى الفعاليات والنشاطات الأُخرى, التي نُظِّمت بهذه المناسبة الوطنية الوحدوية والكفاحية في المثلث والساحل والنقب, حيث قالتْ جماهيرنا العربية الفلسطينية في البلاد كلمتها وعبَّرتْ عن مواقفها, بكل وُضوح وشَفافية, في شتى الأُمور والقضايا والتحدِّيات المَصيرية التي تواجهها في وطنها, ونحو ما يواجهه الشعب الفلسطيني عموماً وقضيته الوطنية العادلة من مُؤامرات جَليَّة ومُحاولات أُخطبوطيَّة مَكشوفة, هذه المرة, لتصفية حقوق هذا الشعب وتصفية قضيته, كمُحاولاتٍ جديدة – قديمة لإخراج هذا الشعب من دائرة الوُجود والتاريخ..
يومها, وتزامُناً مع إحياء ذكرى يوم الأرض, خَرج عَشرات الآلاف من أبناء الشعب العربي الفلسطيني, من مختلف الفئات الشعبية وفي مختلف أنحاء الوطن والشتات, خصوصاً في قطاع غزة المُحاصَر, في مسيرات وحدوية شعبية سِلمية, تعبيراً عن رفضهم القاطع لكل المؤامرات والمَشاريع التي تُحاك ضد الشعب الفلسطيني وقضيّتِهِ, وتأكيداً على تمسُّكهم بحق العودة, وتجْسيداً رمزياً له, لأن العودة حق طبيعي وأساسي وجوهري, ومن أُسس القضية الفلسطينية وسيرورتها, على أن تستمر وتتصاعَد مسيرات العودة الكُبرى حتى "ذكرى النكبة الكُبرى" في 15 أيار القادم..
لكن تلك المَسيرات, برَمْزيتها ومعانيها وسِلميتها وتأثيرها, قَضَّتْ مَضاجِع المُؤسسة الإسرائيلية وكَشَفتْ عن هَشاشتِها ورُعْبِها, عندما تحرَّكتْ إرادة هذا الشعب الحيّ, فارتكبَ جيش الإحتلال الاسرائيلي يومها مَجزرة مُروِّعة بحق الشعب الفلسطيني, خُصوصاً في قطاع غزة, وتكررت هذه المجازر يوم أمس أيضاً وهي ما زالت متواصلة, حيث سقط عشرات الشهداء ومئات الجرحى, كضَحايا للعُدوانية الاسرائيلية, بدمٍ باردٍ, وبِغطاء أمريكيّ وَقح, أمام مَرْأى العالم كُلِهِ, وبصمتٍ مُريبٍ من القريبِ والبعيِد..!؟
إننا اليوم هنا, مَعاً ومُوَحَّدين, وكجزء حيّ من الشعب الفلسطيني ومن قضيته العادلة, لنقول " لا ", وبما يتجاوّز مجرَّد الإستنكار والتنديد والاحتجاج والرفض..!؟
إنَّ المجزرة الدموية الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني مُستمرِّة ومُتواصِلة مُنذ ما قبل " النكبة الكُبرى" الى اليوم, وإن المجزرة السياسية والحُقوقية والإنسانية والوُجودية ضد هذا الشعب لم تتوقَّف, بل تتصاعد, ومَنْ يعتقد أنه من الممكن أن ننسى أو نصمت أو نَسْتَكين فهو واهِم..‼؟؟
إننا اليوم بصدد إحدى أخطر مَراحل القضية الفلسطينية, وأكثرها مَصيريةً, فإضافةً الى تَكالُب الأعداء على هذه القضية وشعبها, لا سيَّما الاسرائيلي والأمريكي, فقد أُضيف إليهم بعض العرب والمُسْتَعربين, لا سيّما من بعض دول الخليج..‼ وما يَزيد الطين بِلَّة في مُواجهة هذه المخاطر, هو مَواصَلَه عار الإنقسام والإحتراب الفلسطيني الداخلي, الذي ينبغي أن يتوقَّف فوراً, بل أن يتعدّى ذلك الى تعزيز الوحدة الوطنية الكِفاحية الحقيقية, كمقدِّمة مُؤَسِّسَة لمُواجَهة مُجْمَل هذه المَخاطر والتحدِّيات..
فلا يمكن أن تجري مُقاومَة ما يتهدّد القدس, وما تعنيه في جوهر القضية الفلسطينية, في ظِلّ هذا الإنقسام..!؟ ولا يمكن أن يتحقَّق تضامُن عربي ودولي وإنساني عالمي مع الشعب الفلسطيني في واقع هذا الإنقسام البائِس وغير المُبَرَّر..!؟
ولا يمكن مواجَهة الاحتلال والاستيطان والتهويد والمجازر, ولا تحقيق التحرُّر والحرية والاستقلال والسِّيادَة على أرض الوطن, ولا تَجْسيد العودة كحق, في واقع الانقسام الفلسطيني الأسْوَد, والخِلافات التي تجاوَزَتْ الإختلافات..‼؟؟ فلا يمكن إنتظار الخَلاص من الأخرين, مهما بَلَغ تضامنهم وصدقهم ودعمهم, لأنَّ الإعتماد على الذات الجماعية كان وما زال وسيبقى هو الأساس وهو الخَلاص..
إننا ندعو بل نطالب, لا الى إجراء تحقيق دوليّ في المجازر المُرْتَكَبة ضد الشعب الفلسطيني عموماً, وفي غزة خُصوصاً, لأنها واضِحَة المعالِم والمَلامِح, بل الى مُعاقبة المُجْرِم وداعِميه, والى توفيرِ الحماية الحقيقية للشعب الفلسطيني, والى تطبيق فوري وعادل وشَفّاف لما تبقِّى من قرارات وشرعية دولية, إذا ما أراد المجتمع الدولي فِعلاً أن يُساهِم في إنجاز سلام عادل وشامل وحقيقي, بحيث لا يمكن لأمريكا وبريطانيا, على وجه الخُصوص, أن يحْتَكِرا وَيْرعَيا أي عملية سلام حقيقية لأنهما مُنحازان, بل طَرف مُعادٍ..‼‼
إننا أيضا ندعو الشعب الفلسطيني, بكل فِئاته وأحزابه وفصائله, الى مواجهة مَصيرهِ وبناء مُستقبله وصناعة حريته بالإعتماد على ذاته ووحدته وإرادته, مهما بَلغتْ رَداءَة الظروف وضَعْف الإمكانات, فالتاريخ لا يُصْنع إلاَّ بتفعيل الإرادَة القادِرَة والقديرة, وهذا هو مَصير ومَسار الشعوب الحيَّة, كالشعب الفلسطيني, ولا بُدّ له أن ينتصِر, مهما بَلغتْ الآلام, وقد بات هذا الانتصارُ قريباً, حتى لو بَدا ذلك بَعيداً..‼

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]