تشهد الأراضي المحتلة منذ صباح اليوم مسيرات عودة ونشاطات واحتجاجات مختلفة بمناسبة ذكرى يوم الأرض راح على أثرها عدد من الشهداء فضلا عن المواجهات المستمر بين القوات الإسرائيلية والمتظاهرين، وقد بدأت أيضا مسيرات احياء الذكرى في الداخل الفلسطيني حيث ستكون هناك مسيرة مركزية في عرابة ومسيرات مختلفة في النقب وبلدات أخرى.

ونظرا الى استمرار الكيان الإسرائيلي بذات المسببات التي أدت الى اندلاع يوم الأرض قبل اثنين واربعون عاما، أكد أكاديميون وصحفيون بان احياء الذكرى يتم من عام الى اخر ولا يؤقى الى المستوى المطلوب او مستوى الحداث، خصوصا في الداخل مشيرين الى التقصير في أداء الأحزاب والقوى الوطنية الفاعلة على الساحة السياسية.

محمد أبو مهادي: نستذكر شهداء يوم الأرض وصمود الفلسطينيين فيها

المحلل السياسي الفلسطيني والصحفي محمد أبو مهادي عقب قائلا: علاقة الفلسطيني بالأرض هي علاقة عضوية متجددة باستمرار باعتبارها جذر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. الفلسطينيون في كل عام يحيون يوم الأرض كدلالة رمزية على قدسية الأرض في وجدان كل الفلسطينيين على اختلاف مناطق تواجدهم، يستذكرون بلداتهم التي هجّروا منها عنوة ويعيدون إلى اذهان العالم سيرة شعب تعرض لمختلف انواع الجرائم على أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي، يستحضرون مجازر التطهير التي نفذتها عصابات الهاجانا وشتيرن وتواطؤ الاستعمار البريطاني الذي وفّر الحماية لهذه الجرائم.

وتابع: اسرائيل حاولت بشكل مستمر شطب موضوع الارض واللجوء من وعي الشعب الفلسطيني، لكن واقع المأساة والظلم والبحث عن الهوية الوطنية يعيد الفلسطينيين دائما إلى جذور المشكلة وهي الاحتلال، وفي كل مرة تسقط مشاريع الشطب ويحافظ الفلسطيني على حلمه.
واختتم: ما زال صدى توفيق زياد وتوفيق طوبي واميل حبيبي يتردد في عقل أبناء الشعب الفلسطيني، ويستذكرون مع هذا الصوت شهداء يوم الأرض وصمود الفلسطينيين فيها.

التحدي هو نقل روايتنا وتاريخنا للأجيال الجديدة لمواصلة النضال

شرف حسان رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم في المجتمع العربي عقب من جانبه قائلا: نحن نحيي ذكرى يوم الارض ليس فقط كحدث تاريخي واحياء لذكرى الشهداء بل كجرح مفتوح فما زالت ممارسات وسياسيات مصادرة الارض والتهجير والاقتلاع تجري يومياً. فكل عائلة عربية لها جزء في هذه القضية الكبيرة. ورغم ذلك فان هناك فجوة بين عدد المتضررين واعداد المشاركين في الفعاليات النضالية. فالتفاعل مع النضالات الجماعية والايام النضالية يجب ان يكون اضخم ان كان ذلك محليا او قطرياً، مع الاشارة الى مشاركة عشرات الاف احيانا في المظاهرات القطرية والفعاليات المحلية. ومن المتابعة هذا العام لهذه النشاطات فاعتقد ان هناك ازدياد في عدد الفعاليات واعداد المشاركين.

وتابع: ارى ان القضية المركزية اليوم هي نقل القضية للأجيال القادمة. فبعد سبعين عاما على النكبة فالجيل الثالث والرابع بعيد عن احداث النكبة ونخشى ان لا تنقل روايتنا وتاريخنا الشفوي وايامنا النضالية ومعانيها وكذلك القصص الشخصية لكل عائلة وعائلة للأجيال الجديدة خصوصاً ان هذه المواضيع مغيبة عن مناهج وكتب التدريس. ولكن تغييبها عن كتب التدريس لا تعني ان لا تتعاطى مدراسنا ومعلمينا مع هذه القضايا الجوهرية في حياتنا وتاريخنا. ولا اقصد هنا تنظيم نشاطات لمرة واحدة وتخصيص حصص منفردة لكل مناسبة. فهذا مهم. ولكن الاهم ان تكون هذه القضايا جزء لا يتجزأ من عملية تربوية مستمرة. وتقوم لجنة متابعة التعليم العربي سنوياً بحث المدارس واقسام التربية والتعليم والسلطات المحلية العربية لأخذ دور في هذه المجال. ونقوم بتوزيع مواد وفعاليات ونقدم المشورة لكل من هو معني بتطوير برامج حول يوم الارض وقضايا الهوية. هذا العام قمنا باقتراح جديد بان تقوم المدارس بمشاريع بحثية بقوم من خلالها بتوثيق الطلاب لتاريخ وقصص العائلة حول قضايا الارض والنكبة بواسطة لقاءات موثقة مع الاجداد ونسعى لتطوير برنامج متكامل حول هذه الموضوع. ومثلج للصدر الترحيب من قبل الكثير من المعلمين بفكرة "قصة عيلتنا" التربوي التوثيقي. ونحن بصدد تطوير برنامج متكامل يشمل تطوير ادوات تربوية حول "وظيفة الجذور" كي يساهم في توثيق التاريخ الشفوي والتربية للهوية وللقيم ودمج الاهل بشكل سليم في العملية التربوية وكجزء من مشروع تربوي يهدف الى بناء طالب مثقف وباحث عن المعرفة يعتز بانتمائه ويحمل قضية. مبادرات كهذه من شأنها ان تحول مدارسنا الى مؤسسات تربوية رائدة ومتفاعلة مع مجتمعها وشعبها تربي للقيم.

هي سياسة، تجاهل المعلم كل ما يدور حوله وكأن المدرسة والطلاب على كوكب آخر

ونوه قائلا وموجها رسالة الى المربي: جوهر واساس التربية الحقة ان يعالج المربي/ة مع طلابه هموم شعبه ومجتمعه. بدون ذلك يسيطر الاغتراب بين الطلاب والمدرسين والمؤسسات التربوية وبين هذه المؤسسات والمجتمع وتتحول المدارس الى مجرد مصنع للعلامات تربي جيلا بدون انتماء وساحة اخرى للعنف. ويتحول المعلم/ة الى مجرد اداة ببد المؤسسة لتمرير مادة محددة له. القضية ليست كتب ومناهج تعليم فقط (التي نناضل لتغير جذرياً) بل بالأساس وعي المعلمين والمدراء والقيادات التربوية في كل بلد. المعلم/ة الجيد والمثقف والملتزم بإمكانه ان يحول اسوأ مادة وأكثرها تزييفا الى فرصة حقيقية للتربية النقدية وتعلم ما تخفيه.

واختتم: ان يتجاهل المعلم كل ما يدور من حوله ويستمر في تمرير المادة وكأن المدرسة والطلاب على كوكب اخر، لا يعني انه لا "يتدخل" بالسياسة او انه محايد، بل هذه هي السياسة بعينها. ولكنها ليست سياسة المقهور بل القاهر المهيمن. يعني انه اختار ان يربي لاستمرار الوضع القائم الذي نناضل لتغييره. ان تكون معلمة حقيقيا يعني ان تكون مثقفا وواعيا و"راس كبير" وان تعلم بالأساس الطلاب ان يسألوا الاسئلة وان يبحثوا عن الاجوبة ليس فقط في الكتب المدرسية والمادة المحددة لنا بل في كل مكان بما في ذلك عند ابائهم وامهاتهم واجدادهم وجداتهم. بالذات في قضايا الارض والهوية والتاريخ.

وائل عمري: النشاطات المقررة لا ترقى للحدث

القيادي في التجمع وائل عمري قال بدوره معقبا ل "بكرا": هناك دور مهم للقوى السياسية واللجان الشعبية بأحياء كل المناسبات الوطنية وخصوصا مناسبة يوم الأرض لان يوم الأرض هو يوم فلسطيني لعرب ال 48 بامتياز بالرغم من انه أصبح يوم عالمي يحييه الشعب الفلسطيني في العالم كله على أساس ان الكيان الصهيوني يحاول سلخ الفلسطينيين من ارضهم من خلال قوانين مختلفة عنصرية وغير منطقية وتظهر الطابع الاستيطاني والكولينيالي لإسرائيل.

وتابع: نحن بدورنا طالبنا بلدية الناصرة بإصدار منشور حول المناسبة وقد أصدرته كما طالبنا من لجان أولياء أمور الطلاب ان يتم التحدث عن يوم الأرض في المدارس ولكن بسبب العطلة الرسمية التي صادفت بيوم الأرض تأجل ذلك الى حين عودتهم، ونحن سنشارك في الفعاليات التي اقرتها المتابعة، علما ان النشاطات المقررة لا ترقى للحدث ويجب مضاعفة النشاط من اجل إقامة مهرجانات ندوات وفعاليات في جميع القرى والمدن العربية وخصوصا في الناصرة بهدف رفع الوعي لدى الجيل الصاعد الذي لم يواكب يوم الأرض ولا يعرف امرا عنه وهذه المناسبة هامة جدا خصوصا ان أسباب يوم الأرض لا زالت قائمة، مصادرة الأراضي وهدم البيوت جميع ذلك مستمر بزخم اكبر ما يحتم علينا ان نتكاثف سوية، وحتى في الأحزاب نحن مقصرين علينا القيام بفعاليات وزيادة النشاطات حتى نثبت اننا باقون على العهد وان نوفي للشهداء حقهم وان نثبت لإسرائيل اننا لم ننسى يوم الأرض ولا أسباب اندلاع الاحداث حينها.

نضال عثمان: تراجع بالأداء الحزبي والقوى السياسية

نضال عثمان رئيس الائتلاف لمناهضة العنصرية انتقد أداء القوى والأحزاب السياسية في السنوات الأخيرة وقال: يوم الارض الخالد في الذاكرة التاريخية لشعبنا في الداخل وفي كل مكان كملحمة ومعركة انتصرت فيها الجماهير العربية بمنع مصادرة اراضي في مثلث يوم الارض سخنين عرابة ودير حنا. تبلور وعي الجمهور بالأساس بسبب دور الأحزاب السياسية بداية الحزب الشيوعي والجبهة وبعدها الأحزاب الأخرى.

وتابع: هناك تراجع بدور الأحزاب بالسنوات الاخيرة مما أدى إلى تراجع بنسبة الوعي وذلك إضافة لاهتمام الأطفال والشباب في مواضيع كثيرة أخرى من خلال تطور وسائل الإعلام وعرض الكم الهائل من المضامين التي تغيب حالة الوعي وتؤثر عليها. هناك حاجة لدور ريادي أكثر للأحزاب السياسية ولمؤسسات المجتمع المدني، إلا أن هذه المؤسسات لا تستطيع باي شكل استبدال الأحزاب والسلطات المحلية في عملية رفع الوعي.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]