تم الغاء مناقصات شراء الشقق في الحي الجديد في كفار فرديم حيث تبين أن الاغلبية من المتقدمين هم من العرب وهذا ما يرفضه رئيس المجلس الذي يقول إنه أمين على الطابع اليهودي للبلدة.

يمكن تفهم سكان كفار فرديم. لقد اعتقدوا أن الحديث يدور عن بلدة ذات جودة بيئية عالية، وهناك سيحظون بالأشجار والازهار والهواء الجبلي النقي والسماء الصافية. ولكن، وبدون اعلان مسبق، ها هي العروبة تظهر لهم في كل مكان تطأ أقدامهم به، حتى الصخور تتحدث العربية. لذلك نقول للعنصريين من سكان كفار فرديم: الوسيط، أي الدولة، خدعكم. ومواطن يحافظ على القانون عندما يخدعه وكيل السفر، مثلا حين يتعهد ببركة سباحة في الفندق وبصعوبة يجد هناك حمام، فانه يقوم بتقديم شكوى ضد هذا الوكيل، وينتقل الى فندق آخر ويلزم شركة السفر بتعويضه.
فماذا تنتظرون اذا، يا اخوتي العنصريين الذين لا يوافقون على أن يشتري العرب اراضي في المشروع السكني الجديد الذي انشأه المجلس؟ قوموا بحزم حقائبكم وعودوا الى مركز البلاد فهناك يمكنكم المطالبة بالتعويض من الدولة ومن كل من تعهد لكم ببلدة تجذب "سكان ميسورين" من مركز البلاد، وبدلًا من ذلك وجدتم عرب، عرب، عرب. حقا إنه أمر محبط.

جيد أن رئيس المجلس سيفان يحئيلي أوقف المناقصات العتيدة فورًا، لأنه "مؤتمن على الحفاظ على الطابع الصهيوني – اليهودي – العلماني للبلدة"، كما جاء في "هآرتس". بعد ذلك يقولون لك إن الصهيونية ليست عنصرية. يبدو أن الانذال قد غيروا مفهوم العنصرية دون ابلاغنا بذلك. وفي القاموس الجديد، فالتمييز ضد العرب ليس عنصرية، بل جودة حياة.
ولكن ماذا سيفعل العرب عندما لا تقوم الدولة بتخصيص اراض للبناء لهم، وجزء من اراضي ترشيحا مثلا يقع في حدود منطقة نفوذ كفار فرديم؟ وأن عددًا من المسجلين للمشروع تنطبق عليهم صفة "سكان ميسورين": اطباء، مهندسون، محامون. بل وحتى يستخدمون الشوكة والسكين عندما يجلسون على طاولة الطعام، ولا يبدون مثل "القرد الذي نزل للتو عن الشجرة"، كما قال دافيد ليفي متألمًا من توجه المؤسسة الإسرائيلية الى اليهود الشرقيين.
ونوضح ايضا لرئيس المجلس الصهيوني أن ستيف فارتهايمر، من مؤسسي القرية، طالب بأن لا تسمّى البلدة وشوارعها على اسم شخصيات عامة، بل على أسماء ورود واشجار وأودية وجبال. فارتهايمر رجل عظيم. فبالاسماء سعى الى التوحيد بين عنصرين من عناصر الطبيعة، الانسان والبيئة، وأحلامه هذه تتلاءم مع الواقع الفلسطيني، المليء بأسماء النباتات والاشجار وكل ما تعطيه الارض الطيبة للإنسان.
وحسب ما يقول ميرون بنفنستي في كتابه "حلم الصبار الابيض"، "الثراء المتكامل في الاسماء التي اطلقها العرب على الاماكن مدهش في جماله وحساسيته للمشهد الطبيعي ودقة التمييز واختيار الصور". عفوا، افكاري ذهبت للحظة الى "طلعة العبهرية"، وهو الاسم الفلسطيني للطلعة نحو طبعون من جهة حيفا. حتى عندما اكون بعيدا من هناك تبقى في أنفي الرائحة المسكرة لشجرة العبهرة. الاسم تم قمعه وربما ايضا رائحته.
ما يقف امام الدولة اليهودية الأثنية اليهودية هو العربي، الذي لسوء حظه فان مجرد وجوده يشكل عائقا في الطريق الى تحقيق برنامجها. الصهاينة المعتدلون خفضوا سقف الطموحات، وكل ما يريدونه هو اغلبية يهودية في الدولة. ولكن المسألة التي لم تحل بعد هي ما المقصود بأغلبية يهودية؟ في البداية فهمنا أن القصد هو اغلبية يهودية في كل الدولة، وبعد ذلك تطور الأمر الى اغلبية يهودية في الجليل، وبعد ذلك في النقب ايضا، و"الخير لقدام" – حتى على مستوى المدينة، القرية، وبعد قليل نصل الى مستوى العائلة.
هيا نأمل أن لا تتسلل الى الأذن الحساسة للقائمين على إحصاء العرب الشائعة أنه في قرية يافة الناصرة، المكان الذي اعيش فيه، نسبة العرب تبلغ مئة في المئة، ويبدؤون في التفكير بشأن توازن ديمغرافي محلي. والويل لي اذا عرفوا أنني، أنا عودة بشارات، مئة في المئة عربي، فربما يفكر شخص ما بحقني بمصل جينيّ من اجل التوازن الديمغرافي. لكن بصفتي شخص متفائل، لا اعتقد أننا سنصل الى هذه المرحلة.
نشر في هآرتس أيضأ
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]