افتتح مدى الكرمل - المركز العربي للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة، مؤتمره السنوي لعام 2018 تحت عنوان "الفلسطينيون في إسرائيل والثورات العربيّة -إسقاطات وانعكاسات"، اليوم السبت، في "دار الثقافة-المركز الجماهيري" في شفاعمرو، بمشاركة عدد من الأكاديميين والسياسيين والناشطين والاجتماعيين.

افتتح المؤتمر صباح اليوم بترحيب من خالد عنبتاوي، منسق مشروع الرصد السياسي في مدى الكرمل، ومن أمين عنبتاوي رئيس بلديّة شفاعمرو، كما رحبت بروفيسور نادرة شلهوب – كيفوركيان، رئيسة الهيئة الاداريّة لمدى الكرمل بالحضور وأوضحت رؤية المركز للمؤتمر. وقدم د. مهند مصطفى، المدير العام لمدى الكرمل محاضرة افتتاحيّة بعنوان "الفلسطينيّون في إسرائيل والثورات العربيّة - اسقاطات داخلية"، وعرض نتائج استطلاع رأي حول مواقف الجمهور العربي في اسرائيل من الثورات العربيّة.

وجاءت بعض نتائج الاستطلاع على الشكل التالي:

المحرك الأساسي وراء اندلاع الثورات العربية:

1. الاستبداد والظلم في أنظمة الحكم العربية – 37%
2. الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية – 22%
3. تدخلات خارجية خططت للثورات ووجهتها – 37%
4. آخر – 4%

السبب الذي أدى إلى تعثر الثورات العربية ووصولها إلى ما آلت اليه اليوم:

1. قمع الأنظمة للثورات وعدم تمكينها من تحقيق أهدافها – 12%
2. قلة التنظيم السياسي للثورة وغياب القيادة لها – 21%
3. التدخل الأجنبي في الثورات العربية – 46%
4. غياب البديل السياسي الديمقراطي الجدي للأنظمة العربية – 17%
5. آخر – 4%

الحل السياسي للخروج من الأزمة السورية:

1. تغيير النظام السوري الحالي والتحول نحو نظام جديد ديمقراطي – 55%
2. بقاء النظام السوري وعودة سيطرته على البلاد – 31%
3. تقسيم سوريا طائفيا الى دويلات – 3%
4. إقامة نظام حكم إسلامي في سوريا – 4%
5. آخر – 7%

المسؤول المركزي (بالدرجة الأولى) عن تدهور الأوضاع إلى حرب أهلية وطائفية في سوريا:

1. النظام السوري وقمعه للثورة - 21%
2. المعارضة السورية وغياب تنظيمها – 5%
3. التدخل الأجنبي الإقليمي والدولي في الشأن السوري – 46%
4. الحركات الدينية المتطرفة مثل داعش او جبهة النصرة – 22%
5. آخر – 7%

الموقف من دور وموقع الدين في المجال العام (المدارس المؤسسات الثقافة):
1. أرى انه يجب أن يكون للدين دور هام في المجتمع الى جانب أفكار اخرى – 49%
2. أرى أنه لا يجب ان يكون للدين دور في المجال العام ويجب حصره في الجانب الشخصي – 37%
3. أرى انه يجب أن يكون للدين دور حصري (وحيد) في المجتمع – 13%
4. اخر - 1%

كما ان الاستطلاع شمل كذلك اسئلة لتبيان رؤية المجتمع العربي لنتائج واسقاطات تعثر الثورات العربية على المجتمع الفلسطيني في الداخل- اجتماعيا وسياسيا.

يذكر ان المؤتمر مكوّن من ثلاث جلسات، يقدّم المشاركون فيها أوراقهم. الجلسة الأولى بعنوان "اسقاطات الثورات العربيّة على الحالة السياسية والاجتماعية للفلسطينيين في إسرائيل" يشترك بها د. يسري خيرزان ووديع عواودة وربيع عيد ويرأسها بروفسور محمود يزبك. اما الجلسة الثانية فهي بعنوان "الثورات العربية والشباب الفلسطيني: انعكاسات في المواقف، النشاط والتواصل الاجتماعي" تشترك بها د. هامة ابو كشك واحمد سعد وسهير أسعد ويترأسها د. رامز عيد. وأما الجلسة الثالثة، وهي جلسة حوارية، وهي بعنوان "مواقف الأحزاب من الثورات العربيّة واسقاطاتها على المجتمع الفلسطيني في الداخل" يشترك بها مندوبون عن الاحزاب يشارك بها النواب جمال زحالقة ومسعود غنايم وجميل صفوري وترأسها الاعلامية سناء حمودة. يذكر ان النائب ايمن عودة اعتذر عن المشاركة ليلة المؤتمر.

اجرى الاستطلاع معهد ستات نت على عيّنة 300 شخص من كافة شرائح المجتمع العربي داخل اسرائيل.

وديع عواودة: هذه قراءات وانطباعات لا تستند لأي استطلاع رأي وقد كتبت قبل شهرين من الاستطلاع التي سيكشف عنها اليوم.

وفي مداخلته قال الصحفي وديع عواودة، حول الربيع العربي ونتائج الاستطلاه، أن " الربيع العربي " ومخاطر تصحر السياسة العربية في إسرائيل

أولا : هذه قراءات وانطباعات لا تستند لأي استطلاع رأي وقد كتبت قبل شهرين من الاستطلاع التي سيكشف عنها اليوم.

ثانيا : لم تنعكس الأفكار الديموقراطية التي حملها " الربيع العربي " منذ نشوبه في 2011 على السياسة العربية وفعالياتها لا في ساحة الحكم المحلي ولا بالحلبة السياسية القطرية الله ربما ساهم في زيادة الوعي للمطالبة بوجوه جديدة في مؤسسات وقوائم مرشحي الأحزاب العربية( الجبهة،التجمع والحركة الإسلامية الشق الجنوبي).

ثالثا : بالمقابل أثّر " الربيع العربي " بنتائجه وخواتيمه علينا تأثيرا سلبيا ضمنيا من عدة نواح منها في الناحية الاجتماعية : زيادة التوترات الطائفية تحت سطح الماء.
وفي الناحية السياسية : تعميق الخلافات السياسية بين الأحزاب والتيارات خاصة حول ما تشهده سوريا وتقليص هامش التعاون في النضال المشترك لمواجهة تحديات إسرائيلية ( التمييز العنصري والتهويد بكل أشكالهما) وتحديات ومسؤوليات ذاتية( مواجهة العنف وحوادث العمل والسير وغيره).
مؤثرات سلبية على السياسة العربية
أ. الابتعاد عن العمل السياسي والجماعي : اعتقد أن المؤثر السياسي الأخطر لـ " الربيع العربي " هو تعميق عزوف المواطنين العرب عن السياسة التي زادت شيطنتها والإساءة لجوهرها وصورتها.
ثمة عوامل عميقة متراكمة خلف ظاهرة العزوف عن السياسة داخل المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل بشكل عام رغم أن المعطيات والمشاكل والتحديات على الأرض تستدعي النهوض في السياسة، منها ما يتعلق بالسياسة والسياسيين : عدم جدوى العمل السياسي بالمستوى المطلوب في الناحيتين المطلبية الحياتية والسياسية خاصة ونحن قد وضعنا معظم الطاقات والذخائر في السلة البرلمانية،ارتفاع منسوب النرجسية والخلافات الشخصية والحزبية وانتقالها لداخل الحزب الواحد بعد تشكيل " المشتركة " في 2014 وخوضها انتخابات الكنيست في 2015.
كذلك فإن اعتلاء اليمين المتطرف المتشدد منذ 2009 وهو يرجح جهارا نهارا الهوية اليهودية على القيم الديموقراطية ما زال يصعد في قبضته الحديدية تجاه المجتمع العربي وتحوله من الاحتواء للاستعداء السافر بل للممارسة العنصرية المباشرة ( وفق معطيات مركز عدالة : تم تشريع أكثر من 50 قانون غير ديموقراطي منذ 2009) وهذا تسبب بنوع من الخوف والتراجع خاصة أن حكومة نتنياهو تحاول تنمية قيادات عربية بديلة،اقتصادية لا سياسية خاصة من جهة الحكم المحلي. هذا ناهيك عن الوضع الفلسطيني المحزن وغيره . لكن لا شك أن هنالك تأثيرات سلبية لـ " الربيع العربي" على السياسة العربية : في ظل خيبة الأمل وتحول " الربيع العربي " لإسلامي والصدمات الناجمة عن الأحداث القاسية والمشاهد المرعبة التي أدخلها الإعلام لبيوتنا قد امتصت الحماسة للعمل الجماعي وتراجع الأمل بالسياسة بتغيير الواقع وكل ذلك نتيجة التأثير السلبي على الوعي. هذا انهيار جديد ترك انعكاسات سلبية على الساحة الفلسطينية بشكل عام كما جرى في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي في نهاية ثمانينيات القرن الماضي.
عوارض الظاهرة:
يتجلى تراجع العمل السياسي العربي في إسرائيل في عدة عوارض أبرزها ضعف الاحتجاجات على حظر الحركة الإسلامية الشمالية في نوفمبر 2015 واعتقال قائدها حتى داخل معقلها،مدينة أم الفحم وهذا باعترافات غير رسمية لقياداتها. كذلك تجلى الضعف في الاحتجاجات على الحملة ضد التجمع الوطني الديموقراطي واعتقال عشرات من قادته وناشطيه في سبتمبر 2016. هناك عوامل أخرى خلف هذا الضعف الاحتجاجي عدا مؤثرات الربيع العربي " ترتبط بتراجع السياسة العربية نتيجة أسباب أخرى كالبطش السلطوي ومعاداة الإسلام في العالم وفي إسرائيل،الخلل بتعامل الحركة الإسلامية الشمالية مع كل ما هو آخر وارتكاب التجمع أخطاء هامة نالت من هيبته وصورته وشعبيته. لكن ثمة خيط يربط بين ردود الفعل الاحتجاجية الهزيلة التي كادت أن تقتصر على ألناشطين وقادة في الأحزاب وبين أحداث " الربيع العربي " لأنها تسببت بعطل معنوي في ظل مشاهد القتل الجماعي والموت الرخيص ولأنها تركت مفاعيلها محليا على شكل احترابات واشتباكات في الإعلام ومنتديات التواصل الاجتماعي بلغت حد التخوين والتكفير بين أنصار " الربيع العربي " وبين مناهضيه.وشكلت منتديات التواصل ماكنة تصوير أشعة تساهم في تشخيص حالة الاستعداء المجتمعي لحد التشفي بحظر الحركة الإسلامية الشمالية أو بمحاولات تضييق الخناق على التجمع الوطني الديموقراطي.
يتجلى التراجع في الانخراط والتفاعل مع السياسة أيضا بضعف المشاركة الجماهيرية في الفعاليات السياسية الوطنية( فعاليات يوم الأرض كمثال رغم وجود عوامل متراكمة أخرى).
ب. المساس بالنسيج الاجتماعي : كذلك فإن " الربيع العربي" قد أدى لـ " ترخيص الموت " ولابد أن العنف الواسع الدموي في المحيط العربي قد شجع وأجّج السلوك العدواني بيننا هنا لحيازته على نوع من " الشرعية ". وربما يساعد في نمو أوساط إجرامية للتقدم نحو السياسة المحلية(الحكم المحلي) مستقبلا طالما أن الشرطة الإسرائيلية لا تمارس دورها القانوني في مكافحة العنف والجريمة.
ومسّ هذا المحيط الدموي في المناعة الاجتماعية فساهم في خلق مناخ يبعد الجمهور عن السياسة والعمل الجماعي نحو الانكفاء والفردانية حاصة في ظل استمرار التراشق وشق الصفوف( تراشق بين شيوخ وبين سياسيين وهناك أمثلة كثيرة). لقد استنزفتنا سوريا كثيرا لأن الخلاف حولها كان شرسا كونها قريبة وجدانيا وثقافيا وسياسيا وتاريخيا وجغرافيا لنا. بلغ هذا الانقسام حد الشرخ وصّعب تعاوننا وانتظامنا ضمن عمل جماعي يليق بأقلية وطن قومية تتطلع لحقوق جماعية ومساواة مدنية حقيقية. لقد وفرّت صفحات الفيسبوك ويسّرت عملية التراشق وتكريس الانقسامات على حساب معالجتنا لقضايا حارقة خاصة بنا في الساحتين المحلية والوطنية . والمأساة أننا نحمل ذاتنا أكثر ما ما بوسعنا فنحن أضعف من أن نؤثر في الصراعات داخل سوريا. كذلك يبدو أننا منقسمون أيديولوجيا أعمق مما كنا نتخيل فجاءت أحداث سوريا وكشفت عن الفوارق وزادتها لحد الاحتراب مما أضعف السياسة فساعد إسرائيل بالاستفراد على سبيل المثال بالحركة الإسلامية الشمالية وقائدها كما قيل وهذا مثال.
( يكشف خروج نحو 70 من شبابنا لسوريا والعراق عمق هذا الانقسام الأيديولوجي داخل المجتمع العربي في إسرائيل أيضا).

يضاف لذلك ارتفع منسوب التوترات الطائفية الدفينة نتيجة العنف من حولنا خاصة في ظل الاحتراب الحاد حول سوريا واستهداف الأقليات الدينية من قبل إسلاميين متطرفين وهذا يترك مفاعيل سلبية في وعي العامة يتجلى بالعزوف عن السياسة والعمل الجامع وعن النضال.

ت. هدية لإسرائيل : حققت إسرائيل فوائد دعائية متنوعة من " الربيع العربي " بعدما خشيت جدا من الأفكار التي حملها في البدايات. بشكل عام شكّل " الربيع العربي " بنهاية المطاف هدية دعائية لإسرائيل على مستوى الوعي والصورة والمكانة هنا وفي العالم: التحريض على العرب والفلسطينيين وعلى حركة حماس ومحاولات شيطنة النضال الفلسطيني من جهة وتصوير ذاتها من جهة أخرى بصورة " الفيلا داخل الغابة " . وظفت مساعداتها الطبية للسورين في سبيل ذلك أيضا.
أما بما يتعلق بالمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل فقد اقترب كمجموعة بشكل عام للمواطنة أكثر مما للوطن بل مكنّت أحداث الربيع العربي " إسرائيل من التأثير على وعي العامة لناحية تعميق الأسرلة بعدما تركت أحداث " الربيع العربي " مفاعيل سيكولوجية خطيرة على وعينا تتجلى بالاستكانة والابتعاد عن السياسة كساحة للنضال والاحتجاج.
خيبة الأمل من الخارج،الخوف من مشاهد دامية لم تر من قبل دفع الناس للقيام بمقاربات وجعلهم يفكرون، في دواخلهم، بتعميق المواطنة واعتبار إسرائيل جزيرة آمنة وحامية من هذا الخراب والدمار القريب منا لاسيما أن ماكنة الدعاية الإسرائيلية لا تتوقف عن استغلال ذلك وتسويق هذه المزاعم بمقارنات ليس سهلا إبطالها والحيلولة دون مفاعيلها.




 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]