يبدو ان الأسطورة هيلين كيلر التي فقدت بصرها وسمعها في الطفولة الا ان ذلك لم يمنعها من الاستمرار بنشاطها وتعليمها لتؤثر فيما بعد على مجتمعها بصورة إيجابية، يبدو ان لها خليفة، ماريا ياسين ابنة بلدة عيلوط، فتاة كفيفة وتعمل معلمة لموضوع الموسيقى في وزارة المعارف، لم تعرف المستحيل منذ ان جاءت الى الحياة، ففقدانها البصر لم يفقدها الامل بل على العكس كان دافعا لتخوض غمار الحياة بجمالها وقسوتها خطوة بخطوة وتنجح وتأمل بالأفضل دائما.

"بكرا" التقى بماريا واجرى معها الحوار التالي: مسيرتي بدأت منذ الطفولة حيث حرص والدي طيلة الوقت على اسماعي موسيقى صاخبة تؤثر بي كثيرا، واكتشف انني املك هذه الموهبة وبدأ بتطويرها لي من خلال السمع، حيث بدأت بالعزف على الاورغ منذ ان كان عمري سنتين وستة اشهر، في البداية خفت كثيرا ولكن بعد ذلك تعودت عليه وأول معزوفة عزفتها كانت "بلادي بلادي"، ومن ثم بدأت بالتعلم في مدرسة راهبات المكفوفين في الناصرة ما يسمى اليوم بكرم الصاحب، حيث تعلمت كل شيء اللغات والرياضيات والمواضيع الأساسية بالإضافة الى الموسيقى حيث ان معلمة الموسيقى شجعتني كثيرا، ونصبتني الراهبة مسؤولة عن الجوقة بالرغم من صغر سني، بعد ذلك تعلمت في مدارس عادية ليست للمكفوفين وانهيت تعليمي مع شهادة بجروت كاملة.

لا زال هناك جهل بما يتعلق بموضوع الاتاحة في القرى والبلدات العربية

وتابعت: عندما انهيت تعليمي الثانوي عائلتي شجعتني ان اتعلم موضوع الموسيقى في الجامعة وان ادرسه، عندما بدأت التعلم في الجامعة واجهت صعوبة في اللغة العبرية التي يتحدث بها المحاضرون، كما واجهت صعوبة بالتنقل في الجامعة من السكن الى غرفة المحاضرات.

واردفت لـ "بكرا": في الجامعة شعرت بأن الجميع تقبلني بشكل عادي جدا دون التطرق الى كوني مكفوفة، لأنني كنت افرض عليهم ذلك ولا اشعرهم بأنني لا أرى وانا كنت ارفض نظرة الشفقة أيضا في عيون البعض.

وعن الاتاحة لأصحاب الاعاقات قالت ياسين: بالرغم من التطور والوعي لموضوع الاتاحة لأصحاب الاعاقات في السنوات الأخيرة الا ان ذلك ليس كافيا، لا زالت هناك معاناة بما يتعلق بالمواصلات، كما انه لا يوجد بالقرى العربية بنى تحتية مناسبة من ناحية الاتاحة للمكفوفين فضلا عن المواصلات العامة.

وتابعت: حدودي هي السماء، واحلم مستقبلا ان استمر بتعليمي الأكاديمي في مجال الموسيقى، اليوم اعلم في بلدتي عيلوط، وعلاقاتي بطلابي جيدة جدا، علما ان عيلوط لا زالت لا تتقبل تعليم أبنائها الموسيقى لان الأهالي يفضلون تعليم أبنائهم مواضيع أخرى غير الموسيقى، وهم لا يعلمون ان الموسيقى لغة عالمية.

واختتمت قائلة: انصح هؤلاء الذين يملكون إعاقة وخاصة المكفوفين ان يتقبلوا أنفسهم أولا وأخيرا حتى يتقبلهم غيرهم، وانا أتوجه للأهالي بان يدعموا أبنائهم الذين يملكون إعاقة معينة وان يفتحوا امامه الفرص والقدرات، للأسف هناك كفاءات كثيرة لديها إعاقة ولا يتم استغلالها لخدمة مجتمعنا، علما ان القانون الإسرائيلي يحتم على كل مشغل ان يشغل نسبة 5% من أصحاب الاعاقات ولكن للأسف هي مجرد شعارات لان لا أحدا يريد ان يتحمل هذه المسؤولية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]