قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهواليوم الأحد إن إسرائيل ستتحرك ضد إيران وليس ضد وكلائها فحسب في الشرق الأوسط إذا لزم الأمر، مؤكدا مرة أخرى أن طهران تمثل أكبر تهديد للعالم.

وقال نتنياهو في كلمة أمام مؤتمر ميونيخ للأمن بينما كان يمسك بقطعة مما يقول إنها طائرة إيرانية بدون طيار بعد دخولها المجال الجوي الإسرائيلي هذا الشهر “إسرائيل لن تسمح للنظام بلف حبل الإرهاب حول عنقنا”.

ألقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كلمة خلال مؤتمر ميونخ للأمن حيث عرض أثراً من حطام الطائرة المسيرة الإيرانية التي أسقطتها إسرائيل قبل نحو أسبوع.
وفيما يلي نص كلمة رئيس الوزراء نتنياهو:
"إن ميونخ عبارة عن مدينة جميلة مليئة بالبنايات المثيرة للانطباع وغنية بالمتاحف حيث أنها تتسم بأسلوب عمراني رائع. وبفضل هذا المؤتمر، فقد أصبحت ميونخ، يا سيادة الرئيس، خلال القرون الأربعة الماضية، اسماً مرادفاً للأمن. إن ذلك لأمر في منتهى الأهمية فكما أسلفت بالأمس مع انعدام الأمن يستحيل في الحقيقة تحقيق أي شيء – لا الحرية ولا الازدهار ولا السلام الغالي علينا والذي نسعى إلى إحلاله.

إلا أنه بالنسبة للشعب اليهودي، وقع حدثان صعبان في هذه المدينة. ففي عام 1972، ارتكبت مجزرة بحق 11 من رياضيينا الأولمبيين في مطار ميونخ، حيث شكل هذا الفعل الهمجي من نواحٍ عديدة البادرة الأولى التي أنذرت بصعود الإرهاب الدولي الذي نحاربه جميعاً منذ ذلك الحين.

كما أنه قبل 80 عاماً وقع حدث آخر ترتبت عنه عواقب وخيمة ألا وهو تلك الاتفاقية الكارثية التي أبرمت في هذا المكان بالذات والتي وضعت العالم على الطريق التي أدت به إلى أفظع حرب شهدها التاريخ. حيث أنه بعد الحرب العالمية الأولى بقرنين أي بعد الحرب التي أودت بحياة 60 مليون شخص بقرنين، اختار الزعماء الذين اجتمعوا في ميونخ مهادنة نظام هتلر بدلاً من التصدي له. إن أولئك الزعماء كانوا أشخاصاً اتسموا بالنبالة اعتبروا خطوتهم تلك وفاءً بمسؤوليتهم العليا المتمثلة في الحفاظ على السلام إلا أنه سرعان ما تبيّن ثمن أفعالهم.

فالتنازلات التي تم تقديمها لنظام هتلر لم تفضِ إلى أي شيء سوى زيادة قوة النظام النازي فسرّعت من وتيرة احتلاله للقارة الأوروبية. وبدلاً من اختيار المسار الذي ربما سيحول دون اندلاع الحرب أو يقلص من حجمها على الأقل، فإن أولئك الزعماء ممن عملوا بنية حسنة قد جعلوا منها أمراً محتوماً أكثر تدميراً بكثير. وبعد أن وضعت تلك الحرب أوزارها بفترة ما، سأل روزفلت تشرشل عن كنية يمكن له أن ينعتها بها، فرد الأخير فوراً وبدون تردد: الحرب الغير ضرورية، حيث قال إننا لم نواجه أي حرب على مر التاريخ كان تفاديها أسهل.

ففي أعقاب اتفاقية ميونخ لقي 60 مليون شخص مصرعهم خلال الحرب العالمية الثانية، ومن ضمنهم ثلث أبناء شعبي أي ستة ملايين من اليهود الذين قُتلوا إبان المحرقة النازية على يد النازيين ومعاونيهم. إننا لن ننسى ولن نسمح أبداً بإعادة كتابة الحقيقة التاريخية.

لن ننسى ولن نغفر وسنناضل دائماً في سبيل الحقيقة فهذه وصية الضحايا الذين هلكوا.
إننا نلتقي اليوم سنتين ونصف بعد إبرام اتفاقية أخرى في مدينة أخرى تقع في قلب القارة الأوروبية، حيث بادر الرجال والنساء النبلاء والزعماء المتحلين بالذكاء إلى إبرام اتفاقية مع نظام ينتهج الهمجية بحق أبناء شعبه ويسلط الإرهاب على جيرانه، وذلك انطلاقاً من أملهم في تفادي الحرب. فدعوني أقولها بوضوح: إن إيران ليست ألمانيا النازية. فهناك نقاط اختلاف عديدة بينهما، حيث أنه على سبيل المثال بينما كان أحدهم يروّج لفرضية العرق الأعلى إن الثاني يروّج للدين الأعلى. ومع أن اليهود الساكنين في إيران لا يتم إرسالهم إلى غرف الغاز يتم حرمانهم من أبسط حرياتهم التي يُفترض منحهم إياها لكونهم أقلية دينية وإثنية، ناهيك عن الكثير من الاختلافات الأخرى. ومع ذلك، توجد هناك عدة نقاط تشابه واضحة كذلك. فإيران تصرح بصورة علنية بتصميمها على إبادة إسرائيل بستة الملايين من اليهود العائشين فيها. وهي تقول ذلك بصورة تخلو من اللبس. إن إيران تسعى للسيطرة على منطقتنا أي الشرق الأوسط وللهيمنة العالمية من خلال اللجوء إلى العدوانية والإرهاب. إنها تطور الصواريخ الباليستية القادرة على اختراق صميم القارة الأوروبية وبلوغ الولايات المتحدة أيضاً.

وقد قال هنري كيسنجر إن إيران يجب عليها أن تختار إما أن تكون دولة أم رسالة. فإذاً يبدو أن النظام الإيراني اختار أن يكون رسالة حيث أن قائد الحرس الثوري علي جعفري قال: إننا ماضون على الطريق المؤدي إلى سيطرة الإسلام على العالم بأسره. وهنا يحمل الأمر المعنى ذاته. فمن وجهة نظري إنه أكبر خطر على العالم وليس على إسرائيل وجيراننا العرب والمسلمين أينما تواجدوا وإنما عليكم أيضاً. وذلك بسبب أنه بمجرد امتلاك إيران للأسلحة النووية فإن تصرفاتها العدوانية لن تعرف أي حدود فستسيطر على العالم كله. فقط انظروا إلى ما يقومون به حالياً قبل حصولهم على أسلحة نووية. فتخيلوا الذي سيقومون به لاحقاً لو امتلكوا مثل تلك الأسلحة لا سمح الله.

وتماماً مثلما كان الوضع قبل 80 عاماً، لم تؤدِ اتفاقية تم اعتبارها مهادنة إلى أي شيء غير زيادة قوة النظام وجعل حالة الحرب أقرب. إن الاتفاقية النووية مع إيران كانت بمثابة بداية العد العكسي للترسانة النووية الإيرانية في غضون عشر سنوات ونيف. حيث أن التخفيف من العقوبات الذي أتاحته الاتفاقية لم يجعل إيران أكثر اعتدالاً من الناحية الداخلية أو الخارجية وإنما العكس هو الصحيح فهي حررت نمراً إيرانياً بشكل خطراً على منطقتنا وما وراءها.

فبواسطة أتباعها والميليشيات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان وحماس في غزة تفترس إيران أجزاءً ضخمة من الشرق الأوسط. هناك نتيجة إيجابية واحدة مترتبة عن العدوانية الإيرانية المتزايدة في المنطقة فهي قرّبت الإسرائيليين من العرب بشكل غير مسبوق تاريخياً مما قد يشق، وذلك من قبيل المفارقة، الطريق نحو إحلال سلام أوسع وربما حتى اتفاقية سلام إسرائيلية فلسطينية في نهاية المطاف. إن ذلك يُحتمل حدوثه إلا أنه لن يحدث كلما تزايدت واشتدت التصرفات العدوانية الإيرانية ولا يوجد أي مكان تتبيّن فيه النوايا العدائية الإيرانية بوضوح أكثر من سوريا، حيث تلتمس إيران استكمال إنشاء إمبراطورية ممتدة تربط بين طهران وطرطوس وبين بحر قزوين والبحر الأبيض المتوسط. منذ قترة طويلة إنني أحذر من هذا التطور. فأوضح من خلال الكلمات والأفعال أن إسرائيل لديها خطوط حمراء تلتزم بها.

إن إسرائيل ستواصل منع إيران من التموضع العسكري الدائم في سوريا. كما أن إسرائيل ستعمل على منع إيران من إقامة قاعدة إرهابية أخرى ستستطيع من خلالها التهديد على إسرائيل. إلا أن إيران ما زالت متمسكة بمحاولاتها الرامية نحو تجاوز تلك الخطوط الحمراء. ففي الأسبوع المنصرم لقد بلغت وقاحتها مستويات جديدة بكل ما تعنيه هذه العبارة. فقامت بإطلاق طائرة دون طيار إلى داخل الأراضي الإسرائيلية منتهكةً السيادة الإسرائيلية ومهددة على أمن إسرائيل. لقد قمنا بتدمير تلك الطائرة دون طيار ومركز التحكم الذي شغلها من سوريا، ثم وبعدما تم إطلاق النيران باتجاه طائراتنا، قامت إسرائيل بتدمير البطارية المدفعية السورية المضادة للطائرات. إن إسرائيل لن تسمح للنظام الإيراني بتكوين طوق اختناقي من الإرهاب حول عنقنا وسنعمل دون تردد للدفاع عن أنفسنا وسنعمل، إذا اقتضت الحاجة، ليس ضد حلفاء إيران التي تعتدي علينا فحسب وإنما ضد إيران نفسها.

في وقت لاحق من هذا اليوم ستسمعون كلمة السيد ظريف الذي يشكل البوق الحذق للنظام الإيراني. إنني أتعجب بالسيد ظريف فهو يكذّب بسلاسة. فأقتبس نقلاً عما قاله ظريف خلال هذا المؤتمر السنة الماضية: "إن ما يدفع إلى التطرف انعدام الأمل والكرامة".
إذا كان ذلك بصحيح فلماذا يحرم النظام الإيراني من أبناء شعبه الأمل والكرامة بزج الصحفيين والنشطاء السياسيين في السجن؟ كما قال ظريف: لقد كان من الخطأ وصف إيران بالقوة الراديكالية. إذا كان ذلك صحيحاً فبأي وصف يمكن تسمية ذلك النظام الذي يشنق المثليين على رافعات في الميادين؟ إن ظريف قد صرح بعدم وجود حل عسكري للصراع الدائر في سوريا واليمن. وإذا كان ذلك بصحيح فكيف لإيران أن ترسل المقاتلين والأسلحة بغية تأجيج العنف في تلك المناطق بالذات؟ إن السيد ظريف سينكر بلا شك جملةً وتفصيلاً أمر الضلوع الإيراني التخريبي في سوريا.

إن إيران تنكر أنها اتخذت خطوة عدوانية في الأسبوع الماضي حينما أطلقت طائرة دون طيار إلى داخل مجالنا الجوي للتهديد علينا. وها لكم جزء من تلك الطائرة دون طيار الإيرانية أو الذي تبقى منها بعد أن اعترضناها. لقد جئت بها إلى هنا لكي تشاهدوها بأم عيونكم. أيها السيد ظريف، هل تعرف ذلك؟ يجب عليك أن تعرف ذلك فهو يخصك. إنك مدعو لنقل الرسالة التالية إلى طغاة طهران مع عودتك إليها – لا تختبروا عزم إسرائيل.
كما أرجو نقل رسالة لكل المشاركين الحاضرين هنا اليوم. أريد أن تدعموا الشعب الإيراني. أريد أن تدعموا تلك الجهات في المنطقة التي تصبو إلى السلام من خلال مجابهة النظام الإيراني الذي بات يشكل خطراً على السلم.

إنني أخاطب الشعب الإيراني من خلال رسائل الفيديو حيث ألاقي ردود فعل مدهشة. لقد شاهدت ذلك قبل المظاهرات الأخيرة. وقد طلبت من رجال مخابراتنا أن يشرحوا لي كيف يحدث أننا نتلقى أسماءً لأشخاص في إيران يعبّرون عن تأييدهم لما صرحت به فبالتالي يعرّضون حياتهم وحياة عائلاتهم للخطر، حيث قلت: يحدث هناك شيء ما. فهؤلاء الأشخاص يلتمسون الحرية. إنهم معنيون بحياة مختلفة فهم يريدون الازدهار الاقتصادي والسلام ولا يريدون العدوانية الإيرانية السافرة. إنني أشرح أنه لا يوجد لدينا أي صراع مع الشعب الإيراني وإنما مع النظام الذي ينكل بهم.

أود انتهاز هذه الفرصة لأبعث بتعازينا إلى عائلات الإيرانيين البالغ عددهم 66 ممن لقوا مصرعهم جراء حادث الطائرة الذي وقع اليوم. ليس لدينا أي صراع مع الشعب الإيراني ولكننا مصممون غاية التصميم على إيقاف ودرء عدوانية النظام الإيراني.
وهيا بنا أيها السيدات والسادة لنتعهد اليوم وهنا في ميونخ بعدم تكرار أخطاء الماضي. إن المهادنة لا تنجح ابداً. فالوقت المتبقي للحيلولة دون نشوب حرب يصبح أقصر، مع أنه لم يفت الأوان بعدُ. إنني مقتنع بأن يسقط هذا النظام في يوم من الأيام حيث أنه عندما يحدث مثل هذا الشيء سيعود السلام العظيم بين الشعب اليهودي العريق والشعب الفارسي العريق إلى الازدهار مجدداً. وسيستطيع الشعب الإيراني لما يحدث ذلك تنفس أجواء الحرية بينما يستطيع الناس العائشون في المنطقة والعالم كله الشعور بالارتياح. إلا أن الظروف الراهنة تستلزم أن نتبع خطاباً واضحاً ونتصرف بجرأة. إننا نملك القدرة على التصدي لهذا النظام الخطر. إننا قادرون على صد عدوانه مما سيجلب سلاماً وازدهاراً وأمناً أكبر لمنطقتنا ولمستقبلنا".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]