صدّر مؤخرًا كتاب "مكان للجميع- تكافل إجتماعيّ ومستقبل إسرائيل"، للكاتب والناشط الاجتماعي الإسرائيلي مايك فرشكر.

ويعّد الكتاب الأول من نوعه والذي يحاول أنّ يُشخص التحديات التي تواجه المجتمع في إسرائيل كما ويُقترح مخطط عملي للتعامل معها أملا في تعزيز الحياة المشتركة.

ويحاول فرشكر من خلال الكتاب المس بالأعصاب الحساسة والمكشفة لنسيج المجتمع في إسرائيل، كما ويحاول علاج التحديات التي تواجه المجتمع من الجذور، دون اغفال أي جزء قد يبدو للوهلة غير مهم، مثال مدى تمثيل رموز الدولة للمواطنين العرب والحاجة إلى تعديلها وعلى رأسها اضافة ابيات إلى النشيد الوطني- "هتكفا" تحتوي العرب. 
 
ويربط الكاتب فرشكر ما بين مستوى التكافل الاجتماعي ومدى قدرة إسرائيل على التعامل مع التغيرات الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية والأمنية التي تهدد مستقبلها، موضحًا أنّ القدرة متأثرة بشكل كبير بمستوى التكافل الذي يُقاس بمدى إحساس المواطنين بالانتماء. 

ويقترح الكاتب والناشط السياسي فرشكر مخططًا من المهم تبنيه، حيث سيكون هذا المخطط وفق وجهة نظره "القبة الحديدية المجتمعية" والتي ستعزز وتقوي المجتمع الإسرائيلي وتضمن مستقبله في الحياة المشتركة، مؤكدًا أنّ الاحتمالات المطروحة هو القبول بالعيش سوية أو الانهيار سوية.

ويرتكز الكاتب على الفرضية أنّ دولة، أي كانت، لا يمكن أن تكون قوية لفترة طويلة لطالما كان نسيجها الاجتماعي هشًا، عليه تقوية أواصر هذا النسيج ضرورة قصوى لبقاء وتطور الدولة لمدى سنوات.

ويعرف الكاتب من خلال كتابة التكافل الاجتماعي بطريقة جديدة حيث يشترط وجود هذا التكافل بـ 8 شروط منها اجتماعية واقتصادية وجيو- سياسية والتي تحقيقها يضمن بقائها.

وتناسقًا مع النوايا، لا يغفل الكاتب، وجود عدد من المعضلات المهمة والتي قد تؤثر على مدى تقبل وتبني المخطط منها؛ تعريف إسرائيل كدولة للشعب اليهودي، وغياب مؤسسة تفرض شرعيتها بشكل تام حيث أن هنالك صراع م بين الكنيست والحكومة، وايضًا وجود الصراع العربي الفلسطيني وغياب التسوية السياسية وايضًا الخلاف على القدس.

ويؤكد الكاتب أن التعامل مع المعضلات السابقة سيتم بالقناعة أن مصلحة جميعًا، من العرب واليهود، المحاولة قدر الإمكان تجاوز المعضلات وتعزيز الحياة المشتركة مقترحًا بذلك 19 مبادرة تعمل على تحقيق ذلك.

على المجتمع الإسرائيلي ان يفكر في تغيير النشيد الوطني لإحتواء 20% من سكانه

وفي حديثٍ خاص مع الكاتب فرشكر أكد أن الكتاب يعد الرابط ما بين عمله الجماهيريّ وخبرته التي تراكمت على مدار سنوات موضحًا أنه كان المؤسس لجمعية "مرحبيم- مجالات" والهادفة إلى تقوية أواصر المجتمع وتعزيز معرفة المجتمع الإسرائيلي بأفراده مع احترام هوياتهم وتعريفاتهم لذاته.
وقال الكاتب فرشكر أنّ الكتاب يحوّل هذه التجربة إلى مشروع عملي والذي من خلال تبنيه يمكن ضمان مجتمع ومستقبل أفضل، ليس فقط ليهود، انما لجميع المواطنين.

وأوضح الكاتب فرشكر أنّه يعرف نفسه على أنه يهودي، إسرائيلي وصهيوني، إلا أنّ هذا الكتاب يأت ليوضح للإسرائيليين تحديدًا خارطة طريق يجب السير بها من أجل ضمان البقاء للجميع.

وقال الكاتب أنّ التكافل المجتمعي الذي تحدث عنه خلال الكتاب، يعزز انتماء الفرد للمجتمع، بغض النظر عن هويته وتعريفه، فنرى أن الفلسطيني مستعد للعطاء نظرًا وأن هذا التكافل سيضمن له مكانة دون إقصاء أو تهميش أو تمييز.
وأضاف الكاتب أن الشركاء له في هذه الصيرورة المجتمع عامةً بالأساس، إلا أنه هنالك دورًا للمؤسسة الحاكمة، والمجتمع المدني، ورجال الاعمال موضحًا أن الدفيئة لكل المشروع هي الديمقراطيّة الناضجة التي تحتوي الأخر وتحترم معتقده وتعريفه لذاته.

ونوه الكاتب فرشكر إلى أنه لا يتجاهل وجود الصراع العربي الإسرائيلي وأن هنالك حاجة إلى وصول إلى تسوية سياسية تضمن السلام مع المجتمع الفلسطيني والجيران العرب.

وأختم بالتشديد على أنّه ولتعزيز الانتماء هنالك حاجة ليعيد الإسرائيلي معنى المساواة التي يطرحها على المواطنين العرب ومدى التمثيل له في المجتمع موضحًا أن بعد 70 عامًا هنالك حاجة إلى تعديل بعض الرموز منها النشيد الوطني- هتكفا.

الهوامش وليس المهم

وفي حديث مع ابراهيم النصاصرة، والذي قرأ الكتاب، قال بحديثه مع بكرا:" كل مجتمع له كيانه الخاص به وخصوصياته كذلك وهناك الكثير من الامور المشتركة التي تجمع بين الاطياف المختلفة بالدولة وهي تجمعنا كلنا تحت إطار أمور اجتماعية واقتصادية والمشكلة تكمن في عدم التفاف الجميع حول الامور الجامعة وبهذا يركّزون على الهوامش وينسون ما هو مهمّ".

وأضاف:" مؤلف الكتاب قام بشيء مهمّ جدا وهو وصف الوضع القائم في الدولة بحيث أعطى تلخيصا مفصَّلا عنه وهذا يعتبر نجاحا باهرا.على المجتمع الاسرائيلي عدم التقوقع على ذاته لان بنيته ستكون هشّة وعليهم الانفتاح على الفئات الاخرى وتقوية الرابط المشترك فيما بينهم".

واكدّ ان:" هناك مكان للجميع يحويهم وكل مجتمع بامكانه تأسيس ذاته وكيانه كمجتمع له سيادته وكيانه الخاص من حيث الخصوصيات والامتيازات ومن المهم ان تندمج الفئات ببعضها البعض مع أهمية الحفاظ على ثقافة كل فئة وعاداتها وتقاليدها لان الاندماج لا يهدف الى إلغاء اي فئة من الفئات ومن هنا لا بدّ ان نشكر مؤلف الكتاب الذي اجاب على عدة تساؤلات وأوضح الصورة بإبداعه في وصف الحال ويجب ان تؤخد ملاحظاته بعين الاعتبار حول العيش المشترك والمجتمع".

وأكمل حديثه قائلا:" للخلاصة ما من شك ان الكتاب قام بشيء مهم جدا الا وهو طرح بديل فعّال لكل تجارب "نهج التعايش الكلاسيكي" الذي اثبت افلاسه في الدولة على مدار عقود عدّة. وبات تقريبا بدون معنى".

واختتم كلامه قائلا:" في هذا الكتاب الشيّق والرائع ، يطرح الكاتب بديل والذي يتمحور حول التعددية الثقافية، الاجتماعية لمركبات المجتمع في البلاد وان تأخذ كل فئة من المجتمع الاسرائيلي الحيّز الخاص بها وتقوم بإثراء الحيز العام للدولة".

لغة مدنية مشتركة

د.ثابت ابو راس قال بحديثه مع بكرا:" في كتاب مكان لنا جميعا التماسك الاجتماعي ومستقبل اسرائيل، يطرح المؤلف الحاجة الى لغة مدنية مشتركة طبعا يدعو الى المواطنة المشتركة ويتحدّث عن التحديات المحلية والدولية التي تقف امام التماسك الاجتماعي في المجتمع الاسرائيلي. حقيقة انه يدعو لمواطنة مشتركة ويقف عند مركبات هذه المواطنة وشروطها أيضاً، الكتاب شامل وجريئ من حيث طرحه واهم ما جاء هو انه لا يكتفي بطرح نظريات وإنما دعا الى الممارسة العملية من خلال برامج ومشاريع متكاملة طرحها ووصل عددها الى 19 مشروعا ومع من يجب ان يقود هذه المبادرات والمشاريع للنهوض في مجتمع متماسك اجتماعيا.المؤلف يعوّل الكثير على مؤسسات المجتمع المدني بلعب دور مهم في بناء التماسك الاجتماعي داخل دولة اسرائيل.

وقال: "انصح بقراءة الكتاب لاهميته مع العلم ان هناك بعض الامور الحقيقة لم تأخذ حجمها وتاثيرها وباعتقادي ان التماسك في المجتمع الاسرائيلي لا يمكن الحديث عنه بمعزل عن الحديث عن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني".

وأضاف:" صحيح ان دولة اسرائيل معرّفة كدولة ديموقراطية ويهودية، لكن لا شكّ ان الصراع الاسرائيلي الفلسطيني له انعكاسات على خمس سكان هذه الدولة على الاقل وهذا من شانه التأثير على التماسك الاجتماعي في داخل الدولة. ايضا باعتقادي ان ما طُرح بالكتاب بالنسبة لحدود الدولة الغير معروفة فيه الكثير من الصحة ولكن استوقفني جداً تحليله بالنسبة للأربع أسباط كما عرّفف ذلك رئيس الدولة عندما وصف الوضع الديموغرافي للمجتمع الاسرائيلي وقسّم المجتمع لأسباط، انا اعتقد ان تبني هذا الخطاب هو إيجاد الحقيقة كوننا لا نستطيع ان ننظر الى الأقلية الفلسطينية كونها سبطا اخر او مجموعة اخرى مثلها مثل اليهود المتدينين او الحريديم او العلمانيين.القضية الأساسية التي تمنع برأيي بناء مجتمع مشترك ومستقبل مشترك هي مربوطة بقضيتين، ان المجموعة العربية الفلسطينية تختلف كليا عن باقي الأسباط حيث نتكلم بلغة والأسباط الاخرى تتكلم بلغات مختلفة ونرى ان الأسباط الثلاثة تجتمع حول طاولة الحكومة والأقلية الفلسطينية دائما خارج حلبة الحكومة والتأثير السياسي لهم ضعيف.انا اعتقد ان الكتاب يهمش موضوع المساواة وكأننا يجب ان نقبل بان دولة اسرائيل لن تكون متساوية بنسبة 100%، ما أحببته بالكتاب التطرق لموضوع الخوف مع العلم ان الخوف من الاخر لم يأخذ حجمه".

واكدّ ان:" خطاب الخوف وسياسة التخويف من الاخر تلعب دورا مهما وتشكل حاجز امام التماسك الاجتماعي باسرائيل.المجتمع مسكون بالخوف من الاخر وخاصة من الفلسطينيين وحتى من العمال الأجانب وغيرهم ومن جهة اخرى المجتمع تبنى خطاب قيادة هذه الدولة التي تستعمل الخوف من العرب وهم مواطنين بهذه الدولة فكيف يمكن بناء تماسك اجتماعي ما دام الخوف وخطاب الخوف اصبح ثقافة بالمجتمع الاسرائيلي؟".

واختتم كلامه قائلا:" من اجل ان نقرأ هذا الكتاب. لا حاجة ان نوافق على كل كلمة ، لكن لا شك ان الجزء الاخير والمشاريع التي طرحت هي جديرة بالدراسة وفِي حال تبنّي هذه المشاريع سينقل المجتمع لمرحلة اخرى تقربه اكثر من المساواة".

مواطنة متساوية شرطًا

المحامي علي حيدر قال بحديثه مع بكرا:" لقد قرأت كتاب الناشط الاجتماعي مايك براشكير؛ مدير مركز "مرحابيم_مجالات" السابق حول "التماسك الاجتماعي ومستقبل اسرائيل"والذي يعرض من خلاله قراءته للواقع في البلاد ويحاول تقديم رؤية شاملة تضع مفاهيم التماسك الاجتماعي والمواطنه المشتركة والانصاف في مركز الخطاب العام والجماهيري. أعتقد أنه كتاب مهم لكونه يربط بين الجانب النظري والجانب العملي ويحاول عرض تبصرات نتيجة للعمل بالحقل على مدار عقدين؛ ومحاولة التعلم والمقارنة مع تجارب اخرى في العالم وتعريف المفاهيم وقول الامور بشكل مباشر وصريح ودون مواربة وبث روح التفاؤل في مرحلة تاريخية صعبة وقاسية تسيطر كل كن العنصرية العنصرية والتطرف على المشهد. اضف الى ذلك؛ فإن اصدار الكتاب بثلاث لغات في مجلد واحد وإعطاء اللغة العربية مكانتها الطبيعية عمل يُحمد عليه المؤلف. باعتقادي الكتاب يشكل دعوة وارضية للنقاش ويمكن الاتفاق مع المؤلف والاختلاف معه في الكثير من القضايا".

وتابع:" اما فيما يخص المضمون؛ باعتقادي لا يمكن الحديث عن مواطنة مشتركة دون الحديث عن مواطنة متساوية. ففي البلاد يوجد نوعين من المواطنه وهي تراتبية؛المواطنة اليهودية وهي قوية وغير مشروطة وفائضة وكاملة والمواطنه العربية المنقوصة والمشروطة والضعيفة. فبدون مساواة جوهرية وكاملة؛ مدنية وقومية فردية وجماعية من الصعب خلق تماسك اجتماعي. اضافة الى ذلك؛ طالما عرفت الدولة نفسها بأنها " يهودية وديموقراطية" لا يمكن تحقيق المواطنة المشتركة الحقيقية. أعتقد ايضا؛ بان الكاتب بمنحه مكانة خاصة للدولة والقلق على مستقبلها وخصوصا ان الدولة غير حيادية بدل وضع المجتمع كهدف فإنه يمس بفكرة التماسك الاجتماعي التي يود تقديمها. يصنف الكاتب اسرائيل كدولة ديمقراطية ليبرالية ضعيفة وهنا يمكن الاختلاف معه فاسرائيل ممكن ان تكون ايتنوقراطية( مع عدم اهمال النماذج الاخرى لوصف نظام الحكم فيها كديموقراطية اتنية او ديمقراطية فارغة او ديموقراطية اجرائية أو ديموقراطية مع بقع) وهنالك نقاط جوهرية أخرى ممكن ان نختلف بها مع الكاتب حول المقارنة بين الفلسطينين ويهود العالم او أغفاله للفروق بين الاقليات الاصلانية( اقليات الوطن) والمهاجرين وحول دوافعه وأهدافه القومية واحيانا حول استخدامه بعض المفاهيم والنماذج والتي لا يمكن التوسع بها في هذا السياق".

وانهى كلامه قائلا:" بالرغم من الخلاف العميق والايديولوجي مع الكاتب؛ الا ان رغبته وتوقه لخلق مجتمع اكثر انصافا؛ وعمله ودعوته لتحدي الوضع السياسي الراهن واخذ المسؤولية من قبل المواطنين وعدم رضوخه لليأس او للتماهي مع توجهات الاغلبية الساحقة في المجتمع اليهودي؛ تجعل كتابه جدير بالقراءة والمراجعة والنقد".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]