يشهد الشارع الاسرائيلي حالة من الجدل بعد تقديم الشرطة توصيات للمستشار القضائي للحكومة، بأن يتم توجيه لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتهم فساد وتلقي الرشاوى.

وبين مطالب لنتنياهو بأن يستقيل ويمين يطالبه بالبقاء، ينقسم الشارع الاسرائيلي.

مراسلنا أجرى حديثًا مع عدد من الناشطين ، العرب واليهود والذين طالبوا نتنياهو بالاستقالة، وقال السياسي محمد دراوشة من غفعات حبيبة: اخيراً بدأت طبيعة نتنياهو تتوضح للعيان. على ما يبدو فانه يرتع في حياةٍ يلُفها الفساد من كل الجوانب. هذا يحدث للكثير من السياسيين الذين يبقوا في مناصب مرموقة لفتراتٍ طويلة، حيث يلتف حولهم المنتفعين واصحاب المصالح، وبالمقابل يُنعموا عليهم بالاموال والرشاوى باشكالها المختلفة. لذلك نرى في الدول المتحضرة تحديداً لفترات الرئاسة لمنع نمو هذه الظواهر وقطع الطريق امام تعاظم قوة طبقة فاسدة ومجموعة تتصرف احيانا مثل عصابات المافيا".

وتابع:" لا اعتقد ان الانتخابات ستكون النتيجة الحتمية لهذه التوصيات، لان نتنياهو سيحاول محاربة تقديمه للمحاكمة بالتحايل والهجوم على الجهاز القضائي والضغط على كل مؤسسات الدولة في صراعه للبقاء في الحكم. ولكن اذا كان ضغط الرأي العام فعالاً في الشارع، وليس فقط في المنابر الإعلامية، فقد يضطر الى الاستقاله، وقد يتم تعيين قائماً بأعماله لفترة معينة قد تستمر لشهور طويلة".

وحول إمكانية خوض الحرب لصرف الأنظار، يحدّثنا:" بتقديري خوض الحرب ليس قراراً فردياً له، ووضعه اليوم لا يمكنه من فرض حرب فقط لخدمة مصالحه الشخصية. قد يتمكن فقط من بعض العمليات العسكرية المحدودة لمحاولة صرف الأنظار عن ملفاته، ولكن ذلك لن يتطور الى حرب واسعة النطاق".

واكدّ ان:" امر نتنياهو مفضوح اليوم وهو اضعف من ان يتمكن من جرّ مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية للسير في طريق الهاوية لإنقاذه من ورطته. هذه المؤسسات لم تتجند في السابق لخدمة مصلحة اي رئيس حكومة او وزير بشكل شخصي، ولا ارى انها ستتلف وراء نتنياهو بمغامرات بمثل هذا الحجم".

واختتم كلامه قائلا:" المشكلة الاساسية تبقى بانعدام مرشح بديل من طرف اليسار الاسرائيلي يقود سياسية سلام في المنطقة، ولذلك يبقى خطر الحرب موجوداً بدون ارتباط بقضايا ".

كما طالب أولمرت بالاستقالة، عليه أن يستقيل

رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة - عفو اغبارية، قال بحديثه مع بكرا:" هذا كان متوقع مع حكام وساسة فاسدين. ولكن يجب ان نتريث لان الفساد ايضا موجود في المؤسسات النيابية والشرطة. والكل يذكر التهم ضد ليبرمان وكيف انتهي الموضوع معروف. ولكن على نتنياهو بما انه يقود هذه العصابة. ومن موقع المسؤلية يجب عليه ان يستقيل".


الحقوقية اليس جندلمان قالت بحديثها مع بكرا:" انا أتوقع من المستشار القضائي للحكومة بان يعمل بمسؤولية ووفق توصيات الشرطة وواضح انني وجمهور واسع من الدولة بما في ذلك من مصوتي الليكود، ننتظر من نتنياهو الاعلان عن الاستقالة والتوقف عن اللعب بحياة مواطني الدولة".

واختتمت كلامها قائلة:" نتنياهو طلب من أولمرت مرارا وتكرارا ان يستقيل بسبب عدة أمور ولذا اقول لنتنياهو ان زمنه قد ولّى، عليه ان يذهب للبيت".

يُمكن أن يرفض سلطة القانون التي يعمل استنادا عليها 

الخبير في القانون الدستوري والنظام السياسي في اسرائيل - مرزوق الحلبي، قال بحديثه مع بكرا:" أوصت الشرطة الإسرائيلية، اول أمس الإثنين، بتقديم لائحتي اتهام بدعوى خيانة الأمانة وتلقي الرشوة في ملفيّن من مجموعة أربعة ملفات فساد تحقق فيها الشرطة الإسرائيلية. مهما يكن من مصير هذا الحدث فإنه يُشكّل ضربة لا يُستهان بها لنتنياهو وحكومته ولمعسكر اليمين الإسرائيلي. وتُصبح الضربة جدّية في حال قررت النيابة العامة الإسرائيلية اعتماد توصيات الشرطة والذهاب بها إلى المحكمة. فمن المعمول به في إسرائيل وبناء على القانون الدستوري والعُرف القضائي أن يستقيل المسؤول الحكومي ـ وهنا رئيس الحكومة ـ في حال تمّ تقديم لائحة اتهام ضده.

وأردف:" التوصيات آنفة الذكر هي في ملفّي فساد من مجموع أربعة ملفات تتصل بعلاقات نتنياهو بأوساط رأس المال لجهة صفقات تبادل مصالح وموارد. في الأولى ـ تلقي "هدايا"/رشوة من أحد الأثرياء مقابل التدخل مباشرة أو بشكل غير مباشر لتسوية مصالحه. في الثانية ـ التدخّل لصالح أكثر الصحف انتشارا من حيث تزويدها بالإعلانات التجارية من جهات حكومية وغيرها وترتيب مصالحها مقابل اعتمادها خط مدافع عن نتنياهو وموالٍ له. أما الملفّان الآخران المفتوحان لدى الشرطة فيتصل الأول بتدخّل نتنياهو بشكل غير قانوني لصالح مالك شركة الاتصالات الهاتفية الأكبر في الدولة ومن خلال تشريعات تسهّل على الشركة جني الأرباح وترتيب مصالح تجارية لها، ويتّصل الثاني بموقع إعلامي اعتمد سياسات إعلامية موالية لنتنياهو مقابل التسهيل على أعمال مالكه. وهناك ملفّ خامس جاري التحقيق فيه حول اقتناء إسرائيل لغواصات ألمانية من إنتاج شركة سمينس. وهناك إشارات أن التحقيق سيطال رئيس الحكومة في مرحلة لاحقة منه كما سرّبت الصحافة الإسرائيلية".

وتابع:" والآن إلى الاحتمالات في الساحة السياسية الإسرائيلية من هذه المنعطف. غير خاف على أحد أن خصوم نتنياهو معنيون جدًا بأن يسقط نتنياهو من خلال كشف تورّطه "العميق" في قضايا فساد وتقديمه للمحاكمة. ويُشيرون إلى أن سابقه، في رئاسية الحكومة، إيهود أولمرت حوكم وأدين بتُهمة فساد كلّفته منصبه وحكومته. بمعنى أنهم يستندون إلى العُرف الإسرائيلي الدستوري والرسمي الذي تمّ تطبيقه في العديد من الحالات خاصة عندما تورّط وزراء في قضايا فساد وتمت إدانتهم. هذا يعني أن الأمر وارد من ناحية نظرية ومن ناحية عملية في حال تمّ تأكيد التوصيات بلائحتي اتهام من النيابة العامة بتهمتين أساسيتين وهما خيانة الأمانة وتلقي الرشوة. وسوف يكون الأمر في حكم الضربة القاضية إذا تمّ تقديم لائحتي اتهام في القضيتين الثالثة والرابعة وتدحرج القضية الخامسة ـ الغواصات الألمانية إلى لائحة اتهام.

مع هذا علينا أن نكون حذرين تماما في الذهاب وراء المتفائلين من خصوم نتنياهو. فقد ظهر فور إعلان توصيات الشرطة ليدافع عن نفسه ويُنكر كل شيء. وليُراهن على مبدأ أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. لكن هذا الظهور في معناه يتعدى ما جاء فيه من حديث لأنه يُمثّل النهج الذي يعتمده نتنياهو واوساط اليمين حوله لِجِهة إدانة كل السلطات الإسرائيلية المكلّفة تطبيق القانون بشكل مسبق. فكل هذه الجهات تتعرض منذ سنوات إلى هجمات إسقاط شرعية عن عملها في كل مرة تساؤل الحكومة أو نتنياهو أو تضعه موضع شك في قضايا فساد أو فشل إداري حكومي".

واكدّ ان:" هذا يعني أن اليمين في إسرائيل ممثلا بنتنياهو لن يرفع الراية البيضاء ولن يسلّم أوراقه ويتنحى. فدليه خياران قد يعتمدهما منفردين أو مجتمعين. فقد يلجأ إلى حلّ الحكومة الحالية واللجوء إلى انتخابات مبكرة قبل أن تتحوّل توصيات الشرطة إلى لوائح اتهام تُجبره على التنحّي. في هذه الحالة سيقول، ربّما أن ما فعلته ليس صحيحا من الناحية الأدبية لكن هيا نُعطي الشعب أن يحسم في الأمر! ساعتها سيُراهن مرة أخرى على خطاب الشحن اليميني ليكسب الجولة الانتخابية المُبكرة عِلما بأن الأمر لن يكون سهلا. الخيار الثاني وهو وارد أيضا أن يرفض نتنياهو واليمين نتائج التحقيقات من أولها لآخرها ويتمسكوا بالحكم خارج كل الأعراف والأحكام الدستورية. بمعنى أن هذا اليمين ـ كأي يمين قومجي على حافة الفاشية ـ يُمكن أن يرفض سلطة القانون التي يعمل استنادا عليها ويعلّقها تماما قاصدا خلق أزمة حكم يكون هو المتفوّق فيها كونه الممسك بزمام الأمور. سيناريوهات كهذه وردت كثيرا في الأدبيات الإسرائيلية أبان الأزمات خاصة فيما يتصل بتسوية الصراع مع الفلسطينيين. بل هناك اعتقاد راسخ في أوساط التقدميين في إسرائيل والأوساط الملتزمة بالدمقراطية بأن الخطر على الدمقراطية في إسرائيل جاء دائما من جهة اليمين ومن أطرافه الراديكالية".

وانهى كلامه قائلا:" في إسرائيل اليوم ـ هناك احتمال حصول انعطاف ناحية اليمين وتعطيل مؤسسات الدولة والقبض على مفاصلها بأيدي اليمن الإسرائيلي المتنفّذ في حال لم ينجُ نتنياهو من لوائح الاتهام. والحملة الرسمية من رئيس الحكومة والوزراء ضد الشرطة في الأيام الأخيرة تدلّ على جهة الريح ـ التصعيد والتصعيد إلى آخر الشوط!".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]