كيف نبني ميزانية للعائلة؟

بناء ميزانية بشكل عام يعتبر من المهام الصعبة لدى الكثيرين, خاصة لدى الاشخاص الذين لم يتعاملوا مع الامر في السابق حيث تتكون لدى بعضهم تخوفات من ان العيش حسب ميزانية سيخفض من مستوى معيشتهم وسيقيدهم وسيمنعهم من شراء جميع ما يريدون ومن اشياء أخرى.

كثيرون يرون في بداية السنة الميلادية فرصة لاتخاذ قرارات. من المهم التخطيط من بداية السنة لان التخطيط الجيد سيضمن لنا سيطرة على الامور المالية مما سيوفر لنا ايضا امكانية العيش برفاهية بدون الحاجة الى الاستدانة سواء بشكل قروض او تقسيط عن طريق بطاقة الاعتماد. بناء ميزانية واقعيه هو الاداة الاساسية للتخطيط للمستقبل القريب والبعيد.

لا يهم في أي مرحلة من عمرنا نحن موجودون, العمل بحسب ميزانية سيوفر لنا رؤية شاملة لوضعنا المالي وسيتيح لنا مرونة اكبر للتعامل مع الازمات والمصاريف غير المتوقعة. ربما سيجد البعض في البداية صعوبة في ايجاد المستندات المبعثرة وفي التعامل مع الارقام ومع تسجيل المصروفات, والصعوبة الاكبر لدى الكثيرين قد تكمن في الالتزام في الميزانية بعد بناءها. صحيح ان بناء الميزانية والعمل بحسبها ليس بنزهه لكنه ليس بالأمر المستحيل أيضا.

نقطة مهمة قبل الحديث عن خطوات بناء الميزانية, عند الحديث عن الامور المالية يجب مشاركة جميع الاطراف (الزوج والزوجة, والابناء في حال كانوا يساهمون في المدخولات او سواء كانوا يتلقون دعما بمبلغ كبير من الاهل مثل المساعدة في قسط الدراسة الجامعية)

لنعد للبداية, ما هي الميزانية المنزلية؟

هي أداة لوضع أهداف اقتصادية للمنزل في محاولة للموازنة بين المعدل الشهري للدخل والمعدل الشهري للمصروفات.

من المهم التأكيد ان العمل على بناء الميزانية يتطلب متابعه لمرة في الشهر على الاقل ومن المحبذ استعمال ادوات مثل اكسل او برامج متخصصة التي من الممكن ان تسهل علينا تعديل الميزانية مع هذا لمن يفضلون استعمال الورقة والقلم فلا بأس.

يتم بناء الميزانية من خلال خمسة مراحل:

1. مرحلة المرآة
2. تحديد سلم الاولويات
3. بناية ميزانية أولية
4. فحص ومتابعة الميزانية الاولية
5. تعديل وتحسين الميزانية

1. مرحلة المرآة:

قبل البدء في الحديث عن البناء الفعلي للميزانية يجب علينا ان نجمع اولا جميع المعطيات مثل الفواتير, اوراق التأمينات, الاوراق البنكية, وغيرها. من ناحية الدخل نحن بحاجة لكشف الراتب للأجيرين وتقرير الربح والخسارة السنوي للمستقلين (في حال عدم وجود التقرير السنوي ممكن الاستعانة بتقرير موسمي مع معطيات أخرى ممكن ان تساعدنا على أخذ فكره عن معدل الدخل المتوقع), ايضا في حال كان لدينا مصدر دخل اخر مثلا دخل من ايجار سنحضر عقد الايجار.كل معطى له تأثير على وضع الميزانية يجب ان يكون حاضرا.

مرحلة المرآه هي فرصة ممتازة لمراجعة المعطيات وفحص هل نحن بحاجة لتعديلها. مثلا في الحساب البنكي نفحص العمولات وفي عقد الايجار نفحص هل مبلغ الايجار مناسب لأسعار الايجار المقبولة اليوم وان لا هل العقد يتيح لنا التعديل؟

2. تحديد سلم الاولويات:

2.1 بعد أن تعرفنا على مركبات الميزانية يتوجب علينا بداية عمل فحص سريع, مثلا في الشهر السابق كم كانت الفجوة بين المدخولات والمصروفات؟ هل كانت ايجابية ام سلبية؟ هل النتيجة تعكس الوضع العام او وضع الشهر السابق تحديدا؟

في حال كانت الفجوة ايجابية ف الامر ممتاز, هذا يعني انه بإمكاننا الادخار لتحقيق اهداف مستقبلية قريبة او بعيدة (من المهم جدا في هذه الحالة فحص مخصصات التقاعد المستقبلية وفحص هل هناك حاجة لتعديل او اضافة بند بهذا الشأن للميزانية؟ بعد استشارة المختصين طبعاً)

في حال كانت الفجوة سلبية هذا يعني ان المصروف يعلو على الدخل ولان رفع الدخل بشكل عام مهمه صعبه ومردودها غير مباشر لذلك سيكون من "الاسهل" علينا تخفيف المصروفات.

2.2 سواء كانت الفجوة ايجابية او سلبية سيكون علينا تحديد سلم الاولويات كي نضمن ان دخلنا يغطي احتياجاتنا الاساسية. وهنا بجانب كل بند علينا اتخاذ قرار هل يوجد امكانية لتقليصه او لا عن طريق كتابة "ممكن", "صعب" أو "ممنوع اللمس" (مثلا ايجار البيت او دفعة القرض العقاري لا يمكن تغييرهم (على الأقل ليس بشكل فوري) ويعتبرون مصروف اساسي ومهم للعائلة بينما فاتورة الهاتف مثلا اذا كانت اكثر من المقبول عندها يمكن التوجه للشركة وفحص امكانية الحصول على تخفيض وممكن ايضا فحص عروض في شركات منافسة)

2.3 بجانب البنود التي قررنا انه يمكن تقليصها يتوجب علينا كتابة المعدل الشهري للمبلغ المستقبلي الي ننوي دفعه.

2.4 لا تنسوا المصروفات التي تأتي مرة بالشهرين او الموسمية او السنوية, لكل مصروف يجب ان نأخذ المعدل الشهري ونكتبه في بند منفرد مع الإشارة الى انه مصروف سنوي. ولا تنسوا ايضا المصروفات "غير المتوقعة " والاهم لا تنسوا "أحلامكم", تحقيقها أيضا بحاجة لتخطيط.

3. بناية ميزانية أولية

1. رتبوا جميع بنود المصروفات بعد تحديد التعديلات المرغوبة عليها في مكان واحد وحسب سلم الاولويات: من الاهم الى الاقل اهمية. وحددوا أي من بينها شهري وأي منها موسمي.

2. فحص اولي: هل مجموع البنود المعدلة يوازي أو يقل عن مجموع الدخل؟

4. فحص ومتابعة الميزانية الاولية

4.1 ان كان جواب البند 3.2 ايجابي: مبروك! هذه هي ميزانيتكم للفترة القريبة في حال كان الجواب سلبي يجب تحديد سلم الاولويات مره اخرى ويجب علينا فحص البنود التي اشرنا عليها انها سهلة للتغيير, هل التقليص الذي حددناه هو الاقصى او يمكننا ان نقلص اكثر؟

4.2 يحب العودة على فحص الميزانية حتى نصل على الاقل لتساوي بين الدخل والمصروف وان لم نستطع فهذه اشارة انه علينا ربما البحث عن دخل اضافي او عن عمل بديل مع دخل أعلى (ليس بالامر السهل ابدا لكن للضرورة احكام – فكروا دائما بالبديل – العيش مع ديون)

5. تعديل وتحسين الميزانية:

في الأساس يجب بناء ميزانية واقعية قدر الامكان مع هذا نحن بحاجة لمنظومة رقابة كي نتابعها. متابعة الميزانية تكون من خلال جلسة شهرية نراجع من خلالها جميع المصاريف والمدخولات التي حصلت ونقارنها ببنود الميزانية التي حددناها سابقا ومن خلال المقارنه سيمكننا بناء ميزانية للشهر المقبل. مثلا لو وجدنا اننا حددنا مصروف للاكل اكثر من الذي استهلكناه فعليا ف عندها ممكن ان نعدل الميزانية للشهر القادم ونحول المبلغ المتبقي لبند ميزانية اخر حسب الحاجة.

تذكروا! تخصيص القليل من الوقت لمراجعة اموركم المالية قد يوفر عليكم الكثير من الأموال في المستقبل ولا تترددوا في الاستعانة بمختصين قبل اتخاذ أي قرار مالي كبير وانصحكم سنويا بالتوجه لمختصين حياديين لامور التقاعد, التأمينات والقرض العقاري (المشكنتا).

المهندسة مروة عبد المجيد الزعبي
مستشارة اقتصادية للعائلات والاعمال

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]