أثار تصريح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأخير، بالإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل، وقراره نقل السفارة الأمريكية إليها، أثار حالة من الاستياء والغضب في العالمين العربي والإسلامي بشكل عام، وفي الشارع الفلسطيني بشكل خاص.

القرار 

وفي حديثٍ خاص مع بروفسور سعيد زيداني، المحاضر في جامعة القدس، قال لـ "بكرا": في رأيي ورأي الكثيرين أنّ قرار ترامب أخرقًا، وغبيًا، ولن يغير الواقع في القدس، لكنه يمنح حكومة اليمين الإسرائيلية العنصرية ما أرادته ويعطي نتنياهو ما أراده. بصورة عامة هذا لا يغير من الواقع في القدس، ولا يغير نظرة الفلسطينيين إلى القدس، كمدينة لها خصوصيتها، وسيبقى المقدسيون على استعداد دائم الدفاع عن القدس وعن هويتهم.

وعن الدور العربي قال زيداني: أعتقد أنّ الدور الشعبي هو الأهم، سواءً في موضوع القدس أو في غيره من المواضيع التي تخص القضية الفلسطينية، إذ لا يمكننا التعويل على الأنظمة العربية، ونعرف أنّ التأييد الدولي حتى من الأمم المتحدة رغم أهميته فإنه لا يحل مشاكلنا ولا يرد لنا حقوقنا. فهنالك دائمًا الحاجة قائمة، سواء في الداخل أو في الضفة أو في غزة أو القدس، أو حتى في بلدان الشتات، لتبني سُبل النضال التي هي الأساس لتأمين الحقوق والدفاع عنها، بينما يلعب الدور العربي دورًا ثانويًا ليس أكثر.

وأضاف في السياق: نحنُ نعرف أنّ التشظي والتشرذم في العالم العربي كبير، وما يحدث في اليمن وسوريا والعراق، وبقية الدول العربية، في هذا الوقت، لا يمكن التعويل عليه في ترقية المصالح الفلسطينية، التعويل الأساس يجب أن يكون على هذا الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية، سواء في الـثمانية وأربعين، أو في بقية المناطق، إضافةً إلى التأييد من الشتات الفلسطيني، والمجتمع الدولي.

واسهب: الحكام العرب الحاليين لن يشجعوا شعوبهم للقيام بأعمال نضالية التي تسنِد النضال الفلسطيني، فالشعور أن الشعوب العربية غاضبة ومستائة، ولدى تحفظاتها، بينما تكتفي بإتهام الإدارة الأمريكية بخرق القانون، صحيح أنّ التنديد والإتهام هو نوع من الغضب، لكنّ الحكام العرب المشغولون بخلافاتهم وبقضاياهم الداخلية، يمنعون ترجمة هذا الغضب إلى حراك شعبي، ولو كان حكامنا العرب في موضع يمكن أن يؤثروا لما اتخذ الرئيس الأمريكي مثل هذه الخطوة، ويبدو أنه كان يعرف ردود الفعل العربية، وردود فعل الأنظمة العربية.

الدور المقدسي والسلطة 

وحول الدور المقدسي قال: إنّ قضية القدس ليست شأنًا للمقدسيين فقط، فقضية القدس هي قضية لكل الفلسطينيين، سواءً داخل البلاد أو خارجها، وهي قضية لكل العرب وللمسلمين، ولها مكانة خاصة بسبب احتضانها للديانات الثلاث، وبسبب هويتها المميزة، ولموقعها الجغرافي في فلسطين، والقدس كما قيل "هي عروس عروبتكم"، فهي الدُرة الثمينة في نظر الفلسطينيين وفي نظر غير الفلسطينيين والعرب والمسلمين والغيورين على مكانتها وهويتها وخصوصيتها، لذا قد يأخذ المقدسيون المبادرة، ويجب أن يفعلوا ذلك، وأن يحاولوا استجماع التأييد العربي محليًا واقليميًا ودوليًا لحماية القدس ولحماية هوية القدس أيضًا، لأنّ الخطر الحقيقي هي هوية القدس، بما فيها هويتها الثقافية والرمزية وأيضًا هويتها كإضافة إلى البعد الديموغرافي حيثُ يحاصَر الفلسطينيون في القدس، وهناك محاولات جدية لإبعاد القدس عن باقي المناطق، من أجل تحجيم المدينة.

وعن دور السلطة قال: إنّ السلطة الفلسطينية على لسان حال الرئيس محمود عباس، فإنها تحمل موقف معادٍ وغاضب ومندِد بالقرار الأمريكي، لكنّ هذه السلطة ليس لها حيلة، وكان قد جرى الحديث عن الرد على مثل هذا القرار، وكان من المفترض أن يُعزز الخطوات نحو المصالحة، مع التركيز على الوحدة الوطنية، في إطار منظمة تحرير متجددة، لكن ليست هنالك أي خُطة نضالية أو سياسية بديلة.

وحول الحلول المطروحة اوضح: برأيي على السلطة الفلسطينية بأقل تقدير أن تُعلن إنهاء اتفاقية اوسلو والتنصُل منها، وأن تفكر بالفصل بين المنظمة والسلطة وتفكر أيضًا ببدائل لحلول سياسية للمستقبل، إذ لا يكفي أن نقول نريد حل الدولتين والقدس عاصمة، لا يكفي هذا الترديد والواقع على الأرض لا يتغير، لذا يجب تغيير برامجنا السياسية وأنماط نضالنا بشكلٍ تتناسب مع التحديات المُستجِدة، وهذا ما لا تقوم به السُلطة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]