يحيي الفلسطينيون في الداخل والشتات ذكرى مرور 100 عام على وعد بلفور الكارثي بحزن وآلم وفي المقابل تحتفل اسرائيل بهذه الذكرى بفرح وتقيم الافراح والليالي الملاح ويعتبرونها ذكرى خالدة تحقق حلم وآمال الشعب اليهودي بتحقيق واقامة دولته الأبدية.

وفي تطوّر يعكس طابع هذه العلاقات الخاصة التي تربط الجانبين، وصل رئيس الحكومة الأسترالية، مالكوم ترنبل، الإثنين إلى تل أبيب، في زيارة تستغرق يومين، وتهدف إلى تطوير التعاون الأمني والعلاقات الدفاعية وتأتي ايضا من اجل الاحتفال بالوعد المشؤوم, وأعادت للأذهان حقيقة الدور الذي لعبته أستراليا في التمهيد لسيطرة الحركة الصهيونية على فلسطين، حيث أن الكتيبة الأسترالية في الجيش البريطاني هي التي نجحت في احتلال بئر السبع عام 1917 ودحر الجيش التركي، وهو التطور الذي أفضى إلى احتلال فلسطين ومهد لصدور وعد بلفور في نفس العام، وهو الوعد الذي منح اليهود الحق في إقامة وطن قومي على أرض فلسطين.

أستراليا لعبت دوراً مركزياً في تهجير اليهود من الاتحاد السوفياتي لإسرائيل من خلال إصدار تعليمات لسفارتها في موسكو بتقديم العون للمنظمات اليهودية التي تعمل في هذا المجال. وكانت أستراليا الأكثر حماساً من بين الدول التي سعت إلى إلغاء قرار الأمم المتحدة الذي اعتبر الصهيونية حركة عنصرية.

هذه العلاقات الوطيدة جعلت رئيس حكومة استراليا يقوم برفقة نتنياهو بزيارة خاصة لمدينة بئر السبع واقامة الحفلات والافراح والليالي الملاح بهذه المناسبة التي تعتز بها بريطانيا واستراليا واختهن اسرائيل.

ان اصرار رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي على احياء الذكرى المئوية لوعد بلفور في بلادها وهذا القرار والاصرار يعد تكرارا للجريمة السياسية الأكبر في تاريخ الانسانية والمسؤولة المباشرة عن إصداره دولة بريطانيا والتي تتحمل مسؤولية قانونية وتاريخية وأخلاقية لما حصل وحل بالشعب الفلسطيني من نكبة وكارثة وأعمال قتل وتشريد ومعاناة.

كنت أتوقع من استراليا وبريطانيا بان يقدما اعتذارهما للشعب الفلسطيني ويضغطا على الحكومة الإسرائيلية من اجل إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان والاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الى وطنهم الام الذي شردوا منه, ولكن للأسف الضيف الاسترالي اتى ولم يأتي.. حضر لالتقاط الصور التذكارية بصحبة صاحب الأخلاق الحميدة, والمواقف السياسية المعتدلة نتنياهو رئيس الحكومة اليمينية المتطرفة.

ان وعد بلفور المشؤوم كان بداية لأبشع ظلم تاريخي على الشعب الفلسطيني, ويعيدنا الى المربع الاول من تاريخ قضيتنا الفلسطينية المقدسة, يوم تآمرت عليها قوى الشر والظلام ،ان الشعب الفلسطيني يصر على نيل حقوقه المشروعة وتحقيق حلمه بإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وعدم التفريط بالثوابت الوطنية, الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية مطالبه بتقوية الجبهة الداخلية وتجسيد الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام الذي يضر بالقضية الفلسطينية وإتمام المصالحة فوراً.

ان الأخلاقيات التي حددتها الديانات السماوية تلزم بريطانيا تقديم الاعتذار للشعب الفلسطيني عن الوعد المشؤوم وعليها تحمل مسؤولية ما حل بالشعب الفلسطيني من ابادة وترحيل وممارسات عنصرية فاشية على يد اسرائيل لان ذلك يخالف مبادئ الأخلاق ولان الشعب الفلسطيني الأبي لا يؤمن بكافة الوعود المزيفة والمؤامرات والضغوط والممارسات العنصرية عليه وهذا يزيدهم الا تمسكاً بثوابته الوطنية وحقوقهم المشروعة في الحرية والاستقلال, وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ، وعد بلفور المشؤوم جريمة وهذا يلزم بريطانيا ان تقدم اعتذاراً واضحاً للشعب الفلسطيني وتقديم تعويضاً كاملاً عما لحق به على مدار ثلاثة وتسعين عاماً من التشريد والمعاناة, كما انه يلزمها وقف سياسة الانحياز الى إسرائيل وتصحيح ما ارتكبته من أخطاء فادحة بحق الشعب الفلسطيني, وانني شخصياً بهذه الذكرى الحزينة سأقف وقفة صمت لمدة دقيقة رافضاً ومندداً لوعد بلفور المشئوم الذي حرمني من ارضي ووطني وأتمنى ان افتح عيني يوماً على واقع جديد وزمان انتهى - والله مع الصابرين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]