أعلنت المؤسسة العربية لحقوق الانسان في المؤتمر الصحفي الذي عقدته اليوم إطلاق تقريرها الجديد: "مساحات ضيقة" - التضييق على الحريات والاعتداء على منظمات المجتمع المدني"، الذي يرصد الاجراءات والقوانين والسياسات التي تستعملها السلطات الإسرائيلية للمساس بحرية التعبير والتنظيم لمنظمات المجتمع المدني عامة والمؤسسات الحقوقية خاصة.

وقال السيد محمد زيدان مدير المؤسسة "إن هذا التقرير يرصد السياسات العامة والممارسات واقتراحات القوانين، والقوانين التي تستهدف التضييق على حرية التعبير وحرية التنظيم والعمل لمنظمات العمل الأهلي في البلاد، وخاصة المنظمات الحقوقية، ويوثق إضافة لذلك الحملات الإعلامية الرسمية والشعبية للتحريض، وفرض قيود تهدف لإسكات المنظمات الحقوقية، ومنعها من العمل محليا ودولياً لفضح الانتهاكات والعمل لوقفها ومعاقبة مقترفيها".

وجاء في مقدمة التقرير ان هناك "محاولة لإعادة رسم صورة إسرائيل وترسيخ قيمها كدولة يهودية من خلال مسارين –الأول، يعمل على اعادة تعريف مفهوم وحدود المواطنة في "الدولة اليهودية، وتحديد مضامينها بقوانين وسياسات رسمية، ترسم حدوداً في معادلة الحقوق والمواطنة من خلال تضييق مساحة الحريات والحقوق الديمقراطية الاساسية. وتفضيل مكانة المواطنين اليهود وحقوقهم على حقوق المواطنين "غير اليهود"
وفي الوقت ذاته تعمل الحكومة والبرلمان الإسرائيلي لإعادة رسم "حدود الدولة اليهودية" على الأرض بشكل يجعل إقامة دولة فلسطينية الى جانب إسرائيل أمرا غير ممكن بفعل الامر الواقع الذي تفضه من خلال توسيع خارطة الاستيطان، وترسيخ فكرة "الضم والتوسع" في منطقة ج من المناطق المحتلة، مع التأكيد على ان ذلك لن يشمل إعطاء مواطنة او جنسية إسرائيلية لسكان تلك المناطق الفلسطينية للحفاظ على التفوق الديمغرافي اليهودي في الدولة اليهودية بين النهر والبحر !، وفي الوقت ذاته العمل على تقوية السياسي وتضييق القضائي والرقابة من خلال تصريحات واقتراحات قوانين بهدف تقليص قدرة السلطة القضائية على مراقبة السلطة التشريعية والتنفيذية، بالعمل لإطلاق يد الحكومة والبرلمان في الحكم بشكل مطلق، ومنع القضاء والمحكمة العليا خصوصاً من الغاء القوانين وفرض رقابة على قرارات الحكومة المنافية للمعايير والقوانين الخاصة بحقوق الانسان والحريات الاساسية.
وقد راجع التقرير الممارسات الإسرائيلية المتعلقة بتضييق مساحات العمل للمجتمع المدني من خلال استعرضه التهديدات المباشرة من قبل لوزراء والسياسيين، وإضفاء الطابع غير الشرعي على المنظمات غير الحكومية وشيطنة عملها، واستهداف موارد تمويلها بشكل مباشر من خلال القوانين التي تصنفها كمؤسسات "عميلة تخدم أجندات خارجية"، والعمل على وضع قوائم سوداء لجمعيات محددة بهدف الضغط المباشر على مصادر التمويل (مع استثناء المنظمات اليمينية والاستيطانية)، ووصولا لإغلاق بعض هذه المؤسسات وحظرها.

كما يستعرض التقرير الملاحقات والتهديدات على النشطاء واستهداف أنشطة المرافعة الدولية وخاصة تلك التي تدعم المقاطعة BDS وتفعيل الاليات الدولية لملاحقة مجرمي الحرب من السياسيين وضباط الجيش. ويأتي التقرير بنماذج من هذه التهديدات للأفراد والمنظمات الحقوقية وصولا لاستعمال الاعتقال الإداري والتلويح بقانون "منع الإرهاب" الذي تم اقراره العام الماضي لإضفاء الشرعية على أنظمة الطوارئ وتوسيعها، إضافة لحملة التحريض ضد المؤسسات الفنية والثقافية ومحاولة منعها من الحصول على حقها من التمويل الرسمي لإسكات وتضييق حرية التعبير الفني والثقافي. وخصص التقرير حيزا لاستعراض الخطوات العملية لفرض جو من عدم الشرعية على التمثيل السياسي والأحزاب من خلال حملات التحريض المباشرة وتشويه دور الأعضاء العرب في الكنيست وشيطنة أعمالهم "باعتبارهم عملاء" " يخدمون اجندات منظمات إرهابية وصولا للتحريض على قتلهم أو نفيهم/ بالإضافة لفرض قيود فعلية من خلال قوانين مختلفة أبرزها قانون "العزل السياسي" الذي يهدف اسكات الرأي المعارض للغالبية، علاوة على ابعادهم بشكل فعلي عن جلسات الكنيست والدعوة لتعليق عضويتهم ومنعهم من تأدية وظيفتهم بحجج مختلفة.

محمد زيدان: هذه التقرير الشامل يشكل وسيلة واداة سيتم استعمالها في برنامج للمرافعة المحلية والدولية

وفي ختام المؤتمر الصحفي استعرض السيد محمد زيدان مدير المؤسسة التوصيات التي حملها التقرير ووجهت للحكومة الإسرائيلية والحكومات الأجنبية والاتحاد الأوربي بمؤسساته المختلفة والمنظمات غير الحكومية الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة ووكالاتها والمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني المحلية.

وكشف زيدان عن أن هذه التقرير الشامل يشكل وسيلة واداة سيتم استعمالها في برنامج للمرافعة المحلية والدولية علما ان بأن جوانب من هذا التقرير قد تم عرضها بأوراق ومواقف قدمت لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ويعض السفارات الأجنبية في البلاد، إضافة لوجود برنامج متكامل من الاتصالات الجارية لتطوير وتعزيز نشاطات المرافعة بمختلف المستويات المحلية والدولية.


وبعد استعراض التقرير قدمت الانسة ريم عامر – من منظمة ائتلاف النساء من اجل السلام بعض الارشادات والتدريبات للصحافيين المشاركين حول طريقة التعامل تضييق مساحة الحريات الأساسية وخاصة التعبير والتنظيم إضافة لملاحقة منظمات المجتمع المدني، وأفضل الطرق لتغطيتها والتعامل معها في وسائل الاعلام، خاصة في القضايا التي تتعلق بالتغطية الإعلامية لحالات الاعتداء على النشيطات والفاعلات في مجال العمل الأهلي، إضافة لتقديم إرشادات في مجال الأمان والامن المعلوماتي للصحافة.

يذكر ان اعداد هذا التقرير قد تم من قبل وحدة الأبحاث والتقارير في المؤسسة العربية لحقوق الانسان، ضمن مشروع مشترك للمؤسسة مع صندوق المدافعين عن حقوق الإنسان – HRDF وتحالف النساء للسلام CWP - وذلك بدعم من الصندوق السويسري HEKS/EPER.

رابط لمواد التقرير يشمل: http://arabhra.org/article/226

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]