مع تطور الأحداث في سورية والعراق بالسنوات الأخيرة، انضم عشرات الشبان من بلادنا إلى التنظيمات الإرهابية هناك، وخصوصًا تنظيم "داعش"، حيث أن نحو 50 شابًا ذهبوا إلى هناك، منهم ما قُتل، منهم من عاد ومنهم من لم يعد وآخرهم كان الشاب رامي حجيرات من شفاعمرو الذي قتل في سورية، هذا بالإضافة لعشرات الشبان الذي يقبعون في السجون الاسرائيلية بتهمة الانتماء لتنظيم "داعش" أو التخطيط للانضمام إلى التنظيم ومن شابه من التهم.

الشعور بالاحباط 

حول أسباب التحاق الشبّان بهذه التنظيمات الارهابية، وآليات غسل الدماغ الذي يتعرضون له، تحدث مراسلنا مع بعض الشخصيات العربية، وقال مدير مدرسة الاقواس في ام الفحم - محمود علي جبارين، قال بحديثه مع بُكرا:" إن القهر الذي تعيشه امتنا الاسلامية ادى الى الشعور بالاحباط لدى الامة، مما دفع بالشباب الذين يملكون الطاقة والتحدي بان يبحثوا عن الحلول السريعة للتوصل الى مستقبل افضل فوجدوا امامهم هذا الفكر الذي لا يعتمد الا على القوة، وكذلك سهولة الانتماء لهذا الفكر وهذا النهج استقطب جموع الشباب الطامح، كذلك تغييب الدور للاسلاميين الوسطيين المتمثلين بالاخوان والحركات الاسلامية وتقوقع الاخرى تحت الضغوطات الكثيرة مما ادى الى تحجيم الفعاليات المجتمعية والدعوية وتحويل هذه الحركات لشبه مغلقة بحيث لا تستقطب بسهولة تابعين جدد ولا تنشط بالشكل الذي يجذب الشباب".

وتابع:" ادى ذلك بالشباب للبحث عن اطر تتناسب مع جوارحهم وفطرتهم الدينية مع سهولة الانخراط فيها، سبب اخر هو علو مظاهر الحوار المتطرف فاننا نشهد في مجتمعنا حالة من التطرف تجعله في صورة اعتيادية وواضحة وصريحة بحيث يجعل الانتماء لهذا التطرف عادة طبيعية!!".

وزاد:" هذا التطرف لا يقتصر على الفرق الدينية فحسب، بل تجده لدى الوطني والعلماني والاشتراكي وغيرهم فمنهم من يتهم الاخر بالخيانة ومنهم من يتهم الاخر بالرجعية كذلك الفرق الاسلامية التي تكفر بعضها احيانا حتى على مستوى الحركات الاسلامية فيما بعضها تراهم يستخفون بعبادة الغير واتهام اي شخص بالعمالة والنفاق اذا لم يتجاوب مع افكارهم ، كل هذا المناخ المتطرف ادى الى انتشار هذه الظاهرة المقيتة والفكر الضيق".

وحول الحلول لهذه الظاهرة، يقول:" التوعية على مستوى الأسرة ورب البيت بأن يبين لاولاده الطرق والسبل الصحيحة في بلورة شخصياتهم امام المجتمع، التوعية على مستوى المؤسسات والمدارس من خلال تذويت التربية الديموقراطية وتقبل الاخر، التوعية الجماهيرية للاهل والجمهور من خلال فعاليات وندوات جماهيرية لتذويت تقبل الاخر والراي المغاير واحترام الاخر، ان ياخذ الدعاة دورهم والتخلي عن عنجهية انا العالم بالدين وما دوني لا شيء لان هذا هو التطرف بعينه المطلوب هو احترام العلماء لبعضهم البعض واحترام الافكار والاراء".

وانهى كلامه قائلا:" دور الاحزاب والحركات بعدم الاقصاء للاخرين وفسح المجال للاجيال الشابة في تولي مراكز قيادية حتى ينمو الشعور بالامل لدى الشباب وعدم طمسهم وأسأل الله ان يحمينا من التطرف ويحمي شبابنا فإني احزن كل الحزن عندما اسمع ان فلان ينضم لداعش والتطرف لان هذا الشاب وذاك هم ضحية شراهة التسلط والتطرف الذي نعيشه".

 تحرير الفكر لدى الشباب

الناشط الفحماوي الاجتماعي - عماد عابد، قال بحديثه مع بُكرا:"الحلّ هو تحرير الفكر لدى الشباب، جعلهم يتأملون الأفق وليس الأقدام عن طريق دروس، ندوات، مبادرات من مؤسسات تربوية والبلدية لها الدور الأكبر بذلك".

المعلّم الشاب محمود عادل جبارين قال بحديثه مع بُكرا:" ظاهرة خطيرة جدا ولا تصب بمصلحة احد بل على العكس تماما فأنها تضر المجتمع اجمع وعلى وجه الخصوص قد تسبب الكثير من المتاعب والضغوطات والاعصاب لاهالي هؤلاء الشبان ، كل ذلك من حملات تفتيش في ساعات متأخرة من الليل لمرات عديدة ، او دعوتهم للتحقيق لساعات طويلة ومشقة ، ناهيك عن العبء الاقتصادي تكاليف طاقم الدفاع عن المتهمين والذي يكلف مبالغ باهظة ، لذلك يجب هلينا التنبه جيدا والحرص ثم الحرص من هذا الامر الخطير".

وحول أسباب الالتحاق بداعش يقول:" لا اريد ان اجزم وافصل ، لعلها كثيرة وعديدة ، وتختلف من الشخص للاخر ، ولكن لا بد من ذكر اهمها وهو عدم التوعية الكافية لدى شبابنا لمدى خطورة هذه الظاهرة ، يجب على المربيين وائمة المساجد التنويه لضرورة عدم خلط الدين بالسياسة والامور الوطنية فديننا دين السلام دين حنيف يرفض كل ما يبت بمعتقدات الفكر الداعشي بصلة، عليهم التركيز على دينهم وصلاتهم وامورهم الدنيوية والدينية بدلا من الغرق في الفكر الداعشي".

وانهى كلامه قائلا:" اما بخصوص الحل، علينا التكاتف معا سوية اهالي ومربيين واخصائيين ورجال دين من اجل نبذ هذه الظاهرة المنتشرة فينا وفي ابنائنا ، يجب محاربتها بشتى الوسائل من رفع الوعي من خلال محاضرات في جميع المدارس واخص بالذكر المرحلة الاعدادية والثانوية ، كما انه يجب تخصيص خطب جمعة موحدة بجميع المساجد من اجل تبيين الحق من الباطل والحكم الشرعي في مثل هذه الامور ، واخيرا ولعله الاهم وهو الانتباه قدر الامكان لابنائنا، فنحن الاهل المسؤول الاول والاخير عما يحدث مع ابنائنا، نحن المراَة التي يتمعن بها ابنائنا ويتقمص تصرفاته واخلاقه وفكره من خلالنا ، كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته ويجب متابعة الابناء وتضييق الخناق عليهم ان لزم الامر لكي نضمن مستقبل افضل ، مستقبل مزهر وامن بعيد كل البعد عن التطرف والتعصب الديني".

أصحاب الفكر الداعشي وزعران الطخ لا يقرأون ما نكتب

الحكواتي حكيم سمارة قال بحديثه مع بُكرا:" بداية اصحاب الفكر الداعشي وزعران الطخ لا يقرأون ما نكتب، ونحن مجتمع ذاهب نحو التحديث وبوتيرة سريعة جدا قبل ان نهضم ونعي ما حولنا، هي الصدمة ونحن امام موجة تحمل في طياتها عاصفة غريبة ومترنحة وقد تكلفنا بانهيارنا سريعا".

وانهى كلامه قائلا:"والفكر الداعشي هو محصلة من الدوامات التي نعيش وهروب نحو واقع مرير- عندما تجد نخبتنا تنظّر وعاجزة ويتحاشرون على الكراسي والمنصّات والزعامة- عندما تجد رئيس مجلس محلي يقتل مواطن- عندما تجد رئيس بلدية يسبّ ويشتم - وعندما تختفي 3 فتيات في اسبوع بالنقب والقائمة طويلة، لقد احتلت عقولنا عناكب غريبة كما احتلت فئه جاهلة، المساجد".

شياطين بشكل مشايخ يتاجرون بالدين واموال المجتمع

البروفيسور الفحماوي رياض اغبارية قال بحديثه مع بُكرا:"انضمام شبابنا العرب لداعش هي عملية انتحارية باساسها ويكون السبب الاساسي لذلك، علميا، بان يصل الشاب بمقتبل عمره لقرار بالاستشهاد او المخاطرة بحياته او دفع ثمن حياته لهدف معين، يحدث عندما يقتنع بان وضعه في هذا العالم لا يطاق ولا يوجد اي مخرج له لتحقيق احلامه بحياة سعيدة على الارض فيختار ان يرحل حيث اقنعه بعض الجهلة المجرمين بان حياته بالجنة هي الحل لكل ما يشكو منه، وهؤلاء هم شياطين بشكل مشايخ يتاجرون بالدين واموال المجتمع".

وعن اليات دحر الفكر الداعشي، يقول:" السد الحصين لمنع تشويش عقول هؤلاء الشباب هو فقط ان نضمن ونوفر لهم افق التعليم العالي، العمل والمسكن. بحالة توفرت العوامل الثلاثة، من المستحيل اقناع هؤلاء الشباب بالانتحار عن طريق اضاءة ضوء وشمعة لهم في اخر النفق ونقتل يأسهم، واقتبس قول درويشنا "علينا الا نلوم المفجرين الانتحاريين .. نحن ضد المفجرين الانتحاريين، لكن يجب علينا أن نفهم ما الذي يدفع هؤلاء الشباب للقيام بتلك الافعال .. انهم يريدون تحرير أنفسهم من هذه الحياة المظلمة .. إنها ليست الإيديولوجية ، بل اليأس." - محمود درويش".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]