تمضي الأيام وتتوالى لتزيد في جعبة وسجلات الاحتلال الاسرائيلي وأعوانه المزيد من الجرائم ضد الانسانية والتي راح نتاجها الألاف من الشهداء، وبالرغم من كثرة الجراحات والمجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني إلا أنه ما زال متمسكا بحقوقه ومطالبا بها.

ويوافق اليوم السبت الذكرى الـ 35 لمجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي و"جيش لبنان الجنوبي" وقوات "حزب الكتائب"، ضد اللاجئين الفلسطينيين في 16 من أيلول عام 1982 والتي راح ضحيتها ما يزيد عن 3500 شهيد .

وتبقى مجزرة صبرا وشاتيلا جرحا نازفا في الذاكرة الفلسطينية الموشومة، لم تكن أول مجازر الاحتلال بحق الفلسطينيين ولا آخرها، تحضر قبلها مجازر الطنطورة وقبية ودير ياسين وبعدها مذبحة مخيم جنين ومجازر منسية أخرى بغزة والضفة، لكن بشاعتها وظروفها شكلتا علامة فارقة في الضمير الجمعي الفلسطيني.

وبدأت مقدمات المجزرة في 13 و14 من سبتمبر/أيلول 1982، عندما تقدمت القوات الإسرائيلية المحمية بغطاء جوي كثيف إلى داخل العاصمة بيروت بعد أن غادرها مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية، ونشرت عشرات الدبابات على أطراف مخيم صبرا وشاتيلا بلبنان، وأحكمت حصارها على المخيم وذلك بعد أن تم اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب بشير الجميل في 14 سبتمبر/أيلول 1982، فمنعت الخروج منه، كما يقول العوض.

وخرقت "إسرائيل" بذلك اتفاق فيليب حبيب -المبعوث الخاص للرئيس الأميركي آنذاك رونالد ريغان إلى الشرق الأوسط- وهو أول اتفاق رسمي يتم التوصل إليه بين منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية تم التوقيع عليه في 24 يوليو/تموز 1981.

ونص الاتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وانسحاب مقاتلي المنظمة مقابل التعهد بحماية المخيمات واللاجئين في لبنان وعدم دخول الجيش الإسرائيلي لبيروت مع نشر قوات متعددة الجنسيات لضمان ذلك.

خرق الاتفاقية

ومع حلول ظلام يوم 16 سبتمبر/أيلول 1982، بدأ جنود الجيش الإسرائيلي والمجموعات الانعزالية (مقاتلي حزب الكتائب اللبناني، وجيش لبنان الجنوبي)، التقدم عبر الأزقة الجنوبية الغربية لمخيم صبرا وشاتيلا المقابلة لمستشفى "عكا" في منطقة كانت تسمى "الحرش"، وانتشروا في جميع شوارع المخيم وسيطروا عليه بشكل كامل.

وعلى مدار ثلاثة أيام بلياليها ارتكبت المجموعات الانعزالية والجنود الإسرائيليون مذابح بشعة ضد أهالي المخيم العزل، حيث وجدت نساء حوامل بقرت بطونهن وألقيت جثثهن في أزقة المخيم بالإضافة إلى أطفال قطعت أطرافهم عشرات الأشلاء والجثث المشوهة التي تناثرت في الشوارع وداخل المنازل المدمرة.

إلى اليوم لا يعرف أحد عدد شهداء المجزرة، التي استمرت 43 ساعة متواصلة، منذ مساء الخميس 16 أيلول إلى ظهر السبت 18 أيلول 1982 في منطقة صبرا ومخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين قرب العاصمة اللبنانية بيروت، لكن أدق الأرقام هو 3500 شهيد معظمهم فلسطينيون، فيما قُدر وجود مئات اللبنانيين بينهم.

ورغم بشاعة المجزرة فإن المجتمع الدولي لم يفتح أي تحقيق في تفاصيلها، ولكن إسرائيل شكلت في العام 1982 لجنة تحقيق قضائية للتحري في ظروف المجزرة والمسؤولين عنها، واستنتجت في تقريرها النهائي بعد عام بأن المسؤول المباشر عن قيادة هذه المذابح هو إيلي حبيقة مسؤول مليشيات حزب الكتائب بلبنان آنذاك الذي قتل بتفجير سيارة مفخخة في بيروت عام 2002.

وأكدت اللجنة أن أرييل شارون -وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت- وعددا من الضباط الكبار بالجيش الإسرائيلي كانوا مسؤولين مسؤولية غير مباشرة عن هذه المذابح، وبعد إعلان نتائج التحقيق أرغم شارون على الاستقالة من منصبه.

ولم تصل كل الدعاوى القضائية التي رفعت ضد شارون في لبنان وبلجيكا إلى خواتيمها لمحاسبته على هذه الجريمة -كما بقية المشاركين فيها- وظل يتبوأ مناصب رفيعة مستمرا بسياسة قتل الفلسطينيين في غزة إلى أن أصيب بجلطة دماغية في العام 2005 ودخل في حالة غيبوبة موت دماغي انتهت بوفاته عام 2014.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]