عقد المركز العربي للتخطيط البديل مؤتمره السنوي السابع عشر حول قضايا الأرض والمسكن، بالتعاون مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية أمس الأربعاء في فندق أوليفيية - رمادا، الناصرة. بمشاركة العديد من رؤساء السلطات المحلية وأعضاء الكنيست وممثلي الجمعيات والمؤسسات المختلفة.

الجلسة الافتتاحية

افتتح المؤتمر سامر سويد مدير المركز مرحبا بالمشاركين، ومؤكدًا على أهمية عقد هذا المؤتمر الذي اصبح تقليدا سنويا يتناول أهم القضايا المهنية والمستجدات على صعيد الأرض والمسكن. وتحدث الدكتور صالح نجيدات عضو إدارة المركز مرحبًا بقيادات المجتمع العربي المشاركة في المؤتمر، مؤكدًا على مواصلة التعاون مع لجنة المتابعة واللجنة القطرية في طرح ومناقشة اهم القضايا الوجودية لمجتمعنا العربي في وطننا الذي لاوطن لنا سواه.
وأكد محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية على أهمية عقد هذا المؤتمر، منوهًا الى التخطيط لعقد مؤتمر مهني جامع يتولى المركز العربي للتخطيط البديل تركيزه انبثاقًا لتوصيات مؤتمر القدرات المهنية الذي عقد في الطيبة. وأكد بركة على ضرورة مواصلة التعاون بين كافة الأطر المهنية والمحلية للدفاع عن قضايا الأرض والوقوف في وجه المخاطر الحكومية التي تلبس اشكالاً مختلفة من فترة الى أخرى.
وتحدث مازن غنايم رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية أهمية التعاون بين المركز والسلطات المحلية من اجل احقاق حقوق جماهيرنا العربية وتشكيل حلقة مهنية متواصلة تتابع وتبحث عن كل مسار ممكن لتحصيل المزيد من الحقوق والميزانيات لصالح بلداتنا العربية.
وقال ايمن عودة رئيس القائمة المشتركة ان إقامة مؤتمرًا مهنيًا في كل عام طوال سبعة عشر عامًا هو أمرًا ليس مفهومًا ضمنيًا، هذا دليل على ان هذه المؤسسة راسخة الوجود متجددة ومهنية في عملها وفي تواصلها مع الجمهور والمؤسسات المحلية والمهنية، ونحن فخورون بهذا المؤتمر الذي يطرح اهم القضايا حول الأرض والمسكن.

الجلسة الأولى: اللّجان الجغرافية الجديدة – هل تفي بالتوقعات؟

وقدمت المخططة هبة بواردي من المركز العربي للتخطيط البديل مداخلة حول طلب توزيع مدخولات المنطقة الصناعية "تسيبوريت" الذي قدم مؤخرًا بالتعاون مع السلطات المحلية: المشهد وكفركنا والرينة وعين ماهل والمجلس الإقليمي البطوف. وشرحت بواردي اهم مميزات المنطقة الصناعية تسيبوريت وأفاق توسيعها، والفوارق الكبيرة بين حصة المواطنين في البلدات العربية من مدخولات سلطاتها وبين سكان نتسيرت عليت، والتمييز المنهجي بإبقاء هذه الفوارق وعدم توزيع مدخولات هذه المنطقة الصناعية التي تصل الى عشرات ملايين الشواقل سنويًا على البلدات المحيطة بها والمجاورة لها، انما تحويلها لصالح بلدية نتسيرت عليت فقط!

وقدم بيان قبلان رئيس مجلس بيت جن المحلي مداخلة حول طلب توسيع حدود بيت جن، والتجاهل الصارخ للجنة الجغرافية لفحص الحدود الطلب الأصلي المقدم لها، واجتزائه كما يحلو لها بدون التنسيق مع المجلس المحلي. وأكد قبلان على ضرورة التصدي والوقوف في وجه سياسة التجاهل التي تنتهجها وزارة الداخلية، ورفض تغيير الحدود لتوسيع حدود البلدات العربية النابع من منطلقات عنصرية.
وشرحت ياعيل لافّي إفرات من جمعية حماية الطبيعة، المعارضة لتوسيع حدود حريش وتجاهل احتياجات البلدات المجاورة، وتغليب مصلحة حريش دون الالتفات الى باقي البلدات في المنطقة، مؤكدة ان هذه السياسة تخلق المزيد من الفجوات بين البلدات وتؤدي الى اضعافها.
أما بروفيسور أيالا رونئيل من كلية الهندسة المعمارية في جامعة تل ابيب، فتحدثت حول تخطيط وتعديل حدود جسر الزرقاء، والمعارضة الشديدة التي تلاقيها بلدة جسر الزرقاء من جيرانها، ومواصلة خنقها وحصارها بين شارع رقم 2 وشاطئ البحر. وأكدت رونئيل على ضرورة توسيع حدود جسر الزرقاء وإتاحة المجال امام أهلها وسكانها لبناء احياء ومرافق جديدة تفي باحتياجاتهم لأنه من حقهم التطلع نحو مستقبل افضل لابنائهم.

وعقب د. حنا سويد – رئيس المركز العربي للتخطيط البديل حول هذه الجلسة وحول عمل اللجان الجغرافية – فرصة أم مراوحة في المكان؟ مؤكدًا على حق كل بلدة عربية بتوسيع حدودها وبتحصيل حقوقها من حيث ضمان المدخولات اللازمة لتوفير افضل الخدمات لمواطنيها. لذلك يجب ان ندرك ان تحصيل هذه الحقوق ليست منة من احد انما هي حق أساسي لنا. كذلك يجب ان تتنبه السلطات المحلية الى الفوارق الكبيرة المستمرة بالاتساع في غالبية المناطق بينها وبين جاراتها اليهودية، فلا يعقل ان تكون حصة المواطن العربي في بلدة معينة أقل بعشرات المرات من حصة جاره اليهودي. هذا الأمر يسبب فوارق متضخمة في الخدمات اليومية ومستوى الحياة والمرافق التي يمكن توفيرها لرفاهية المواطنين. المواطن العربي لا يحلم بما ينعم به جاره اليهودي وهذا التمييز المستمر يتضخم ويجعل من بلداتنا العربية مجرد اكواخ للنوم، لا مكانًا للعيش الرغيد كما نريد وكما يحق لنا. وأكد سويد ان هذه اللجان ما زالت في بداية عملها، ولكن من الجلسات التي عقدت من الممكن رؤية التعامل الاستعلائي من قبل هذه اللجان مع طلبات السلطات المحلية، حيث يتم تغيير الطلبات الاصلية التي قدمت باسم المجالس وبحث طلبات مقلّصة جدا، وكأن المجلس المحلي الذي يتقدم بطلبات لتوسيع منطقة نفوذه يقوم بسرقة هذه الأرض، ولذلك هذا التعامل لا يبشر بالخير ويحتاج الى وقفة جدية من قبل السلطات المحلية، وأكد سويد ان المركز العربي للتخطيط البديل سيواصل متابعة هذا الملف بمهنية وإصرار.

وقال سامر سويد مدير المركز العربي للتخطيط البديل، الذي ادار الجلسة ان المركز طرح هذا الموضوع في محور اعمال المؤتمر لأهميته، ونتوقع انه سيكون الموضوع الشاغل والحارق في العام القريب، لذلك سلطنا الضوء عليه ونسعى للمزيد من التعاون الجدي مع السلطات المحلية في هذا المضمار.

الجلسة الثانية حول قضية النقب بعنوان: شبح الترحيل في ظل غياب التخطيط والاعتراف!

وأدارت الجلسة الثانية حول قضية النقب د. عناية بنا مهندسة اللجنة المحلية في وادي عارة، حيث اكدت ان قضية النقب هي قضية السكان الأصليين في هذه المنطقة، الحق في الأرض بغض النظر عن الملكية الخاصة، انما حق السكان في الحيز العام في مناطق سكناهم. والحق في اتخاذ القرار ووجوب اشراك الأهالي في كل قرار يتعلق بمستقبلهم ومصيرهم وظروف حياتهم.

وتحدث عطية الأعسم رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب مؤكدًا على تمسك أهالي النقب العرب بقضيتهم وبأرضهم، وقال ان مساحة النقب هي حوالي 12,800,000 دونم، صادرت إسرائيل ما يقارب 97% منها، وبقي 3% من هذه المساحة للسكان العربي فقط. كذلك فقد هجّر نحو 90% من أهالي النقب العرب في العام 1948 وما بعده خارج حدود الوطن. وذكر الاعسم ان المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها أقيم في العام 1997 لتوحيد النضال الجماعي والعمل المشترك من اجل الاعتراف بهذه القرى. القرى العربية غير المعترف بها موجودة على ارض الواقع لكنها غير موجودة على خارطة دولة إسرائيل وبذلك تتجاهل الدولة ومؤسساتها هذه القرى عند التخطيط وعند تنفيذ المشاريع في النقب، ويدفع أهالي هذه القرى ثمن هذه السياسة التمييزية. القضية ليست مهنية، لكنها قضية سياسية عنصرية موجهة ضد المواطنين العرب في النقب، بهدف الاستيلاء على الأرض. واليوم تزيد الدولة من نقل معسكرات الجيش للنقب ومؤخرًا شق شارع رقم 6 على حساب الأراضي العربية، وتشريد نحو 600 عائلة عربية.

وقال جعفر فرح مدير مركز مساواة، مؤتمر من هذا النوع هو مناسبة للنقاش وطرح المواضيع والقضايا الهامة التي تخص مجتمعنا. معركتنا هي على نوعية الانسان الفلسطيني في البلاد، المؤسسة تريدنا في اسفل السلم. يجب تعزيز المرافقة المهنية والتنظيمية لنضالات جماهيرنا. معركتنا نقل المعركة الى موقع اتخاذ القرار، لا الى البيوت المستهدفة المهددة بالهدم، بل الى أروقة الكنيست والحكومة. كان يجب الانتباه الى إقرار ميزانية سلطة الهدم والضغط لتقليص هذ الميزانيات. يجب ملاحقة داني عطار الذي يدير الكيرن كييمت وهو من حزب العمل للجم التصرفات والممارسات العدائية تجاه المواطنين العرب في النقب.

وتحدثت أمل النصاصرة مديرة جمعية سدرة، ان مفهوم الصمود يجب ان يشمل النساء في النقب، وذلك بتوفير الحماية والأمن والأمان للنساء في النقب. المرأة العربية في النقب هي شريكة في النضال لكن يجب وقف ولجم الممارسات التي تنتهك حريتها وحقوقها. يجب على القيادة العمل على ضمان حقوق النساء واحترامهن كشريكات في النضال. وإتاحة الفرصة لهن باسماع صوتهن ليس فقط في المؤتمرات، انما ايضًا في ساحات النضال والمؤسسات واللجان الشعبية والمحلية. حتى في القرى المعترف بها، يتم تجاهل النساء العربيات في النقب، لذلك نحن نطالب باحقاق حقوق النساء في النقب كشريكات كاملات، لانه بدون الأمن والأمان للنساء في النقب لا يمكن الحديث عن الصمود.

وتحدث رائد أبو القيعان رئيس اللجنة المحلية للدفاع عن أم الحيران، عن المواجهة والتصدي في ام الحيران التي بدأت منذ سنوات عديدة، مؤكدًا على إصرار أهلها على احقاق حقهم في ارضهم. وتحدث عن مواصلة الشرطة والسلطات في زرع الخوف الرعب بين صفوف الشباب لمنعهم من النضال والدفاع عن ارضهم وبلدهم بملاحقتهم واعتقالهم وابعادهم عن البلدة قسرًا. وتحدث عن الشهيد يعقوب أبو القيعان الذي استشهد في ام الحيران خلال اجتياح قوات الشرطة للبلدة. وتحدث عن توصية المجلس القطري للتخطيط والبناء بنقل السكان من مكان سكناهم دون اخذ رأيهم ودون اشراكهم في اتخاذ القرار. وقال ان إعادة التخطيط الى مسار طبيعي، وإلغاء "سلطة تطهير البدو" هو ما يجب ان يكون، لا ان نبقى تحت سلطة وزارة الزراعة الخاضعة لسيطرة المستوطنين. كذلك تحدث عن التوصيات التي قدمتها المحققة تلما دوخان بالاعتراف بنحو 25 قرية عربية، وتجاهل هذه التوصيات والغائها. النكبة لم تنته في النقب والحاكم العسكري ما زال في النقب. الصمود الذي صنعه النساء والرجال من الأجيال السابقة هو مصدر اعتزاز لنا جميعًا.

وتحدثت د. يعلا رعنان من المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب وكلية سبير عن سبل عمل المجلس الإقليمي في النقب، وضرورة الاستمرار في الوقوف الى جانب أهالي القرى غير المعترف بها. يجب الدفاع عن حقوق الأطفال والأولاد البدو في النقب لتوفير اطر مدرسية واجتماعية ملائمة لهم.
واختتمت المهندسة عناية بنا الجلسة الختامية بالشكر الجزيل لجميع المشاركين والمشاركات في المؤتمر، مؤكدة على مواصلة التعاون مع المركز العربي للتخطيط البديل في مختلف القضايا التي تهم مجتمعنا العربي في كافة ارجاء البلاد.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]