على الرغم من انشغاله بإدارة شركة لتدوير الورق إلا أن السيد محمد زاهي بلعاوي "أبو السعيد " (60 عاما) ما زال محافظا على " قطار جنين " خلال الأعياد، والسبب أنه يرسم البسمة على وجوه الأطفال.

وعلى الرغم من أن مدن الملاهي والمتنزهات وأماكن ألعاب الأطفال تعتبر العيد موسما سياحيا لكسب المال، فإن الأمر مختلف لدى أبو السعيد من حي السيباط في مدينة جنين.

"إنه يهدف لرسم البسمة والبهجة في نفوس الأطفال قبل أي شيء آخر "... بهذا يصف ل"صفا" أبو السعيد الغاية من قطاره الذي لن يوقفه عن العمل في كل عيد، طالما يتصل به الأطفال ليسألونه متى سيشغله؛ فأمام إلحاحهم يستمر القطار بالعمل حتى ولو كان أبو السعيد رجل أعمال له انشغالات كثيرة.

وتحول قطار أبو السعيد في حي السيباط في جنين من لعبة تسلية للأطفال إلى أحد مظاهر العيد، ويضيف " يأتي الأطفال قبل العيد ويسألونني عن وجود عيد أم لا لعدم رؤية القطار أمام البيت، لأن العيد ارتبط في أذهانهم بالقطار، وفي بعض الأيام يأتي الأطفال ويدقون جرس البيت وأخرج بهم ولو كانوا خمسة أطفال أسير بهم جولة خفيفة.. فالقطار بالنسبة لأهالي الحي وأطفاله هو العيد والفرحة والانبساط وكسر الروتين."

وبضحكة تملأ وجهها تقول سلسبيل ( 9 أعوام ) " القطار بالنسبة لي هو فرحة العيد"، أما الطفلة آية (8 أعوام ) فتقول " القطار يجمعني بأبناء الحي وصديقاتي ويضفي أجواء من البهجة علينا..." وببراءة تتحدث جنى ذات السبعة أعوام " ...التقي صديقاتي وبنكيف وبنغير جو…."

وحول فكرة القطار يقول أبو السعيد ل"صفا": "بدأت الفكرة عام 2004 عندما رأيت عدم وجود وسائل ترفيهية متنقلة للأطفال بشكل غير مبتذل؛ فجاءت فكرة القطار وشرعت بها على الفور ".

ويشير إلى أن قطاره " تتوفر به وسائل الأمان من ترخيص وتأمين ووجود طاقم مساند يتألف من ثلاثة أشخاص على كل عربة واحد وهم أبناؤه سعيد 26 عاما خريج رياضيات ؛ وأمير 23 خريج محاسبة ؛ وقصي 20 عام طالب محاسب.

ويتكون القطار من ثلاث عربات، تتسع كل عربة ل 16 طفلا من عمر 8 سنوات فأكثر، وفي بعض الحالات تأتي أم مع أطفالها أو شاب مع أقربائه ويركبون مع أبنائهم" .

وتبلغ رسوم الركوب في القطار شيقلا واحدا فقط، بحيث تصل المسافة المقطوعة في كل جولة 2 كم، وهو ما يشير إلى أن الهدف ليس ماديا بقدر ما هو معنوي للأطفال.

لم يعد للترفيه فقط

ويبدي أبو السعيد عزمه تطوير آلية عمل القطار، بحيث يعمل بشكل دائم في أيام الجمعة والعطل الرسمية والأعياد، وكذلك تطوير شكل عربات القطار لتحاكي العربات الحقيقية مع عمل ما يلزم على صعيد تفصيل شكل القطار وتلبيسه لمقدمته.

وينوه إلى أن عمل القطار لم يعد يقتصر على الأطفال، بل إن المؤسسات الرسمية تستعين بالقطار للمشاركة في فعاليات مختلفة ومنها مشاركته في يوم المعاق العالمي؛ وفعاليات إحياء ذكرى النكبة بعنوان قطار العودة؛ حيث تجول في شوارع المدينة وصولا إلى مقر الاحتفال بذكرى النكبة.

ويختم حديثه بالقول " لا شيء يعادل أن تكون سببا في رسم بسمة على وجه طفل، وأطفالنا بحاجة لذلك في ظل الضغوط الكبيرة التي يتعرضون لها..".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]