نظم مركز "إعلام"، يوم الاثنين الفائت، بالتعاون مع جمعية "نساء وآفاق" النسوية، ندوة بعنوان "التحديات التي تواجه فلسطيني الـ 48 والحلول المقترحة لمواجهتها". 

وعقدت الندوة، التي تأتي ضمن مساعي مركز "إعلام" بالتواصل مع الجمهور الفلسطيني لسماع التحديات من وجهة نظره كجزء من تقرير تعمل على اصداره مجموعة التفكير الاستراتيجي التي يحتضنها "إعلام"، في مقر جمعية "نساء وآفاق" في كفرقرع وحضرها نخبة من المتهمين خاصةً حاملي التوجه النِسويّ. 

وشارك ي الندوة المذكورة كل د. نايفة سريسي- مديرة نساء وآفاق، د. تغريد يحيى يونس- المحاضرة في جامعة تل ابيب، المحامية نسرين عليمي كبها، والمستشارة التنظيمية شهيرة شلبي- ممثلة عن مجموعة التفكير الاستراتيجي. 

وتطرق المتحدثات في مداخلتهّن إلى التحديات التي تواجه فلسطيني الـ 48 وسبل مواجهتها مع التركيز على البعد النِسوي بإعتبار أنّ أي مسيرة تحرر مجتمعيّة يجب أن تبدا بتحرر المرأة.
ورحبت د. نايفة سريسي بالحضور مشخصّة وضع المرأة الفلسطينية في الداخل ومؤكدة أنها تعاني من 3 دوائر تمييز وتحدي وهي كونها امرأة تعيش في مجتمع ذكوري متسلط، وكونها عربية تعيش في ضمن اقلية تعاني من التمييز والتهميش، وايضًا كونها امرأة تعيش بواقع فيه الذكورية والعسكرة هي المهيمنة.
وتطرقت د. سريسي إلى التحديات التي تواجه النساء عامةً، والحركات النِسوية خاصةً، مشيرة إلى أنّ هنالك تقدم وإنجاز للحركات النِسوية إلا أنّ هذا التقدم والإنجاز، سواءً في القضايا العامة أو الأحوال الشخصيّة، لا زال هامشيًا مقارنة بالتطورات في العالم العربي، بسبب المعيقات المجتمعيّة الذكورية والنسائية ايضًا.
ودعت د. سريسي إلى ضرورة التكاتف وتظافر الجهود في العمل النِسوي من أجل الدفع إلى التغيير المنشود وأيضا لمواجهة العدائية المجتمعية لعمل المنظمات النِسوية موضحةً على أنّ إنجازات أي مجتمع تقاس بإنجازات الحركات النِسوية، و- "نحن داخل الـ 48 لا زلنا نفتقر إلى العديد من الإنجازات منها انخراط المرأة في العمل السياسي، وجودها كمحكمة أو قاضية شرعية في المحاكم، او حتى وجودها في مواقع اتخاذ قرار سواءً سياسية أو اقتصادية"- حد تعبيرها.
بدورها تحدثت المحامية نسرين عليمي كبها عن قانون الاحوال الشخصيّة في إسرائيل مشيرة إلى الفرق بين المحاكم المدنية والأخرى الشرعيّة ومؤكدة على اختلاف تعامل نوعيّ المحاكم مع القضايا النسائيّة، إلا أنّ مجتمعنا بغالبه يتوجه إلى المحاكم الشرعيّة.
وأوضحت عليمي كبها انّ المحاكم الشرعيّة، تشكل تحدي بحد ذاتها في تعاملها مع نسائنا، رغم أنّ هنالك تغييرات في الآونة الأخيرة مثال تعيين قاضية شرعية لأول مرة في إسرائيل، تعيين سياسيّ وليس من باب إنصاف المرأة.
وخصت عليمي كبها، الميراث، بحديثها عن الفرق بين المحاكم المدنية والشرعية، مشيرةً إلى أنّ نسائنا قليل ما تسعى إلى التحاكم في الارث في القانون المدني رغم أنه قد ينصف المرأة مقارنة بالمحاكم الشرعية.
اما المستشارة التنظيمية شهيرة شلبي فقد تطرقت في مداخلتها إلى مشروع التفكير الاستراتيجي موضحةً فكرة المشروع ومعرفةً بالقيّمين عليه وأهدافه.
وأوضحت شلبي أنّ مشروع التفكير الاستراتيجي يعتمد بالأساس على "اننا وكمجتمع يجب أن يكون لنا رؤية مستقبلية". وفسرّت شلبي الفرق بين المشروع والتصورات المستقبلية التي نُشرت وشخصت الواقع دون بناء سيناريوهات تعامل وحلول مقترحة كالتالي يقوم بها المشروع اليوم.
ولخصت شلبي التحديات التي خلص لها القيّمون على المشروع اليوم مشيرةً إلى التحديات القومية والمدنية، مضيفةً أنّ التحديات أخذت بعين الاعتبار فرضية التهميش المزدوج التي يعاني منها مجتمعنا الفلسطيني في الـ48 وأنّها انتهت بطرح عدة سيناريوهات للحل، سيناريوهات قد نصل إليها بصورة تصالحيّة أو تصادميّة.
بدورها قالت د. تغريد يحيى يونس في مداخلتها أنّ هنالك فجوة ما بين الواقع وما نطمح إليه وأنه لتلخيص التحديات التي تواجهنا مجتمعيًا يجب أن ننظر بصورة أوسع من النِسوية، فعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار الظروف المجتمعيّة والظروف الإقليمية والدولية وتأثيرها علينا.
وشددت د. يحيى يونس على أنّ التصورات المستقبلية التي نُشرت أحدثت هزة في الخطاب العام في إسرائيل وعلاقة فلسطيني الـ 48 بالدولة، حيث استطاع الفلسطينيون بتغيير الخطاب ورسم ملامحه بطريقة أخرى.
اضف إلى ذلك، ذكرت د. يحيى يونس، الانتخابات في الولايات المتحدة ونشوء ظاهرة "ترامب"، وتأثير هذه الظاهرة على المجتمع الإسلامي والمجتمع الفلسطيني، كما وتطرّقت د. يحيى يونس إلى التحولات الإقليمية في الدول العربية ومحاولات هندسة شرق اوسط جديد مبني على بوصلة المصالح الغربية الامريكية.
وتطرّقت ايضًا إلى التطور على الصعيد الداخلي في إسرائيل وتعاظم التيار اليميني الذي ادى إلى قوننة وتشريع عددًا من القوانين العنصرية آخرها سيتم التصويت عليه قريبا وهو قانون القوميّة.
وطرحت د. يحيى يونس عدد من السيناريوهات المحتملة للحل عارضة الإشكاليّة في كل سيناريو ومؤكدة على أنّ الأخير هو الأفضل مسهبة أنّ السيناريو الأول هو تطبيع المصالح الاقتصادية للدول العربية مع إسرائيل إلا أن هذا السيناريو يعني اضعاف القومية العربية وتفريغ القومية من مضمونها، فيما ذكرت أنّ السيناريو الثاني تعزيز خطاب القوميّة إلا أنّ هذا السيناريو شوفيني بطبعه حتى الآن ومرتكز على شعاراتيّة وأقل على الحلول العمليّة والمنطقية، وعن السيناريو الثالث قالت انه يتحدث عن المواطنة في سياق الوطنية، دون أن يلغي او يتصادم أحدهما مع الآخر، شرط أن يتم بناء استراتيجيات توضح العلاقة بين الأثنين.
وخلصت الندوة بأسئلة ومداخلات من الجمهور تم من خلالها التأكيد على اهمية التفكير الاستراتيجي لنقل مجتمعنا من الواقع الحاليّ، الذي يسطر عليه العنف وتحديات أخرى بسبب الاحتلال، إلى الواقع المنشود والمرغوب فيه.
بقي أن نشير إلى أنّ مركز "إعلام" يرعى مشروع التفكير الاستراتيجي ويقدم له الخدمات اللازمة لإنجاحه، هادفاً الاستمرار في تحليل التحديات التي يواجهها المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل من أجل تقديم اوراق عمل متخصصة، تهدف الى تدعيم المجتمع العربي وتساعد في تنجيع دور القيادات العربية في التأثير السياسي والاجتماعي، من اجل تحقيق التجاوب من قبل كل الاطراف المعنية بما في ذلك مؤسسات الدولة مع احتياجات المجتمع وعلى رأسها القطاعات الشابة.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]