تزامنًا مع موسم الحج أُقيمت شعائر الجمعة المباركة بجامع عمر المختار يافة الناصرة بحضور حشد من أهالي البلدة والمنطقة حيث استهلها القارئ الشيخ سليم خلايلة بتلاوة آيات عطرة من الذكر الحكيم بصوته الرائع، ثم تلاه الشيخ موفق شاهين إمام وخطيب الجامع وقدم الدرس الديني وافتتحه بحمد الله سبحانه وتعالى والصلاة والسلام على الرسول الكريم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقال: "في ظل أيام مباركة طيبة يرتحل فيها الحجاج من كل أصقاع الدنيا إلى بقعةٍ واحدةٍ جعلها الله تعالى مثابة للناس وأمنًا ((إن أول بيت وضع للناس الذي ببكة مباركا)) وبكة هي اسم من أسماء مكة وكما قال العلماء سميت بكة لأنها تبكئ أعدائها فلا يدخل إلى مكة إلا عدو عنوة وقال الله عز وجل ((من دخله كان آمنًا)) وقال في حقه ((فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)) والنبي عليه الصلاة والسلام يوم أن فتح مكة قال (إن هذا البيت آمن وحده الله لي ساعة من زمن ثم عاد بلدًا حرامًا إلى يوم الدين) لا يجوز فيه القتل ولا سفك الدم والكعبة لا ينبغي أن تُسيس والحج ينبغي أن يظل بعيدًا عن طبق السياسة لأنها بيت الله هذا رمز من رموز الأُمة".

وتطرق فترة الحجاج بن يوسف الثقفي يوم أن حاصر الكعبة وحاصر جيش عبد الله ابن الزبير وضرب الكعبة بالمنجنيق وحرق نصفها.

كما وألقى فضيلته الخطبة وبعد مقدمة الحمد والثناء والشهادة بالله سبحانه وتعالى والرسول الكريم النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: "ها هو الحج يطل بأيامه وهذه الأيام المباركة تطل بأنوارها وها هي الوفود بدأت ترتحل تاركة الوطن والبلد والمال والأهل والولد من أجل الله كما وعد الله تعالى إبراهيم عليه السلام يوم أن قال ((وأذن في الناس بالحج)) قال (يا رب وكيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم؟) قال (يا إبراهيم عليك البلاغ وعلي التوصيل والتبليغ) وكما وعد الله أن يصل دعوة إبراهيم إلينا في شتى أصقاع الدنيا حتى ونحن في ظهر آبائنا وأجدادنا ونحن في عالم الغيب ((وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالًا)) لم يقل سيأتوك مع العلم سياق اللغة العربية عندما يكون فعل أمر تكون النتيجة بحرف السين وأداة التسويف في هذا المقام، ورجالًا معناها مشاة، ((وعلى كل ضامر)) ومعنى ضامر وسيلة السفر القديمة أو الجائع والله سبحانه وتعالى ميز بعلمه الخبير هناك من يأتي مشيًا وهناك من يأتي راكبًا".

وأوضح أنه من جميع بقاع الدنيا لا توجد عبادة على وجه الأرض في جميع الديانات لكن المشهد الذي نراه في موسم الحج لا تملكه أُمة إلا أُمة الإسلام بهذه الكمية بهذا اللون بهذا الترتيب بهذا النظام بالملايين لا توجد أُمة على وجه الأرض تستطيع أن تمتاز بتلك الميزة إلا أُمة الإسلام.
وأضاف: "بعد الآذان وإقامة الصلاة يدخل الإمام بتكبيرة الإحرام خلال ثوانٍ معدودة الملايين بعد أن كانت تحج بالصوم وبالحركة أقل من ثوان معدودة لا تسمع إلا همسا هذا يذكرنا تمامًا بمشهد يوم القيامة ((وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا)) الحج كله مشهد مصغر عن يوم القيامة يتساوون فيه الناس نفس اللباس لا يتم التمييز بين الغني والفقير ومن الزعيم والرئيس ومن الحاكم والمحكوم".

وبين قصة رجل أعرابي قوي جدًا وعزيز النفس العبرة منها معاملة الناس بحكمة.

وتابع: "النبي والإسلام العظيم هذه النعمة التي أنعم الله سبحانه وتعالى نعمة الحج تعلم الكون كله والمسلمين رغم ما يوجد بهم من خلل وعطب شعيرة الحج تأتي ينظر إليها العالم ملايين البشر بنفس الحركة بنفس اللباس بنفس الدعاء (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) مشهد تقشعر له الأبدان لا تمتاز به أُمة إلا هذه الأُمة ويوجد محاولات لتخريبها لكن سبحان الذي حمى بيته ويحمي كل من يلج ذلك البيت ((ومن دخله كان آمنًا))".

وحث بمثل هذه الأيام الذكر والدعاء والاستغفار واستعرض أبيات من الشعر في هذا المشهد العظيم قصيدة يا راحلين إلى منى.
واختتم: "دائمًا وأبدًا في مثل هذه المناسبات نتفائل الخير لعل الله عز وجل أن يجعل موسم الحج هذا بركة على الأمة كلها وأن يهديها بالخير جميعًا إنه على ذلك قدير".

ودعا الله أن يتقبل من حجاج بيت الله الحرام وأن يعودهم سالمين غانمين بذنب مغفور. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]