في ظل الضباب الذي يخيم على عمل القائمة المشتركة، وخيبة امل الجماهير من عمل القائمة، في ظل رفض النائب اسامة السعدي عن الحركة العربية للتغيير تقديم استقالته، خلافا لاتفاقية التناوب، يسود الشارع العربي حالة من خيبة الامل، وفقدان البوصلة والثقة في القائمة المشتركة، التي نجحت بتوحيد كفة الاحزاب تحت قائمة واحدة همها الوحيد خدمة المجتمع العربي، عن هذا الموضوع وعن تقييم عمل المشتركة حتى الان التقى مراسلنا بالاستاذ محمد دراوشة، وهو مدير مركز المجتمع المشترك في "غفعات حبيبة"، الذي تحدث الينا بإسهاب عن مسار القائمة المشتركة حتى الان وعن العقبات التي لاقتها، نجاحتها وإخفاقاتها، خيبة امل! ام تجديد ثقة؟؟ .

شهر العسل لم يدم طويلاً

حيث استهل دراوشة حديثه:"القائمة المشتركة عملت في ظروف صعبة جداً في ظل حكومة يمين متطرف. وشكل هذا الامر تحدياً جوهرياً للمشتركة اضعف من قدرتها على العمل، وحجزها في خانة المعارضة الصارخة غير البناءة. لو كانت هناك حكومية اقل تطرفاً لربما كان اداء المشتركة افضل.
المشتركة نجحت بالتعامل الإيجابي مع الخطة الاقتصادية للحكومة، رقم ٩٢٢، وفرضت نفسها شريكاً في المفاوضات مع الحكومة لزيادة الحجم المالي للخطة ووضع آليات تنفيذ. ولكن شهر العسل لم يدم طويلاً لان الطرفين دخلا في حالة مواجهة سريعة وفض التعامل العقلاني مع الأمور إثر إسقاطات عدم المشاركة في جنازة شمعون بيرس".

ما بين خطاب الاحتياجات للمواطن العربي والخطاب القومي

واضاف دراوشة:" هنالك تجاذب في المشتركة بين خطاب الاحتياجات للمواطن العربي الذي يتطلب سياسات وقرارات ومواقف عقلانية، وبين الخطاب القومي الذي يتطلب تصعيد المواجهة مع الحكومة والشرطة والمؤسسات الحكومية.
المشتركة لم تحسم موقفها في هذا التجاذب، وترتاح اكثر في التقوقع في الخطاب القومي لان هذا يسهل ابقاء مركباتها متلاحمة وعدم فُض الشراكة فيما بينهم.

المشتركة تعيش حالة عدم توازن ايديولوجي مزمن

واسهب دراوشة:" هذا الخطاب يتعارض مع توقعات الجمهور من ناحية، ويضعف قدرتها التحصيلية في موضوع الاحتياجات. برأيي ان المشتركة تعيش حالة عدم توازن ايديولوجي مزمن لا يمكن تصليحه من خلال المركبات الاربعه فقط.
المشكلة الثانية هي ان سقف العمل المشترك الذي اتفق عليه هو منخفض جداً، ولَم يفرض على المركبات في المشتركة تنسيق أعمق او حالة انصهار في الإطار المشترك. قد تكون الدوافع ايديولوجية او شخصية او تنظيمية، الا ان النتيجة واحده وهي الاحتراب الداخلي استمر، وانعكس أيضاً خارجياً في الكثير من الأحوال بقرارات ومواقف محرجة للمشتركة امام جمهورها.

هبوط حاد في تمثيل المشتركة في حال اجراء انتخابات قريبة، قد تصل الى ٨ أعضاء

واردف:"اعتقد ان السعدي سيَفي في نهاية المطاف بالتزام العربية للتغيير، ولكن قضية التناوب اثبتت انها لم تكن مدروسة بشكل عميق، وأنها تهدد اليوم مستقبل المشتركة. لا اعتقد ان تركيبة المشتركة تعكس الحجم الحقيقي لمركباتها الأربعة في داخل المجتمع العربي، وهذا الشعور بالظلم يعطي هذه المركبات الفرصة للإخلال بالاتفاقيات. ولكن ديناميكية الحوار حول الموضوع وعدم حسمه سريعا تضر بالمشتركة بشكل قاسي، حيث تبين استطلاعات الرأي هبوط حاد في تمثيل المشتركة في حال اجراء انتخابات قريبة، تصل الى ٨ أعضاء كنيست بدل ال ١٣ عضو اليوم.

نحن نحتاج لمن يعالج قضايانا وليس فقط لمن يشرحها

وعن توقعات المجتمع العربي من المشتركة قال دراوشة :" كانت التوقعات كبيرة، وربما اكبر من قدرتها على التنفيذ. ولذلك نشهد اليوم حالة خيبة أمل ومحاسبة، وابتعاد عنها. كما قلت العمل في ظل حكومة نتنياهو قلل من فرص نجاح المشتركة بالتحصيل، ولكن الجمهور لا يعنيه ذلك. هو يبحث عن تمثيل يسري مفعوله على مدار السنوات الأربع في الكنيست، وليس تمثيل يعبر عن الغضب والألم الذي يعيشه المواطن. نحن نحتاج لمن يعالج قضايانا وليس فقط لمن يشرحها ويعطيها أصداء محلية او دولية.
ولكني اشدد انه بالرغم من كل ذلك نجاح المشتركة والحفاظ عليها هو مصلحة استراتيجية مهمة للمجتمع العربي في البلاد، ويجب ان لا يترجم الاحباط الآني الى عزوف عن هذا المشروع التاريخي".

بوابة للأحزاب الصهيونية

واستطرد قائلا:"المشتركة بحاجة الى تعديل مسارها وتصليح حالها، وترتيب اوراقها وتوسيع صفوفها، ومن ثم استقطاب الجماهير من جديد. اذا نجحت بذلك اعتقد انه سيكون من الممكن اعادة الثقة مع الجماهير التي دعمتها، واعتقد ان الجمهور العربي واعي بما فيه الكفاية ليعطيها فرصة من جديد. ولكن العمل على هذه الأمور يجب ان يكون فوري، وعدم الانتظار الى موسم الانتخابات لان فكرة المقاطعة قد تتجذر الى حينه.اي ضرر يصيب المشتركة وأي ضعف لها هو بوابة للأحزاب الصهيونية لتدخل من خلاله الى مجتمعنا لتحصل على شرعية مجددة وتكتسب الأصوات على حساب المشتركة.ولكن قد يكون هنالك حالة انقسام في المشتركة نفسها تغير من قواعد اللعبة. السؤال هو كيف سيحصل هذا الانقسام وكيف ستتعامل أقطابه فيما بينها.

الفشل بذلك يعني تبخر حلم مجتمعي مهم

واختتم دراوشة:"النضال الشعبي هو مطلب دائم مع او بدون نضال برلماني. من يشعر ان لديه قدرات وافكار ويعتقد ان لديه مبادرات في هذا المجال فليتفضل. ولكن انا ارفض فكرة التنازل عن السلاح البرلماني لانه، حتى ان لم يكن حاداً بما فيه الكفاية، فهو يبقى آلية مهمة وعلينا المحافظة عليها، لا بل وتحسين استعمالها في المسارين القومي والتحصيلي. لذلك على المشتركة عمل الكثير لإعادة ثقة المجتمع العربي، وخاصة السواد الأعظم غير المحزب وغير مؤطر سياسياً.
 هذه الخطوه يجب ان تتطور اليوم، وربما يجب انتخاب هؤلاء الأشخاص في برايمريز مفتوح، لكي يستطيع المواطن العادي التأثير على من سيكون ممثليه، وعدم الاكتفاء بترتيب مقاعد غير مفهوم وغير منطقي، وغير متوازن. المشتركة يجب ان تنهي حالة التناحر فيما بينها، وان تضبط المركبات التي لا تمتثل لرأي الأغلبية، وان تضع لنفسها برنامج مشترك ، وخطة عمل واضحة تتوافق مع مطالب الجمهور، وليس مع ايديولوجيات الأحزاب. ويجب ان تظهر للمجتمع الجيل القيادي المقبل في داخلها. لا مانع برايي ان يستقيل ٣-٤ أعضاء جالسين من الكنيست ليسمحوا بدخول عناصر شابة ليتعرف عليها الجمهور.
المشتركة كانت تحقيق حلم لجماهيرنا، ومسؤولية استمرارها هي بيد مركباتها. والفشل بذلك يعني تبخر حلم مجتمعي مهم، ولذلك اناشد قيادتها بالتمسك بالوحدة حتى الرمق الأخير، وبمصارحة جمهورها، وبتحديث طرق عملها. وعليها عدم التخوف من التجديد، والنظر الى مستقبل المجتمع، وليس فقط مستقبل الأحزاب. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]