نُشرت مؤخرًا نتائج بحث علمي مسهب، أجراه خبراء وباحثون في مستشفى " هداسا" والجامعة العبرية بالقدس- تضمّنت الإعلان عن اكتشاف مرض أعصاب وراثي يصيب الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 3-7 ىسنوات.

وحتى الآن لم يطلق الباحثون تسمية على هذا المرض الذي وصفوه بأنه " رهيب"، مع الإشارة إلى أن أحد المصابين بهذا المرض قبل سنوات يبلغ من العمر حاليًا (23) عامًا، وهو الأكبر سنًا بين مرضى هذه الحالة.

ويتبين من البحث أن تدهور حالة المصاب بهذا المرض يظهر خلال مدة تتراوح ما بين بضعة أسابيع وبضعة شهور، وله اعراض متوازية: ففي البداية يعاني الطفل من " جرجرة" في المشي، ومن العَرَج، إلى حدّ العودة إلى الحبو. وبموازاة ذلك يبدأ الطفل المصاب بالمعاناة من ظواهر قاسية أخرى مثل نسيان الكلمات، إلى درجة فقدان القدرة على الكلام، والمعاناة من صعوبات حادة في التركيز وفقدان القدرة على السيطرة والتحكّم بالمسالك البولية، إلى درجة الحاجة إلى ارتداء الحفّاظات.

اكتشفت قبل ( 5) سنوات

وفي مرحلة لاحقًة يعاني الطفل المصاب من تخلّف عقلي شديد، فيصبح بحاجة إلى العناية التمريضية الدائمة في جميع جوانب ومتطلبات حياته ووظائفه.

واستنادًا إلى البحث فإن سبب الإصابة بهذا المرض هو خلل في الخلايا الوراثية، لكن المرض لا ينتقل بالوراثة.

وترأست هذا البحث البروفيسور " أورلي البيلغ"، مديرة قسم علم الوراثة في مستشفى " هداسا" وأحد أركان كلية الطب بالجامعة العبرية. وقالت في حديث صحفي أنه تم تشخيص هذا المرض لأول مرة قبل خمس سنوات لدى طفلة جُلبت إلى " هداسا" لإجراء فحوصات، وحتى سن الثالثة كانت هذه الطفلة معافاة تمامًا، لكنها راحت تعاني من اضطراب في المشي وفي الأداء الحركي، وبدأت تدريجيًا تفقد القدرة على الكلام، وأصبحت تعاني من مصاعب في الفهم والادراك والقدرات العقلية.

وأضافت البروفيسور " البيلغ" أن الأمر اللافت هو أنه أجريت لهذه الطفلة فحوصات في عدة مستشفيات، لكن الأطباء في أيّ منها لم يتوصلوا إلى تفسير لحالتها ولمرضها " الأمر الذي يدل على أن هذه الحالة نادرة ومجهولة"- على حد توصيفها، مشيرة إلى أن مستشفى هداسا قد أدخل في تلك الفترة تقنيات وأجهزة جديدة وظيفتها إيجاد " تتابُع وراثي "، فتمكن الأطباء من معاينة جميع الموارد الوراثية المشفّرة لدى الطفلة، من أجل تشخيص وتحديد الخلل الوراثي المسؤول عن حالتها.

إلى روسيا...

وبعد اكتشاف في الخلل، قام الباحثون بفحص ومعاينة " المخزون الوراثي" الخاص بأطفال مرضى، عولجوا في " هداسا"، وحسبما تقول البروفيسوره " البيلغ" فقد تم العثور في هذا المخزون على حالة مشابهة لحالة الطفلة، لدى طفل آخر يبلغ من العمر تسع سنوات، وقد كان هذا الطفل سليمًا معافى حتى سن الخامسة حيث بدأت تظهر عنده نفس الأعراض. وهنا اكتشف الباحثون أنهم أمام مرض جديد لا توجد عنه أية حيثيات أو تفاصيل وشروحات في الأدبيات والمراجع الطبية!

وحال اكتشاف حالة الطفل المذكور، سارع الدكتور شمعون ادواردسون، وهو خبير بالأمراض العصبية لدى الأطفال ( يعمل في هداسا) للسفر إلى روسيا، حيث يقيم الطفل المذكور حاليًا مع ذويه، وأخذ منه عيّنات أثبتت أنه يعاني من نفس مرض الطفلة إياها.

كندا وفرنسا وأمريكا...

وقام الباحثون بإدخال المعطيات المتوفرة لديهم إلى " برنامج دولي خاص لتشخيص الخلايا الوراثية ( الجينات("، وخلال بضع ساعات تم العثور على أربع حالات لدى أطفال آخرين يعانون من نفس الخلل الوراثي- في كندا وأمريكا وفرنسا، وحتى الآن بلغ عدد الأطفال المصابين بهذه الحالة- سبعة.

ويعتقد الباحثون، أنه بعد هذا الكشف، ستتبيّن حالات إضافية لأطفال مرضى. ويسود الاعتقاد بأنه كلما تطوّر البحث وتعمّق، تزداد احتمالات وقف تطوّر وتنامي وتفاقم هذا المرض " الجديد"، بواسطة الكشف المبكر عن أعراضه.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]