انطلق مؤخرًا معرض فني شاركت فيه ثلاث فنانات وهن: سهى فروجة، خرّيجة كليّة الفنون همدراشا، وزميلتيها ميعاد صرصور ولمى حاج يحيى ومي دعّاس.

ونُظم المعرض بمبادرة كلٍ من: سهى فروجة (قلنسوة)، ميعاد صرصور (كفر قاسم) ولمى حاج يحيى (الطيبة)، ومي دعاس (الطيرة)، ونُظم معرض "كاردل" في جاليري بنيامين في تل أبيب، وجاءت رسالته من خلال صرخة المرأة العربية في وجه القمع، ويستمر المعرض حتى تاريخ 22/ تموز الحالي.

وقام المحاضر الخبير جلعاد ملتسر، بتقديم الإرشادات والتوجيهات للفنانات الثلاث.

يشار أنّ كاردل هو المعرض الأوّل من نوعه، كونه جاء بمبادرة جماعيّة من مجموعة فتيات عربيّات، ويحاكي المعرض من حيثُ الفكرة والمضمون واقع المرأة العربية والتي لطالما رفضت وضع في قالب المرأة المهزومة أو المسكينة، ثم جاء المعرض ليكشف حجم الطموحات والأحلام والتخوفات التي تواجه المرأة بالأساس، والفنانة على الصعيد الأوسع، فهي تتخبط بين عالمها الداخلي والخارجي في آنٍ واحد.
بادرة جماعيّة من مجموعة فتيات عربيّات، كما أنّ الفكرة والمضمون يحاكي واقع المرأة العربيّة ويعكس طموحاتها وتخوّفاتها وعالمها الداخلي والخارجي في آنٍ واحد.

تساؤلات 

وأثارَ المعرض بكل تفاصيله تساؤلات جمّة خاصةً للنساء، حيثُ رأى البعض أنّ إظهار المرأة بشكلٍ ضعيف، يقلل من دور الفن في ذلك، بينما دافعت الفنانة فروجة عن أعمال الفنانات الثلاث قائلة: لا شك أنّ ما تناولناه خلال المعرض يكشف واقعًا نعيشه بشكلٍ يومي، والأمر ليس مجرّد معرض، بل هو رسالة نؤكد من خلالها أنّ الفن قادر أيضًا على نقل رسائل لمجتمعنا، وهناك رسائل كبيرة وعظيمة تتعلق بضرورة دعم المرأة سواء من خلال المعرض، أو من خلال المرأة الإنسانة القادرة على العطاء وعلى التميُز، كما عرض المعرض هذه الصورة بشفافية وتميُّز.

ويأتي هذا المعرض، بعد التجربة الأولى لسهى فروجه بتنظيم معرض في قرية ام القطف عرضت فيه أعمال لفنانين يهود في بيت فلسطيني يعود إلى آل داوود كبها، وذلك بهدف جلب الفن الذي يعرض في تل أبيب إلى السكان المحليّين ليتسنى لهم تذوّقه والاستمتاع به.

وحول الانتقادات التي تحدث عنها بعض الجمهور، بسبب وضع المرأة في قالبٍ واحد ووحيد وهو التعنيف الذي تعيشه المرأة، ورأت بعض النساء الناشطات أنّ المرأة يجب أن تأخذ حقها وتُنصف، وأنّ صورتها في قالبٍ بدت فيه معنّفة، يؤثر بشكلٍ سلبي، ويرسم صورة غير مُستحبة لدى الجمهور، ولدى النساء بشكلٍ خاص.

النوايا 

وعقّبت فروجة قائلة: "بالطبع لم يكن القصد من خلال هذا المعرض، إلا لإطلاق صرخة المرأة، والتي يجب أن تُسمع، ولا يهم ماذا تلبس المرأة، الهم أنها امرأة ولها الحق في العيش بكرامة.

بينما لا يُنكر أحدنا أنّ الفن رسالة ويجب أن يلمسها الجميع، ويتماهى معها، كونها امرأة وام، وسيدة معطاءة، وفي نفس الوقت فإنّ الفن أيضًا يوصِل رسالة حقيقية، ويُظهر الانتقاد أهمية المعرض وما أثاره من تساؤلات عديدة، اختارتها الفنانات الثلاث.

تضيف فروجة "إنّ المعرض يعتبر صرخه بوجه المجتمع الذي يفرض نظام رقابه صارم على حريّة الرأي والتعبير والابداع ويطبّق ذلك على النساء بشكل خاص. وتتمحور معظم الأعمال المعروضة فيه حول ما هو مسموح وما هو ممنوع، ولمن هو مسموح ولمن هو ممنوع".

وكمثال على ذلك، يمكن التطرّق لأعمال الفنانة ميعاد صرصور وهي عبارة عن لوحات تم محو الوجوه فيها بعنف وتعسّف، ما يعكس واقع المرأة الأليم. وبدورها ترسم الفنانة مي دعاس النساء بطريقه ضبابية كمحاولة منها للثورة بوجه السلطة الذكوريّة وفضح مفاهيم اجتماعية بالية يحاول الجميع اخفاء القمع الذي تحمله وراء مسميات مثل الشرف والعادات والتقاليد. ومن جانبها، اختارت الفنانة لمى حاج يحيى تصوير شابات عربيات ترتدين قميص أسود يحمل عبارات ذات دلالات باللغه العربيه. أمّا أعمال الفنانة سهى فروجة، تبرز فيها شخصيّة خياليّة تتكرّر في جميع اللوحات، وهي من أعطت المعرض والمجموعة الاسم "كاردل".

كاردل 


وكاردل هي شخصيّة خياليّة اسطوريّة متمرّدة على عالمها وهو شيطان وشخصية مثيرة للاهتمام ورغم اسمها وشكلها الا أنّها تشكّل مصدر الهام للفنانه بأعمالها ضمن مجموعة كاردل، وهي توزاي الشيطان الشعري عند العرب القدماء، إذ كانوا يعتبرون أنّ لكل شاعر مبدع شيطان يلهمه في ابداعه. وتظهر هذه الشخصيّة بأعمال الفنانة بعدّة مواقع فتارةً هي شخصيّة مستقلّة عنها وتارةً تتوحّد معها بشخصيّة واحدة. وتحمل اللوحات تناقضًا مثيرًا ففي حين أنّ المجتمع لا يعترف بتسلطه ويعيّن نفسه القاضي والجلاد معًا، الا أنّ الضحية تمتلك شخصيّة قويّة ومستقلة ولها رأيها الخاص وتصوّرها لعالمها الخاص وللمحيط القريب والعالم الواسع.

وأنهت فروجة بالقول: "ليس غريبًا أن نختار اسم المعرض "كاردل" (الشيطان") ليس بصورته الملهمة والحلوة، ولا يمكن دائمًا أن نُظهر رسوماتنا بشكلٍ إيجابي، كما أننا نتوقع بعض الانتقاد، لكن لا يمكن أن يكون مجتمعنا طوال الوقت هو القاضي والجلاد، إذ إنّ البشر يحكمون وكأنهم ملائكة ولا يعترفون بفنك، رغم أنّ تاريخ الفني معروف، والشيطان موجود منذ الأزل، وتعترف فروجة أنها لم تتوقع هذه التعليقات وهي دليل على أنّ الفن خيرُ وسيلة للتعبير عن الرأي وعن الإبداع.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]