نلحظ في الآونة الأخيرة تفاقم ظاهرة اندماج الفتيات العربيّات في اسرائيل داخل الاطارات الداخلية، وهذا يحدث نتيجة لعدّة أسباب، منها؛ سوء الوضع الاجتماعي – الاقتصادي، اهمال واساءة من قبل أفراد الأسرة، التعرّض للعنف الجنسيّ والأسريّ، تعرّض حياة الفتيات للخطر اثر تدنيس شرف العائلة وأسباب عديدة أخرى. كما نلحظ أيضًا أنّ مشاكل النساء العربيات اللواتي في ضائقة، لم تعد مشاكل مخفيّة، بل على العكس، أصبحت هذه القضايا متداولة على السّطح، مما يجعل الفتيات الأخريات يتطلعن على حلول أكثر أمانًا، وحياة أكثر سهولةً، وهذا يشجعهن على الخروج من بيوتهن بحثًا عن أطر مختلفة بغية ايجاد حلّ / علاج للضائقة الّتي يعانين منها.

هناك أطر مختلفة ومتنوعة تضمّ الفتيات العربيّات في حال تركهن بيوتهن، تهدف هذه الأطر كافّة الى منح فرصة للحياة بطمأنينة، وتوفير بيئة مريحة وداعمة للتطوّر النفسي والاجتماعي والذهني قدر المستطاع، والرعاية الكاملة للفتيات وحمايتهنّ من أيّ خطر يلاحقهن، في حين تعجز العائلة الأم عن توفير هذه المتطلبات الأساسيّة.

تبدأ المشكلة الأساسية والخطر الحقيقيّ عند بلوغ هؤلاء الفتيات جيل الثامنة عشر، حيث تنتهي مسؤولية الدولة في تلبية احتياجاتهنّ الأساسيّة، فيتم عندها اخراج الفتيات من المؤسسات الداخلية وارجاعهن الى بيوتهن. قليل منهن يجدن اثر عودتهن دعمًا عائليًا، واستقرارًا داخل البيئة الجديدة، اما الأخريات فمن المفترض أن تبدأن في ممارسة الاستقلال الذاتيّ، ويقع على عاتقهن أمر توفير احتياجاتهن الخاصّة، ونتيجةً لعدم توفّر الخبرات والتجارب اللازمة لبدء حياة مستقلة، تواجه الفتيات عندها مأزقًا جديدًا، وصعوبات جديدة، أهمها هي تهميش المجتمع لهنّ واعتباره لهنّ دون فائدة.

يختلف مسار حياة شاب عربي خارج من الاطار الدّاخلي مقارنة مع حياة فتاة عربيّة خارجة من الاطار الدّاخلي، فنجد أنّ الفتيات العربيات يتعرضن للتميّز مرتين، الأولى بسبب ضيق الأطر المتوفرة للعمل والاحتواء خارجًا، والثانية نتيجة الجنس، كونها أنثى لا ذكر.
تكون فرص العمل متوفرة أكثر ومفتوحة أمام الرجال أكثر من النّساء، فالشاب الّذي أنهى اطاره الدّاخلي، ينتقل فورًا للعمل، فالفرص أمامه كثيرة ومتنوعة، وفي أحيان كثيرة يكون هناك مشروع عمل خاص للأسرة فيندمج فيه دون صعوبات، أما بالنسبة للفتيات فان الأمر أكثر تعقيدًا، ففي حال عدم قدرتهن على اكمال تعليمهن والحصول على شهادة تؤهلهن للعمل في مجالات جديدة، أو وجود مشاكل سلوكيّة أو نفسيّة لديهن، فإنهن يضطررن للبقاء داخل المنزل، والعيش بموجب البيئة المتوفرة، دون العثور على حلّ للضائقة.

ادراك الصعوبة الموجودة وفهم الحاجة الماسة لتواجد أطر ملائمة للمراهقين بعد جيل الثامنة عشر أدى الى اقامة اطار يسمى " مساكن مؤقتة " ، هذه المساكن تحتضن الشباب والفتيات الّذين في ضائقة، الّذين لا يجدون الدفء العائلي، والمقوّمات المساعدة بالانخراط بالمجتمع، ويحتاجون للمرافقة في فترة الانتقال من الاطار الداخلي الى الحياة العاديّة. في هذه المساكن يتم اكساب الشباب والفتيات مهارات حياتيّة تمكنهم من عيش حياة مستقلة، وتنمية قدرات للتعامل مع المشاكل الشخصيّة، وتحسين الجوّ النفسي، الاجتماعي والاقتصادي للمنضمين.
المساكن المؤقتة الخاصّة بالشباب اليهود متواجدة بشكل أكبر منها بالشباب العرب، وفي كلّ أنحاء البلاد، بينما في الوسط العربي، يتواجد مسكن مؤقت واحد، تحديدًا في الناصرة، وجاهزيته تقتصر على استقبال ست فتيات كحد أقصى. وهذا غير كافٍ أبدًا، بداية بمكان تواجد المسكن الّذي لا يستطيع أن يضمّ فتيات من مناطق مختلفة من البلاد، اضافة الى العدد القليل الّذي يستقبله هذا المسكن.

تنفق الدولة أموال طائلة على الأطر الداخلية للشباب، وبعد الخروج من الاطار تتفاقم المشكلة بعدم الاقدام في تحسّن الحالة، وبقاء معظم الشباب دون اطار مناسب وداعم، مما يجعل الحالة تسوء أكثر من ذي قبل وتتراجع الحالة النفسية والاجتماعية والسلوكية لديهم.
من هنا نتوصل الى أنه يتوجب علينا تنمية اطارات خاصّة لاحتضان الحالات الخاصّة بعد انهاء الأطر الداخلية، ومنع تراجع وضعها أكثر، ومساعدتها على التطور والتقدم بكافة الأصعدة، والتأقلم والانخراط في سوق العمل، وخلق تغيير جذري ايجابي على حياتها، لأنّ التغيير يكون أكثر صعوبة وأقرب للمستحيل عندما يتقدم أصحاب هذه الحالات في العمر، خاصة لدى النساء.

نحن كعاملات اجتماعيات نلتقي يوميًا بفتيات في ضائقة، يكشفنا ذلك على مدى الصعوبات والضغوطات الّتي تواجههن وكمية الطاقة المتوجب صرفها للتعامل معهن وانقاذهن من هذه الحالة.

لذا رأينا أنه من الواجب علينا لفت النظر الى موضوع المساكن المؤقتة أو أطر اكمال العلاج في ما بعد جيل الثامنة عشر، بهدف تحسينها وزيادة أماكن تواجدها، وتمكنها من انقاذ واستقبال أكبر عدد ممكن من فتيات عربيات في ضائقة.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]