اثار "ميثاق السلوك" الذي أعده بروفيسور اسا كشير بأمر من نفتالي بينيت وزير التربية والتعليم حول المسموح والممنوع في الاكاديميا الإسرائيلية عاصفة من ردود الفعل السلبية من طرف المحاضرين اليساريين والعرب، حيث اطلق عدد من المحاضرين مبادرة مناهضة للخطوة التي قام بها بينيت في محاولة منه لكم افواه المحاضرين في الجامعات الإسرائيلية.

وكان بينيت قد صرح انه ينوي عرض الميثاق الأخلاقي على مجلس التعليم العالي والعمل على تطبيقه في كل الجامعات والكليات في إسرائيل. حيث قال أيضا في بيان له " نعم للحرية الأكاديمية المطلقة، ولكن لا لدفع الأجندات السياسية للمحاضرين في الجامعات. فالأكاديمية ليست مركز حزب ولا يمكن للطلاب أن يتخوفوا من التعبير عن آرائهم خلال المحاضرات، بسبب الخوف على علاماتهم، أو أن يدعو محاضر لمقاطعة المؤسسة التي يعلم فيها".

رنا زهر: ليست وظيفة الاكاديميا تبييض وجه الحكومة!

دكتورة رنا زهر محاضرة في جامعة حيفا قالت لـ "بكرا": ان قائمة التقييدات التي يود وزير المعارف بينيت فرضها على جمهور المحاضرين بالبلاد مرفوضة رفضا تاما وتندرج تحت سياسة كم الافواه التي تتبناها حكومة نتانياهو والتي نشهدها في ملاحقة الجمعيات اليسارية في البلاد، وملاحقة وزيرة الثقافة ميري ريجيف للفنانين العرب واليهود اليساريين، على سبيل المثال لا الحصر. الحقيقة ان بينيت لا يقصد كل المحاضرين في مبادرته هذه، انما اليساريين منهم فقط، وهذا امر يتعارض ليس فقط مع الحق الطبيعي للإنسان في التعبير عن رأيه انما يتعارض بشكل فظ مع قانون التعليم العالي في البلاد الذي من المفروض انه يضمن حرية الادارة للجامعات والكليات دون تدخل سياسي ويضمن حرية التعبير للمحاضرين.
وتابعت زهر: قد لا تنجح هذه المبادرة لإشكاليتها، ولكن اعتقد ان بينيت ونتانياهو بمجرد اثارتهم لهذا الجدل، فانهم يلوحون بتهديد جمهور المحاضرين اليساريين الذين يدعمون حملة مقاطعة الاكاديميا الاسرائيلية او يتبنون فكر سياسي يساري. في الماضي تم اغلاق مساقات كاملة بل ووقف عمل اقسام كاملة (منها قسم العلوم السياسية في جامعة بن غوريون) لنزعتهم اليسارية بحسب ادعاء وزراء التربية والتعليم آنذاك، وتم فصل بل وطرد العديد من المحاضرين اليساريين لنشاطهم السياسي اليساري.

وأشارت زهر لـ "بكرا": ان القضاء على ما تبقى من هامش للديمقراطية في البلاد وفي الاكاديميا بشكل خاص هو امر خطير، يكمن السؤال، من الخائف هنا؟ من يخاف من من في هذا السياق؟ من الواضح ان السيطرة التي تسعى اليها حكومة نتانياهو على الاعلام، والثقافة، والاكاديميا، تدل على خوف كبير من قبل هذه الحكومة من كشف المستور ونشر غسيلهم الوسخ، وليس من وظيفة الاكاديميا تبييض وجه حكومة نتنياهو، انا كمحاضرة وغيري الكثيرون، لن نعمل ولن نعلم الا وفق ضميرنا وقناعاتنا. واتوقع فشل هذه المبادرة المكارثية.

علي حيدر: خطوة ماكرثية تحد من امكانية نشر المعرفة وانتاجها وتعيق امكانية تفعيل الفكر النقدي


الحقوقي علي حيدر عقب بدوره قائلا لـ "بكرا": بدون شك أن الجامعات الاسرائيلية تمارس عملها في سياق سياسي معين؛ وتدار وتفعل في إطار الهيمنة اليهودية الصهيونية؛ ومحاولات مجموعة من المحاضرين العرب وبعض المحاضرين اليهود المناهضين للصهيونية وبعض المحاضرين اليهود التقدميين ذوي النزعة الانسانية والعقلانية؛ إسماع صوتهم والتأثير هي مباركة ولكنها محدودة نتيجة لمعيقات بنيوية وموازين قوى وعلاقات قوة متأصلة.

وتابع حيدر: لقد شهدنا في السنوات الاخيرة محاولات الملاحقة المكثفة؛ التي قامت بها ومارستها جمعية " ام ترتسوا" العنصرية ضد المحاضرين في الجامعات. وقد تلقت هذه الجمعية الدعم من سياسيين بارزين وشركات كبيرة ولكن الجديد في الامر هو بلورة وصياغة: "ميثاق السلوك" الذي أعده بروفيسور اسا كشير وهو فيلسوف بطلب من وزير التعليم نفتالي بينت؛ من أجل المس بحرية الفكر والتعبير وحرية البحث الأكاديمي وذلك بحجة "الموضوعية" و"الحيادية" و"عدم التأثير على وعي وقناعات وتوجهات الطلاب.

ونوه قائلا: هذه الخطوة التي تشكل سابقة خطيرة وتهدف الى فرض رقابة صارمة على المحاضرين؛ ومدفوعة بنزعات ما كرثية وفاشية؛ تحد من امكانية نشر المعرفة وانتاجها وتعيق امكانية تفعيل الفكر النقدي؛ وتمنع البحث عن الحقيقة وتهدد الشعور بالأمان والقدرة على الابداع كما انها تحد من امكانيات التفكر والحوار وتفرض دوغمائية وتدخل مرفوض وتمس بشرعية الاختلاف والاخر وهو امر موجود في أكثر الانظمة استبدادا وظلامية.

واختتم قائلا: نشد على ايدي المحاضرين والاساتذة الذين يعارضون هذه الخطوة بشجاعة ومسؤولية؛ ونقف الى جانبهم وندعمهم في نضالهم العادل. لان المحاضر الشجاع يساهم في تنمية جيل شجاع والعكس صحيح. يجب على الجميع العمل على رفض هذا الميثاق المنافي للأخلاق.

ثابت أبو راس: الحكومة هي صرح سياسي ولها اجندة سياسية ومن غير المقبول ان تتدخل في الصرح الأكاديمي


الدكتور المحاضر ثابت أبو راس قال بدوره لـ "بكرا": البروفيسور الذي عمل على بلورة وصياغة "ميثاق السلوك" في الجامعات الإسرائيلية هو يهودي ويميني وقد وجهت اليه تعليمات بذلك، الحقيقة ان تضييق الخناق على المحاضرين وعلى الاكاديميا في البلاد قائمة منذ سنوات، ليس فقط في قضايا حرية التعبير ولكن أيضا في الميزانيات، المحاضرين وخاصة اليساريين والعرب منهم يتعرضون في الجامعات الإسرائيلية لمضايقات عن طريق جمعية "ارتسينو" التي تراقب وتسجل محاضرين تقدميين وتقدم شكاوى ضدهم، ونحن من حيث المبدأ نرفض "ميثاق السلوك" لانه يعتبر كرقابة على المحاضرين في الوقت الذي به يجب ان تكون الاكاديميا هي الصرح الذي يحوي الديمقراطية وحرية التعبير مثل كل الجامعات في العالم حيث تحوي اراء مختلفة وأفكار خلاقة.

وتابع موضحا: كما انه من غير الواضح في هذه الدولة اليمينية سياسيا أيضا ما هي الحدود التي يجب على المحاضر الوقوف عندها وما المقبول والغير مقبول، حيث انه ممكن ان يتم اتهام أي محاضر بمجرد الحديث عن مواضيع تعتبر طبيعية لدى العالم كله، الموضوع سياسي بحت ويتبع لتقديرات الحكومة، بالمقابل فأن الحكومة هي صرح سياسي ولها اجندة سياسية ومن غير المقبول ان تتدخل في الصرح الأكاديمي وما يحدث في الجامعات، نرفض سياسة كم الافواه ونطالب ان تستمر الحرية الاكاديمية وحرية البحث والحديث.

ونوه قائلا: هناك "ميثاق سلوك" أيضا في الجامعات الامريكية ولكن من قام بوضعه وصياغته هم المحاضرون أنفسهم، حيث قاموا بصياغة الميثاق بشكل يضمن حرية التعبير وليس ان يعرقلها ويحد منها، بينما وزير في حكومة يمينية يطلب من بروفيسور متماثل معه سياسيا ان يكتب "ميثاق سلوك" وهو نفسه الذي كتب الميثاق للجيش وقد رأينا تعامل الجيش الإسرائيلي بمسألة اطلاق النار او عدم اطلاقها، علما ان النقاش حول المبدأ وليس شخص البروفيسور، كل الجامعات في الدول الديمقراطية لها حرية التعبير والبحث بدون تدخل اطراف سياسية كما انه من واجب الحكومة ان تخصص ميزانيات لهذا الامر.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]