عقدت اللجنة البرلمانيّة للنهوض بمكانة المرأة والمساواة الجندريّة في الكنيست اليوم -الثلاثاء- جلسة خاصّة لمناقشة ظاهرة تعدد الزوجات وكيفيّة التعامل معها بحضور وزيرة القضاء النائبة اييليت شكيد (البيت اليهودي) والمديرة العامّة للوزارة المحاميّة ايمي بلمور. اذ تأتي هذه الجلسة بعد القرار الحكومي الذي صدر في بداية كانون الثاني من هذا العام والذي ينصّ على إقامة لجنة وزاريّة وطواقم مختصّة لفحص محاربة الظاهرة بعد سنوات من اهمال النساء.

افتتحت الجلسة رئيسة اللجنة النائبة عايدة توما-سليمان (الجبهة-القائمة المشتركة) والتي اكدت ان الدولة وحكومات إسرائيل المتعاقبة على مدى سبعة عقود لم تقم بواجبها والمهام الملقاة عليها وأضافت: " الدولة ومؤسساتها اختارت الوقوف على حياد عندما كان عليها اخذ دورها والدفاع عن النساء المستضعفات والمسّ المستمرّ بحقوقهن. الدولة سنّت قانون يمنع تعدد الزوجات لكن هذا القانون لم يتمّ تطبيقه، هناك من يدّعي انّ الدولة لا تتدخّل بسبب حساسيّة الموضوع، الدولة تتدخّل في كافّة مناحي الحياة، الدولة تسنّ قوانين للمواطنين العرب لتحدد لهم هويّة شريك حياتهم المستقبلي عبر قانون منع لم الشمل وغيرها" وعادت النائبة توما-سليمان على التخوفات والتحفظات التي طرحتها سابقًا عند اعلان إقامة لجنة الوزراء اذ قالت:" انا أشارك مندوبو المنظمات الحاضرين هنا تخوفاتهن وتحفظاهن على اللجنة المقامة وذلك بسبب التوقيت التي خرجت به اللجنة بهذه الخطّة خلال جوّ من التحريض قادتها حكومة إسرائيل ورئيسها ضد الجماهير العربيّة وتصوير العرب كمخالفي قانون بالفطرة وقتها تزيد الشكوك حول النوايا الحقيقيّة وراء الخطّة، قد يكون الهدف واحدًا لكن النوايا ليست ذاتها بكل تأكيد وهذا يؤثر على اللجنة وعملها" وأنهت النائبة بتأكيدها ان الامتحان الحقيقي لهذه اللجنة هو عملها وتوصياتها.
في عرضها للخطّة وعمل اللجنة اكدت الوزيرة اييلت شاكيد انه اصبح واضحًا لديهم في الوزارة واللجنة انّ معالجة ظاهرة تعدد الزوجات لن يتمّ فقط عبر زيادة تطبيق القانون الجنائي، الا عن طريق خطّة شاملة تتطرّق الى كافة النواحي واسقاطات الظاهرة وأن القضيّة مركّبة جدً. المديرة العامّة لوزارة القضاء المحاميّة امي بلمور اكدت من جهتها على اقوال الوزيرة وعرضت امام الحضور العمل التي قامت به اللجنة حتى الان الذي ابتدأ بتشكيل اربع طواقم مهنيّة تقوم بفحص كافّة الجوانب واسقاطات تعدد الزوجات على النساء والأطفال، اذ تمّ إقامة طاقم يهتمّ بالبحث وجمع المعطيات حول انتشار الظاهرة، وطواقم تعنى بأمور الصحّة، سلطات الرفاه والتعليم.
هذا وقدّمت خلال الجلسة شهادة مباشرة من امرأة ضحيّة تعدد الزوجات التي وصفت امام اللجنة اسقاطات زواج زوجها من امرأة ثانية عليها وعلى اطفالها فقالت:" انا امرأة من النقب، مع 11 طفلًا، زوجي قام بالزواج من امرأة ثانية، بعد زواجهما تمّ تركي انا واولادي لمواجه مصيرنا لوحدنا، ابني الأكبر كان ابن 17 عاما والصغرى ابنه 4 سنوات، كنت امام وضع صعب جدًا، اهلي طالبوني بترك اطفالي والعودة للسكن معهم، لكن ذلك الامر غير ممكن، أي امّ تترك ابناءها التي عملت طيل حياتها على تربيتهم؟ قمت بخياري وتوجّهت لسوق العمل لتأمين الطعام والمسكن لي ولأطفالي، كانت حياتنا صعبة والتأمين الوطني لم يساعدنا، ان انتقالي الى سوق العمل أدّى الى اهمالي لأطفالي وتربيتهم، أطفالي بدأوا بترك المدارس والتجوّل في الشوارع. في احدى المرّات تعرّض ابني للضرب على يد أحد المعلمين في المدرسة، اضطررت لخسارة يوم عمل من اجل الذهاب الى المدرسة لفحص الموضوع، في المدرسة رفض المدير التحدّث الي بسبب كوني امرأة! حياتي كانت صعبة جدًا طوال هذه ال 16 عامًا، ولا اتمنّى لأي امرأة ان تمرّ ما مررت به"
النائب دوف حنين (الجبهة-القائمة المشتركة) قال في نقاشه امام اللجنة:" علينا العمل على محاربة هذه الظاهرة والسعي للوصول الى صفر حالات تعدد زوجات في المجتمع، استمعنا في الجلسة لشهادة نساء رائعات من النقب، ناشطات ونساء يعانين بأنفسهن من هذه الظاهرة. المعرفة التي اكتسبنها هؤلاء النساء من نضالهن المستمر يجب ان تستغله الدولة في هذا النضال والاستفادة منهن في المسعى للقضاء على الظاهرة، عند الحديث عن القضاء على تعدد الزوجات فان الأسئلة التي تطرح هي ليست فقط أسئلة قانونيّة، الا اننا نتحدث عن قضايا سياسيّة واجتماعيّة. وفي الوضع الحالي الذي يرى به اهل النقب البدو الدولة كجسم معادٍ والذي يحاربهن باستمرار، محاربة ظاهرة تعدد الزوجات يجب ان يتم بخطوات ذكيّة اكثر لتجنّب تصوير الموضوع كخطوة أخرى تقوم بها الدولة ضد هذه الفئة، احدى الطرق الأساسية لتحسين الوضع القائم هي تشجيع الفتيات على الانخراط في التعليم واتمام مسيرة تعليمهن، يجب علينا العمل على افتتاح مدارس اعداديّة وثانويّة وليس فقط مدارس ابتدائية في أماكن سكناهن"
أما النائب د. عبد الله ابو معروف (الجبهة-القائمة المشتركة) فقال، إنه يدعم جمعية نساء ضد العنف والمؤسسات النسوية الرافضة لتعدد الزوجات في النقب خاصة، وفي الوسط العربي عامة، وأكد أنه يرفض التعامل مع المرأة وكأنها سلعة وعلى الدولة أن تعمل ليس للحد من ظاهرة تعدد الزوجات فحسب، بل اجتثاثها من جذورها، من خلال عدم ترك أية ثغرات في القانون تتيح استمرار مثل هذه الظاهرة المقيتة. وقال د. ابو معروف، إنه يرفض نظرة المؤسسة الحاكمة في محاربة تعدد الزوجات من منطلقات ديمغرافية وسياسية، لأن المشكلة من وجهة نظره اجتماعية وإنسانية من الدرجة الأولى، ولهذا فإن الأمر يتطلب تنفيذ القانون لمنع تعدد الزوجات ومنح النساء فرصة الدفاع عن أنفسهن وخاصة في حالات الطلاق، وضرورة حمايتهن في مراحل المواجهة. وطالب د. ابو معروف بتوظيف الميزانيات لترسيخ ونشر الوعي المجتمعي ضد هذه الظاهرة ولترسيخ القيم التي تحفظ للمرأة حقوقها وحريتها، إلى جانب توفير فرص عمل للنساء من أجل الاعتماد على أنفسهن وليحظين بحريتهن واستقلاليتهن.
اما النائب جمعه الزبارقه (التجمّع-القائمة المشتركة) فقد قال في نقاشه امام اللجنة: "ظاهرة تعدد الزوجات وانعكاساتها على المجتمع تهمنا وتؤرقنا ولكن الزج بها من قبل الحكومة يأتي من دوافع ضبط وهيمنة على المجتمع والحد من الزيادة الطبيعية وليس بدوافع إنسانية أو أخلاقية كما يصفونه. وعلينا كمجتمع معالجة هذه القضية دون مخططات حكومية. ان الطاقم الذي اقامه رئيس الحكومة في اعقاب قرار 234 يدل ان القضية هذه قضية ديموغرافية وتحديد النسل عند عرب النقب وليست قضية تعدد زوجات . اليوم يأتون ليضعوا الذنب على الضحية وليس على المجرم التي هي الحكومة نفسها التي تهدم 1200 بيت سنويا وتجرف الاراضي في النقب وتبقي النساء النقباويات في العراء بدلا من اعتراف بقراهم واقامه المدارس والمراكز التعليمية."
في تلخيصها اكدت النائبة توما-سليمان انّ اجتثاث ظاهرة تعدد الزوجات يجب ان يتمّ بدون أي تعرّض للنساء واطفالهن وتجنّب التسبب بأي أذى من الممكن أي يطالهن نتيجة الخطوات التي تقترحها اللجنة وخاصّة في موضوع مستحقات التأمين الوطني اذ اكدت النائبة انّه لا يعقل ان تدفع الضحيّة ثمن اهمال دولة إسرائيل المستمر منذ أكثر من سبعة عقود. التحدي الأساسي الذي نطرحه على اللجنة هو اثبات صدق نواياها واعمالها من خلال التقرير الذي ستقدمه والذي يجب ان يشمل خطة متكاملة تعمل اساسًا على تمكين المرأة في النقب وبرنامج توعوي في النقب.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]