اطلت علينا وزارة الامن الداخلي قبل 3 سنوات، ببرنامج جديد في المجتمع العربي يدعى "مدينة بلا عنف"، من اجل محاربة العنف بجميع انواعه في المجتمع العربي، ورُصدت الميزانيات المناسبة من اجل انجاح هذا البرنامج، ولكن للاسف الشديد، شتان ما بين البرنامج والتطبيق، حيث نرى تفاقم لحالات العنف في المجتمع العربي، ويتمثل هذا بجرائم القتل التي نشهدها في الفترة الاخيرة، اضافة الى انتشار السلاح بين مختلف شرائح المجتمع العربي.
موقع بكرا تحدث الى نشطاء من مدينة سخنين الذين تحدثوا عن هذا البرنامج ووصفوه ببرنامج فاشل، يُشجع الخدمة المدنية لدى الشباب، لا يحارب العنف انما يؤججه، ولم ينجح حتى الان بتقليل حالات العنف ، وانه ذراع للسلطة يتوجب اعادة النظر به وبرمجته من جديد . وجاء هذا الحديث في مدينة سخنين، وفي الخلفية يُسمع صوت ضجيج السيارات للشباب الذين يسوقون بسرعة عالية، في الشوارع دون أي رادع من اية جهة.

الانجاز الوحيد هو تركيب كاميرات من اجل منع الفعاليات السياسية وليس منع العنف

باسم خليل ناشط سياسي في حركة ابناء البلد قال في هذا الموضوع:" يتوجب علينا في البداية ان نعرف من اين اتى برنامج مدينة بلا عنف، اذ هو ليس الا ذراع للسلطة، وليد وزارة الامن الداخلي، التي تؤجج العنف في المجتمع العربي، نحن في حركة ابناء البلد، ومنذ البداية حذرنا من خطورة هذا البرنامج، من منطلق ان من يؤجج العنف، مستحيل ان ينجح بمحاربته، وهذا وفقا للابحاث التي اجريت في عدة بلدات عربية، والتي نتائجها تقول بان في البلدات التي أُدخل اليها برنامج مدينة بلا عنف، ازداد العنف في داخلها، ولعل الانجاز الوحيد لهذا البرنامج ،هو تركيب كاميرات في بلداتنا العربية ، ويأتي ذلك ليس من اجل منع العنف، الذي يتمثل بسباق السيارات في الشوارع العامة، والسرقات واطلاق العيارات النارية والمفرقعات، وانما من اجل منع اية فعالية سياسية تقوم بها أي مجموعة، والدليل على ذلك اعتقال بعد الشباب الذين تظاهروا ايام الحرب على غزة، وهذا هو هدف الكاميرات، وليس اعتقال اللصوص، والذين يسوقون بسرعة فائقة، حيث بتركيب الكاميرات سيطروا ليس فقط على المنطقة المحاذية لمدينة سخنين، انما على داخل المدينة ايضا".

الهدف هو التجنيد للخدمة المدنية وتشويه الهوية الوطنية

واضاف باسم خليل: لا ألمس أي برنامج تثقيفي لمدينة بلا عنف، التي تهدف الى تجنيد شبابنا وشاباتنا للخدمة المدنية فقط، وتشويه هويتنا الوطنية، وهذا يتمثل بالقيمين على هذا البرنامج، حيث اذا نظرنا الى تاريخهم ،نرى، بانهم هم من خدموا في الجيش او الشرطة، ورغم محاولات اللجنة الشعبية في سخنين بمنع هؤلاء بالعمل بهذا البرنامج، الا انهم هم من يقودون هذا البرنامج، ويأتي عملهم بالتجوال بسيارة مدينة بلا عنف في شوارع المدينة، وهذا قطعا لن يمنع انتشار العنف، لذلك كفى استهتارا، محاربة العنف تأتي عن طريق تثقيف الشباب بواسطة برامج توعوية، وليس عن طريق التجوال بسيارة سائقها خدم في الجيش، لذلك هدف برنامج مدينة بلا عنف ليس من اجل منع العنف، لانه لا يمكن ان يأتي اليوم وتقوم هذه الدولة بالعمل على تخفيف ظاهرة العنف في المجتمع العربي، انما العكس هو الصحيح حيث تعمل على تأجيج العنف".

لا يوجد أي انجاز، ويتوجب تقييم البرنامج من جديد

وقال الدكتور جمال غنايم عضو في لجنة الاباء العامة، واللجنة الشعبية في سخنين:" للاسف الشديد جميع البرامج التي دخلت الى مجتمعنا العربي، وخاصة برنامج مدينة بلا عنف الذي يُعمل به منذ 3 سنوات، لا يوجد له أي انجاز، رغم اني مطلع على جميع البرامج من منطلق وجودي كعضو في لجنة الاباء العامة، وفي اللجنة الشعبية في مدينة سخنين، وتوجهت عدة مرات للمسؤولين في هذا البرنامج من اجل اقامة فعاليات لا منهجية للطلاب في المدارس او في الاحياء، ولكن للاسف الشديد لم يتم ذلك بحجة نقص في الميزانيات، وبعد الحاحي على تفعيل برنامج في الحي الذي اسكن به، لم يكن هنالك جدية في العمل من قبل مرشدي برنامج مدينة بلا عنف، لذلك يجب تقييم هذا البرنامج من جديد.

يتم الاعلان عن برامج ولكن سرعان ما تصبح شيه معدومة

واضاف د. غنايم:" نلاحظ في الفترة الاخير ازدياد في حالات العنف بمجتمعنا العربي، واخر هذه الحالات كان ما حدث في مدينة كفر قاسم، وحتى ادخال مراكز شرطة الى بلداتنا العربية ادى الى ازدياد العنف، لذلك نحن نلمس ازدياد في حالات العنف وهذا يتطلب ادخال برامج من اجل تفعيل الطلاب ويأتي هذا بالتعاون مع بلدية سخنين ومع برنامج مدينة بلا عنف، حيث نرى اليوم في مدينة سخنين جميع البرامج التثقيفية ان كانت رياضة او موسيقية تطلب من الاهالي دفع مبالغ كبيرة في ظل انعدام دعم الاقسام المختلفة في بلدية سخنين، حيث يتم الاعلان عن انطلاق برامج معينة، ويتم دعوتنا، ولكن للاسف الشديد مع مرور الزمن نرى بان هذه البرامج هي شبه معدومة، ولا يوجد لها استمرارية، لذلك يتوجب علينا كمسؤولين مراقبة هذه الامور والعمل الفوري من اجل مصلحة اولادنا".

مشروع فاشل، لست متفائلا، ولن ينجح هذا البرنامج بصيغته الحالية

وقال الدكتور صبحي شاهين رئيس لجنة اولياء الامور العامة في سخنين:" اظن فعاليات برنامج مدينة بلا عنف ناقصة وغير متكاملة ، ولم يحدث أي تغيير ايجابي خاصة على شريحة الشباب الذين هم في امس الحاجة للفعاليات التربوية، والتثقيفية، في اوقات الفراغ، وهذا يؤدي الى تقوية شخصية وعزيمة الشاب، لذلك حتى ننجح في احتواء العنف، والطاقة الزائدة لدى الشباب، يتوجب القيام بفعاليات مختلفة ومتكاملة على مدار الاسبوع، وهذه البرامج يجب ان يتم احتوائها عن طريق البلدية وعن طريق برنامج مدينة بلا عنف، وتوجهت للبلدية بهذا الشأن، ولكن لم أجد أذان صاغية".

لا حياة لمن تنادي

واضاف د. شاهين:" مشروع مدينة بلا عنف هو مشروع فاشل، ولم يحدث أي تغيير ايجابي، ولا اتوقع أي شيئا جيدا من هذا المشروع، وهذا بناء لعدم بذل أي جهود في بدايته، حيث أي مشروع جديد، يتطلب مع بدايته وضع جل الطاقات من اجل انجاحه، وهذا لم يحدث بعد 3 سنوات من انطلاق برنامج مدينة بلا عنف، وانا اتحدى رئيس البلدية وشروع مدينة بلا عنف بان ينجحوا باحداث أي تغيير في المستقبل، اذا لم يحدث تغيير جذري ودراسة مستفيضة، ويأتي هذا رغم طلباتنا المتكررة باحداث تغيير في هذه البرامج ، ولكن لا حياة لمن تنادي، لذلك لست متفائل من هذا المشروع واطالب ببرمجة مجددة لهذا البرنامج، وذلك بمشاركة اللجان العامة وشخصيات ذوات باع طويل بالعطاء ".

حاتم طربية:" مجال تطبيق القانون هو مسؤولية الشرطة"

هذا وتحدث مراسلنا مع مدير برنامج مدينة بلا عنف في مدينة سخنين والذي رد على جميع هذه الادعاءات:" لا شك ان حالات العنف بالوسط العربي اخذة في تزايد وخاصة حالات القتل نحن في برنامج مدينة بلا عنف نعمل حول موضوع التوعية لمكافحة الظاهرة ، ومجال تطبيق القانون هو مسؤولية الشرطة التي تملك الصلاحيات لمحاربة ظاهرة الجريمة وظاهرة السلاح غير المرخص ، لا يعقل ان في الدولة يوجد ما يقارب ٤٠٠ الف قطعة سلاح غير مرخصة مقابل ما يقارب ٢٠٠ الف قطعة سلاح مرخصة . وبهذه الفرصة نطالب الشرطة بالعمل على مكافحة الجريمة ونحملها المسؤولية كاملة ، مشروع مدينة بلا عنف يعمل على تذويت قيم التسامح والاحترام المتبادل وفق برامج مدروسة ووفق ميزانيات شحيحة ، يعمل في البرنامج مركزيين وقائيين في المدارس الاعدادية والثانوية ، تعمل عاملة اجتماعية مع قسم الشؤون الاجتماعية لمعالجة حالات العنف في المدارس ، هناك مرشدين رياضيين يعملون في الاكاديمية التربوية وفي المركز التربوي والثقافي ، ويعمل مراقب بلدي لمعالجة قضايا محلية حياتية، وليست جنائية هناك العديد من الفعاليات التربوية بالتنسيق والتعاون مع اقسام البلدية."

طربية:" عار على كل من يتهم البرنامج كذراع السلطة".

واضاف طربية :" البعض يحكم على ان البرنامج فاشل ، انا شخصيا احترم كل راي ولكن كان بالحري من اي شخص يعتبر نفسه مسؤول ويهمه مصلحة البلد، قبل ان يحكم مراجعة حالات العنف التي مرت بها بلدنا ، كلها حالات شخصية وليست ظاهرة عامة ، لا شك ان هناك بعض الحالات التي تحتاج الى دراسة من جديد، مكافحة العنف يحتاج الى تعاون مع كل الاطر الاجتماعية ، السياسية والدينية لزيادة التوعية لدى المواطن، وموضوع مكافحة العنف هو موضوع وطني من الدرجة الاولى، والعار على كل من يتهم البرنامج كذراع السلطة، للبرنامج يوجد لجنة عمل ولجنة مراقبة مكونة من اللجنة الشعبية التي عملت وتعمل لمصلحة سخنين عامة ، مع بداية عمل البرنامج كان هناك شروط لوزارة الامن حول تفعيل البرنامج في سخنين . عدم ادخال الشرطة ، وعدم تفعيل الخدمة المدنية ونصب كاميرات فقط بالنقاط الساخنة التي تحدث بها حالات عنف، وكل من يزاود بالوطنية على حساب البرنامج ليبحث عن ملعب اخر .

لا يوجد حاجة للمزاودات الوطنية

واختتم :"مؤسف ان بعض المنظرين ينظرون البرنامج بصورة سلبية دون مراجعة عمل البرنامج ، ابواب مكتبي في بلدية سخنين مفتوحة امام كل مواطن في سخنين لمراجعة البرنامج . واحترم كل راي وكل نقد ولكن دون مزاودات وطنية وغيرها . اكرر ان محاربة الجريمة هي مسؤولية الشرطة وهي التي تملك الصلاحيات القانونية لمحاربة الظاهرة كذلك مسؤوليتنا جميعا بالتوعية والتربية مثل البلدية بكل اقسامها ومركباتها ، رجال دين ، لجنة شعبية لجان اولياء امور الطلاب وغيرهم هم عنصر مركزي ومحوري في كل مشروع لمكافحة العنف ، يسرنا ان يكونوا معنا شركاء في النقاش ، اتخاذ القرارات والمشاركة في التنفيذ .
المسؤولية جماعية والقضية تستوجب تظافر كل الجهود لخلق حالة مجتمعية رافضة للعنف والجريمة وعدم التهجم والتخوين" .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]