جريمة اخرى تضاف الى سلسلة الجرائم في المجتمع العربي منذ مطلع العام، حيث شهدت بلدة كفرقاسم امس جريمة قتل مزدوجة بعد ان تم اطلاق الرصاص على شخصين عقب خروجهما من الجامع بعد ان اديا صلاة التراويح، مما ادى الى اعلان وفاتهما، وعلى ما يبدو فأن شهر رمضان شهر الرحمة لم يشفع للضحايا، ولم يساعد بتهدئة النفوس المجرمة، ولم يردع المجرمين من خلال قيم التسامح والمحبة المتعارف عليها في رمضان ،بل على العكس اصبحت الجرائم مزدوجة حيث شهد المجتمع العربي قبل يومين ايضا جريمة قتل مزدوجة لعربيين.

التربيه العنيفة داخل البيت تنتقل الى الشارع. حلم القوّة والذكورية الفائضة. انعدام لغة الحوار والأدوات الصحيّة لحلّ النزاعات

سهيل حاج قال ل "بكرا" معقبا بهذا الشأن: الموضوع تراكمي منذ زمن طويل، والحلول بحاجه الى عمل النملة من مؤسسات لا حزبية ولا يوجد لها طموحات واهداف سياسية وهذا غير موجود في الوقت الحالي.
الفنانة هويدا نمر- زعاترة قالت بدورها معقبة: تتدفق أخبار العنف يوميا، بات هذا جزء دامٍ من روتين شريط الأخبار. يهزّنا ولاّ يهزنا، وكأنّنا تخدّرنا... كيف حدث هذا ومن اين تسلل غول العنف المسلّح الى ساحاتنا وباحتنا؟ نحن مجتمع بوست طراوماتي اي أنه يعاني من آثار ما بعد الصدمة، يعاني تبعيات النكبة التي قوّضت بنيانه والتي ما زالت تداعياتها تتناسل فيه، تغذيها أياد خبيثة تريد للفخار أن يكسّر بعضه، ولنأخذ كمثال العنف مؤخرا في كفر قاسم، هذه البلدة التي عاشت المجزرة، فيها في المعدّل قتيل في الشهر! هكذا تستمرّ المجزرة بأيدي أحفاد الضحايا، وتواطؤ أحفاد جناة المجزرة الأولى... إنّها نكبتنا الزاحفة النازفة!
وتابعت: أين مسؤوليتنا؟! وما هو دورنا؟! إذ لسنا بقطعان خراف تساق صامتة إلى الذبح! نحكي عن الاسلحة التي تنتشر كوباء خبيث. نطالب الشرطة بالقضاء عليه. ولا من تغيير، لا بل على العكس الأمر يزداد سوءا فالشرطة لا تقوم بدورها.
أناس من جذور طيبة يتورّطون مع العالم السفليّ، يشدّهم حلم الثراء السريع والركض وراء القشور والمظاهر، نحو الهاوية. تدفعهم نحوها التربية المادّية وقلّة الوعي والانجذاب نحو حلول تبدو سحرية متجاهلين كونها من مصادر ملوّثة، لا بل انها بدأت تأخذ صبغة شرعية حتى ممّن هم برأس الهرم الاجتماعي وهدا خطير جداّ.
واضافت زعاترة ل "بكرا": التربية العنيفة داخل البيت تنتقل الى الشارع. حلم القوّة والذكورية الفائضة. انعدام لغة الحوار والأدوات الصحيّة لحلّ النزاعات؛ كلّ هذه تشعل حرائق في اختلافات يمكن تخطيها بالحوار وبعض التسامح والتروّي والتقبّل. هنا تقع المسؤولية علينا. على مؤسساتنا، قادتنا، على مدارسنا وفي المركز على نواة المجتمع الأولى أي الأسرة. برأيي يجب تأهيل الأزواج الصغيرة قبل الإنجاب، بل قبل الزواج، للمهمّة الأصعب والأهمّ التي تواجه الإنسان. يجب إعدادهم كي يتمكنوا من بناء هذه النواة على اسس سليمة وتربية الأولاد تربية صحية تُرسى على الحوار والاصغاء، التسامح والتقبل. من هنا يمكن أن نبدأ.

انعدام الوطنية وتقدم العائلية اعطى الضوء الاخضر لانتشار الجريمة والقتل

ايهاب عراقي حدثنا قائلا عن رأيه: الحقيقة اننا نحاول دوما أن نجد التفسيرات لاحداث العنف والجريمة المتغلغلة في مجتمعنا العربي إلا أن العنف والجريمة اخذان بالازدياد والتفشي لدرجه كبيرة اصابت النسيج المجتمعي في كل بلد وبلد. وللاسف الشديد أصبحنا نتوجه إلى عناوين الجريمة لفض الخلافات بيننا حتى العائلية منها فكيف نرجوا الخير لمجتمعنا في هذه الحالات! كيف نتوخى الخير للمجتمع ونترك أبناءنا يتسكعون بالشوارع والازقة دون محاسبة أو رقابة! كيف نسمح لاولادنا الازعاج بالتراكتورونات والتشحيط بالسيارات، كيف سنرتقي بالمجتمع ونحن لا نربي اولادنا وبناتنا على التسامح والمحبة وتقبل الغير! بل نربيهم على التعصب الفكري والفئوي والحزبي والديني وان يبغضوا الآخر المختلف.

واختتم: احمل انفسنا كاهل وكمجتمع المسؤولية الاولى ومن ثم الحكومة الاسرائيلية على تقصيرها وتمييزها بتوفير الميزانيات للوسط العربي للنهوض بالرياضة والنشاطات اللامنهجية التربوية وأحمل الشرطة التي ليس فقط لا تحارب الجريمة بل تتساهل عمدا في منعها، الحل اولا أن تقف مجتمعاتنا في كل بلد وبلد كرجل واحد أمام القلة من المصابين بداء العنف والجريمة وان يتصدوا لهم، بالاضافة الى الضغط من قبل الجميع، ابتداء من رؤساء السلطات المحلية وحتى الهيئات والمؤسسات الشعبية واعضاء الكنيست وغيرهم على الشرطة والحكومة للقيام بواجبهم ومحاربة الجريمة واقتلاعها.
وعقب زياد كيال بدوره قائلا: اعتقد ان العنف وليد التربية الإنكشارية وتعامل السلطة مع شعبنا زاد الطين بله بالاضافة الى ان انتخابات السلطات المحلية وتراجع الخط الوطني وتقدم العائلية اعطى الضوء الاخضر لتعنيف المجتمع وبمباركة من هم من المفروض ان يحاربوا هذا العنف، اعتقد ان العودة الى ِوحدتنا الوطنية وتقديم البرنامج الوطني على العائلة من شنه ان يقرب الناس ويجتث ظاهرة العنف.

حرمان ديني ومجتمعي..

فؤاد ابو ناصر عقب قائلا: مؤلم جدا ما يحصل في مجتمعنا لا توجد كلمات يمكن ان تعبر عن عمق الأسى والحزن وانخفاض الأمن، يجب العمل اليوم في ظل ارقام القتلى وضحايا الاجرام والعنف بوتيرة مغايرة وكنت اشرت كثيرا الى ذلك منذ زمن طويل، مطلوب مؤتمر قطري مطوّل لكافة السلطات المحلية التي يجب ان تدعو اخصائيين في مجابهة الجريمة من اكاديميين اخصائيين ومربين واطباء ورجال قانون وشرطة لبناء خطة وبرنامج عمل ميداني يبدأ اولا في المدارس التي ممكن ان بؤرة نور للاهتداء الى الحل، لا يمكن حل ازمة العنف دون التأثير في البيت والوعي البيتي ولكن عن طريق المدارس حيث يمكن اقامة ورشات تنمية اجتماعية يسبقها تحضير عن طريق منشور يشرح ضرورة مشاركة الاهل في ورشات ومحاضرات مبنية على قيَم التواضع والمحبة والتشويق.
ونوه: مجتمعنا اليوم مراهق جامح وهو يتميز عن باقي المجتمعات بالشريحة الاكبر من الفئات العمرية الشابة. يجب اقامة مؤتمر قطري ليس قيادي وسياسي انما تخصصي يقوده متخصصون في علم النفس والطب الاسري وصحة العائلة والشرطة حتى نواجه افات مثل التغيب لفترات طويلة عن البيت ومرافقة اصحاب السوء والسلاح وسوق الربا الفاحش ونؤكد على أن الاسرة هي نواة المجتمع واعادة وعي الاهل وثقافتهم كقدوات في التواضع والقناعة والطموح والمحبة والحوار هو الاهم وذلك باستعمال المدارس كأداة استنفار امام ما يجري.
اما الخبير فايز عباس قال ل "بكرا": الواقع ان المجتمع العربي في البلاد يعاني من العنف غير المبرر ولاسباب تافهة تتم عمليات القتل لانه على ما يبدو جينات العنف والقتل والثأر موجودة داخل العربي.
وتابع: المسؤولية تقع على عاتق كل فرد في هذا المجتمع لانه لا يمكن فقط اتهام المسؤولين او الشرطة او جاهات الصلح. البكاء على القتلى وتنظيم مظاهرات احتجاجية هي كذبة كبرى ولا يمكن ان تكون رادعا لانه بالنهاية كل شخص يتظاهر ويعود الى بيته ويقفل الباب وفي تلك الفترة تقع جريمة اخرى.
واختتم قائلا: على المجتمع اليوم ان يبدأ بالتفكير باكثر جدية لمكافحة الجريمة واهمها الغاء جاهات الصلح وفرض الحرمان الديني والاجتماعي على كل من يرتكب جريمة وعلى عائلته الصغرى حتى يعرف كل شخص انه ليس هو من سيدفع ثمن جريمته وانما اولاده ووالديه.

بيئتنا مهزومة من الداخل فهي حاضنة لمرجعيات العنف والركوع والاذلال فقهيا وسلوكيا

عادل زعبي اسهب بدوره حول هذه الظاهرة قائلا:نحن مجتمع شاذ بكل المقاييس لا نملك ادنى المقومات لبناء مجتمع متطور وامن يكفينا اولا اننا منعدموا الهوية والانتماء الى جانب استهدافنا بكل انواع القمع والفتن واختراق وتهميش وتبعيه.
وتابع قائلا: بيئتنا مهزومة من الداخل فهي حاضنة لمرجعيات العنف والركوع والاذلال فقهيا وسلوكيا، المؤسساتية الحزبية والتناحر المصلحي ومبدأ الغاء الاخر دعشنة الفكر والاسلوب، المد الديني الذي تبنته طبقات مهمشة مغيبة وغبية احيانا لذلك اتخذت الدين حسب مقاساتها الشخصية وتحاول الانتقام
من خلال التربيه العنيفة. كل هذه الامور تعتبر السبب بعدم تمكننا من منع ومحاربة العنف والجريمة واستمرارنا بالمس بالقيم والدين والاخلاق.
احمد بصول قال بدوره: اعتقد اننا كمجتمع لا نتحمل مسؤولية ما يحدث لنا لاننا فقدنا الضوابط المجتمعية وأصبحنا مجتمع يتعامل بالعربدة وكل منا في موقعه يتحمل المسؤولية ليس هناك احد بريء مما يحدث لنا الاهل يتحملون المسؤولية والمدرسة والمعلمون وايضا قيادة هذا المجتمع مسؤولون.
واضاف: يجب علينا ايجاد آليه لهيكلة مجتمعنا من جديد لا يعقل ان من يحمل السلاح ومن يعربد ومن يستعمل القوه يكون في الصف الاول في كل محفل ويكون من زعامات بلده وللاسف هذا ما يحدث. وطبعا لا ننسى المؤثرات الخارجيه التي سأمنا من الحديث عنها كسياسات الحكومة وتعامل الشرطة وما يحدث في العالم من حولنا وشلالات الدم التي تسيل في كل مكان.
المربية لبنى ريناوي عقبت قائلة: ما يحدث في مجتمعنا هو امر غير مقبول، هناك عوامل كثيرة سببت هذا التدهور منها انعدام التربية في البيت، طريقة التربية الخاطئة والعنيفة في المدرسه من قبل بعض المعلمين الذين يستعملون احيانا التعنيف الكلامي والجسدي، رجال الدين الذين يهمشون القتل والجريمة ولا يتحدثون عنها خلال خطبهم الدينية، واخيرا الشرطة المتواطئة مع حاملي السلاح.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]