أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراراً بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس لمكافحة تغيير المناخ التي تم توقيعها عام 2015، وأخذت طريقها إلى التنفيذ في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، منفّذاً بذلك وعداً رئيسياً كان قد أطلقه خلال حملته الانتخابية، إلا أنّ القرار قوبل بإدانات من حلفاء واشنطن وقادة دول.

وعقب قراره الأخير، نشر ترامب على حسابه على موقع تويتر تغريدة كرّر فيها شعار حملته الانتخابي “Make America great again” أو "جعل أميركا عظيمة مجدداً"، كما اعتبر الرئيس الأميركي أنّ اتفاقية باريس ستقوّض الاقتصاد الأميركي وستكلّف الولايات المتحدة وظائف وستضع السيادة الوطنية الأميركية والبلاد في موقف سيء دائماً مقارنة بباقي دول العالم.

وتابع ترامب "لا نريد ان يهزأ بنا الزعماء الآخرون بعد اليوم، ولن يحدث هذا"، مضيفاً "نفس الدول التي تطلب منا البقاء في الاتفاقية هي الدول التي تكلّف أميركا إجمالاً تريليونات الدولارات من خلال ممارسات تجارية قاسية، وفي كثير من الحالات إسهامات ضعيفة في تحالفنا العسكري المهم".
وأشار ترامب إلى أنّ إدراته ستبدأ مفاوضات إما للعودة لاتفاقية باريس أو للدخول في اتفاق جديدة "بشروط عادلة للولايات المتحدة وشركاتها وعمالها وشعبها ودافعي الضرائب بها"، معترضاً بصفة خاصة على شروط الصين في الاتفاق.
ولفت ترامب إلى أنّ بلاده ستتوقف عن دفع أموال لصندوق المناخ الأخضر الذي تدفع لها الدول الغنية مليارات الدولارات لمساعدة الدول النامية على التعامل مع الفياضانات والجفاف والآثار الأخرى لتغيّر المناخ. وأضاف البيت الأبيض أنه سيتمسّك بقواعد الأمم المتحدة للانسحاب من الاتفاقية. وتقضي القواعد بأن تنتظر أي دولة ثلاث سنوات من تاريخ اكتساب الاتفاقية الصفة القانونية، وهو الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، قبل السعي رسميا للخروج، ومن ثم على تلك الدول الانتظار لعام آخر.
ووصف داعمون عدة للاتفاقية خطوة ترامب بأنها ضربة للجهود الدولية للحدّ من الاحتباس الحراري لكوكب الأرض الذي ينذر بآثار بعيدة المدى خلال القرن الحالي وما بعده.

وعبّر الرئيس السابق باراك أوباما أحد عرّابي اتفاقية باريس عن أسفه لانسحاب بلاده من الاتفاقية. وقال أوباما "لكن حتى في غياب القيادة الأميركية .. وحتى عندما تنضم هذه الإدارة لحفنة من الدول التي ترفض المستقبل .. فإنني واثق من أن ولاياتنا ومدننا وشركاتنا ستمضي للأمم وتفعل أكثر من ذلك لتقود الطريق وتساعد في حماية الأجيال القادمة على كوكبنا الواحد".
وكتب الرئيس التنفيذي لمجموعة غولدمان ساكس، لويد بلانكفلين، على تويتر "قرار اليوم نكسة للبيئة الموقف الرائد للولايات المتحدة في العالم".

وفي هذا الإطار، قال رئيس الوزراء الإيطالي بانولو جنتيلوني والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك إنّ الاتفاق لا يمكن التفاوض عليه مجدداً، وناشدوا حلفاءهم تسريع الجهود لمكافحة تغيّر المناخ، متعهّدين ببذل المزيد لمساعدة الدول النامية على التكيّف مع الاتفاقية.
أما رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو فقال "رغم كون قرار الولايات المتحدة محبط سنظلّ متأثرين بالزخم المتزايد حول العالم لمكافحة تغيّر المناخ والتحول لاقتصادات ذات نمو نظيف".
ونشرت وكالة أنباء الصين الجديد "شيخوا" تعليقاً على قرار ترامب ووصفته بأنه "انتكاسة عالمية".
بدوره وصف المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الخطوة بأنها "خيبة أمل كبرى". وقالت الهيئة التابعة للأمم المتحدة التي تقوم مفاوضات المناخ إنه لا يمكن إعادة التفاوض بشأن الاتفاقية بناء على طلب دولة منفردة.
وقال إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا وروبرت إيجر الرئيس التنفيذي لشركة والت دينزني إنها سيتركان المجالس الاستشارية للبيت الأبيض بعد القرار الأخير لترامب.

وقال ماسك في تغريدة أخرى على تويتر "تغيّر المناخ حقيقة. الانسحاب من اتفاقية باريس ليس جيّداً لأميركا ولا للعالم".
وفي رسالة إلكترونية لموظفي "آبل"، عبر الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك عن خيبة أمله وقال أنه تحدث مع ترامب يوم الثلاثاء لمحاولة إقناعه بالبقاء في اتفاقية باريس.
وعبر جيف إيميلت الرئيس التنفيذ لشركة جنرال إلكتريك إنه محبط، وأضاف في تغريدة له "تغيّر المناخ حقيقة. يجب على الصناعة الآن أن تقود ولا تعتمد على الحكومة".

ضرر مدمّر


بدورهم انتقد أعضاء الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة قرار ترامب. ووصف زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشات شومر القرار بأنه "أحد أسوأ التحرّكات السياسية التي اتُّخذت في القرن الحادي والعشرين بسبب الضرر الهائل لاقتصادنا وبيئتنا".
وقال السيناتور الأميركي بيرني ساندرز الذي سعى لنيل بطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة العام الماضي "في هذه اللحظة، التي يتسبب فيها تغيّر المناخ بالفعل بضرر مدمّر حول العالم، ليس لنا الحق أخلاقيّاً في أن ندير ظهورنا لجهود ترمي للحفاظ على هذا الكوكب للأجيال القادمة".

وبعد قرار ترامب الأخير، تخرج الولايات المتحدة من اتفاقية المناخ التي تضم كل دول العالم تقريبا وتتصدى لواحدة من أهم قضايا القرن الحادي والعشرين.
وتعهّدت الولايات المتحدة بخفض انبعثاتها ما بين 26 و28% عن مستويات عام 2005، وذلك بحلول سنة 2025. والولايات المتحدة مسؤولة عن أكثر من 15% من إجمال انبعاقات الغازات المسببة للاحتباس الحراري حول العالم، وهي في المرتبة الثانية بعد الصين.
ويقول العلماء في مجال المناخ إنّ الغازات المسببة للاحتباس الحراري تحبس الحرارة في الغلاف الجوي وتسبب ارتفاعاً في حرارة الأرض وارتفاع منسوب البحار والجفاف وبشكل أكثر شيوعاً العواصف الشديد.
ويرى العلماء أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق قد يسرّع آثار تغيّر المناخ العالمي ويجعل موجات الحرارة والفياضانات والجفاف والعواصف أكثر سوءاً.
وكان العام الماضي الأكثر حرارة منذ بدء التسجيل في القرن التاسع عشر، حيث واصلت معدلات درجات الحرار على مستوى العالم الارتفاع بمستوى لم يشهده العالم منذ عقود، ويعزو العلماء سبب ذلك لغازات الاحتباس الحراري.

المصدر: الميادين

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]