سجّل سائق سيارة أجرة من الناصرة، يُدعى علي محمود، صفحة مشرّفة من الأمانة والشهامة، حيث أعاد لزوجين سائحين من رومانيا حقيبة تحتوي على مصاغ وعلى أربعة آلاف يورو وبطاقات اعتماد وأغراض أخرى، بل رفض بإباء وشَمَم، نيل أية مكافأة على صنيعه هذا قائلًا: "لم أفعل شيئًا خارقًا للعادة"!

وأصل الحكاية، أن السائق النصراوي استُدعي لنقل سائق مسنّ من رومانيا وزوجته، من أحد فنادق المدينة إلى عكا، لينضما إلى مجموعة سياح تزور المدينة الساحلية التاريخية، وبعد أن أوصلهما إلى العنوان المطلوب، قفل عائدًا إلى الناصرة، وفي الطريق أقلّ مجموعة من الركاب إلى حيفا، ومنها اتجه نحو الناصرة وعند وصوله إلى "طبعون" صعدت إلى السيارة سيدة طلبت الوصول إلى "المجيدل" ("مغدال هعيمك") حقيبة موضوععة أسفل المقعد الخلفي، فتذكّر أنها تابعة للسائحين الرومانيين.

دعوة لوليمة

وروى السائق الأمين:" فتحت الحقيبة، فإذا فيها مصاغ وحليّ وجوازا سفر يخصان الزوجين، وتذاكر سفر وأوراق أخرى، بالإضافة إلى مبلغ أربعة آلاف يورو، وأدوية"!

وحال وصوله إلى الناصرة، توجه علي محمود إلى الفندق الذي يقيم فيه السائحان، وسأل عما إذا كان ينزلان فيه رسيمًا، ذاكرًا اسميهما اعتمادًا على جوازي السفر الموجودين في الحقيبة، فتأكد من حقيقة الأمر، وسلّم الحقيبة لمدير بالفندق، وأرفق بها رقم هاتفه، تحسّبًا لأي طلب أو سؤال.
وعندما عاد السائحان إلى الفندق، أبلغها المدير بأمر الحقيبة، فكادا يطيران من الفرح والبهجة، بعد طول غمّ وقلق وكرب، وطلبا ملاقاة السائق الامين ليشكراه ويكفائاه، وعندما جاء إلى الفندق إنهالا عليه بالعناق والثناء، وعرضا عليه مكافأته بوليمة فاخرة، لكنه رفض بأدب جمّ، وقال: "لا أشعر بأنني قمْت بعمل خارق للعادة، بل أديت واجبًا اخلاقيًا وانسانيًا مستمدًا من قيم مجتمعي ومن تربيتي، وإنني لسعيد بكون الحقية قد وقعت بين يدي إنسان مثلي، يتحلى بضمير حيّ".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]