تتزين شوارع المدن والبلدات الفلسطينية كما في أرجاء العالم الإسلامي، خلال شهر رمضان، بالفوانيس والأهلة التي تعبر عن البهجة بالشهر الفضيل. إذا نسي او انشغل الكبار فإن الصغار يكونون بالمرصاد لطلب الزينة والإلحاح عليها والحرص على التميز بها عن الجيران. وهذا هو حال البلدات والمدن والأحياء. كل يسعى للتميز في زينة رمضان.

أم نضال من مدينة الخليل اتخذت من شراء الفوانيس هواية تزين بها منزلها وتفرح بها أحفادها. الفانوس الذي اعتبر موروثا مصريا أخذته أم نضال عن جدتها المصرية لتنقله للخليل ويصبح موروث تلك العائلة التي تنار خلال ليالي رمضان بالفانوس.

ووسط رام الله كان ليلة أمس إياد الطريفي (43 عاما) منشغلا بتعليق الزينة على منزله وسط المدينة، وهو سعيد بوجود مصابيح في مختلف أرجاء المدينة بأشكالها وألوانها وأضاوائها، فيما تنافس قرابة 30 شابا آخرين؛ على تنظيف أرجاء الحي، ووضع لافتات الترحيب في الطرق وعلى الجدران.

وفي نابلس بالرغم من التطورات والتغيرات التي نشأت مع الزمن، الا أن المدينة ما زالت تحتفظ بمظاهر رمضانية تميزت بها عن باقي المدن الفلسطينية، لا يشعر بنكهتها الا من عاش في هذه المدينة، فبمجرد قدوم شهر رمضان بل و قبل ايام من ثبوت رؤية الهلال، ينتاب المواطنون صغيرا كبيرا فرحا و بهجة عارمة يُلاحظ ذلك وبشكل ملفت المتجول في أنحاء المدينة حيث تزدان شوارع المدينة بالزينة بالزينة وتعلق عبارات المديح بالرسول الكريم و غيرها من العبارات الدينية، و يتسارع المواطنون بشراء الاضواء الخاصة بالشهر الفضيلة حيث لا يلق المواطن جهدا بالحصول عليها، فهذه الأضواء تمتلأ بها المحال التجارية والمكاتب وهي على عدة أشكال و أحجام منها الهلال و منها قبب المساجد، يسارع المواطن النابلسي الى تعليقها على نوافذ بيته يف اشارة منه الى ابتهاجه و سعادته لحلول شهر رمضان_ شهر الرحمة والغفران، ولو أخذت صورة مكبرة للمدينة ليلا لوجد أنها تمتلأ بالأضواء والزينة في مشهد ساحر يشعر الإنسان بالقيمة الكبيرة التي يحظى بها الشهر الفضيل في قلوب النابلسين.

ولا تقتصر المشاهد المميزة في الشهر الفضيل على البيوت و الشوارع المضيئة، بل إن أسواق المدينة تكون على أهبة الاستعداد قبل حلول شهر رمضان ببضعة أيام، و تغيير حلتها لتلبس الحلة الرمضانية الشهيرة، فتمتلأ رفوفها بأشهى أصناف المأكولات والمشروبات التي يشتهيها الصائم كالعصائر مثل الخروب والتمر الهندي والليمون والسوس، والتمور والمكسرات والمسليات التي يرغب الصائم بتناولها خلال السهرات والجلسات الرمضانية التي تقام بعد الافطار، كما وينشط عمل محال الحلويات في شهر رمضان، ويتهافت الناس لشراء الحلويات منها خاصة فترة قبل الافطار.

وتنشط في شهر رمضان المبارك حركة الأهل والأقارب والزيارات العائلية، وتقام العزائم وتفرد الموائد وتزخر بما لذ وطاب من اصناف المأكولات، وبعد الافطار عادة ما يجتمع الاقارب في سهرات رمضانية تمتد أحيانا الى ما قبيل الفجر، يتسامرون ويشاهدون فيها المسلسلات الرمضانية ويتناولون فيها الحلويات والفواكه والتسالي في جمعة يلتم بها شتات الأسرة بعد مضي أشهر كثيرة فرقتهم بها مشاغل الحياة عن بعضهم البعض.

وأكثر ما يميز شهر رمضان تلك العادة الاجتماعية التي تختص بها مدينة نابلس وهي" فقدة رمضان"، حيث تستقبل المرأة أقربائها من المحارم بعد الإفطار أو قبله في زيارة خاطفة يقوم بها الأب والأخوال والأعمام بزيارتها وتقديم الفاقدة لها والتي بالأغلب تكون عبارة عن نقود أو ملابس أو فواكه أو مواد تموينية بعض لوازم البيت.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]