أجرى البروفيسور يارون زليخا، رئيس كلية المحاسبة في مؤسسة " أونو" وفي جامعة بار ايلان- بحثًا مشتركًا حول تعامل البنوك الإسرائيلية مع شرائح وفئات سكانية مختلفة في البلاد- كالعرب واليهود الشرقيين والنساء.

وأظهر البحث أن احتمالات حصول الرجال اليهود من أصول أوروبية ( الاشكناز) على اعتمادات من البنوك، هي أفضل بكثير مما هي حال باقي الفئات- مهما كانت الأوضاع الاقتصادية السائدة في إسرائيل، سلبًا أو ايجابيًا، بينما يدعى مسؤولو البنوك، أن أي قرار يتعلق بمنح الاعتمادات يتم وفقًا لاعتبارات موضوعية، مثل القدرة على توفير الضمانات من قبل الزبائن أو إمكانيات واحتمالات الربح والاستفادة من التعامل معهم. وهنا يؤكد البروفيسور زليخا أن المعطيات التي أظهرها البحث تثبت ان هنالك اعتبارات أخرى لدى إدارات البنوك.

من يستفيد أكثر، ولماذا؟

وفيما يتعلق بالبحث- فقد قام معدوه بمراجعة ومعاينة قائمة الأشخاص الذين حصلوا على اعتمادات من البنوك الإسرائيلية خلال الثلاثين عامًا الأخيرة، التي شهدت اقتصادات البلاد اثناءها أزمات تسببت في قلة منح الاعتمادات، وشهدت بالمقابل فترات أكثر ازدهارًا كانت تسمح بمنح مزيد من الاعتمادات وعن ذلك يقول البروفيسور زليخا انه كلما كانت إمكانيات منح الاعتمادات أكبر وأوسع، بفضل الازدهار الاقتصادي- كلما تقلّص نطاق اللا مساواة والاجحاف ( بالاعتمادات) " والان يُسأل السؤال: لمن تمنح البنوك اعتمادات أكثر، ولماذا؟"- حسبما يتساءل البروفيسور يارون زليخا في اطار البحث.

وللإجابة على هذا السؤال أجرى معدو البحث مقارنة بين مجموعة من الرجال ومجموعة من النساء، بغض النظر عن الفوارق بين أفراد المجموعتين من ناحية الدخل ومستوى التعليم والحالة المادية. وعن ذلك قال البروفيسور زليخا أن معطيات المقارنة قد أظهرت أن انعدام مساواة النساء يقلّ كلما اتسعت قدرة الاقتصاد ( والبنوك) على منح الاعتمادات، بينما تبيّن العكس لدى الرجال " ويعود السبب في ذلك إلى أن الرجال يحصلون على الاعتمادات في كل الأحوال، بغض النظر عن الأوضاع الاقتصادية، بينما لم تُعط اعتمادات للنساء عندما شهدت اقتصادات البلاد أحوالاً صعبة، هذا على الرغم من ان النساء أثبتن التزامهن بتسديد القروض، مثل الرجال تمامًا، بل وأكثر"- على حد تعبير زليخا.

عرب ويهود...

ولم يكتف معدو البحث بهذه المقارنة، فأجروا مقارنة من نوع آخر بين مجموعة من العرب ومجموعة من اليهود من زبائن نفس البنك- " لئومي" لليهود وفروعه في المجتمع العربي- " البنك العربي الإسرائيلي" وعن ذلك يقول البروفيسور زليخا: وهنا أيضًا اكتشفنا نفس الظاهرة- فكلما اتسع نطاق إمكانيات منح الاعتمادات، تراجع الاجحاف بحق العرب، بينما بقي الحال على ما هو عليه ( ايجابيًا) بالنسبة لليهود، هذا على الرغم من أن خسارات البنك العربي أقل من " لئومي"، وكان بالإمكان منح المزيد من الاعتمادات للعرب، دون التسبب بمزيد من الخسارة لبنك " لئومي" في المجتمع اليهودي، وبعبارة أخرى: تبيّن أنه كلما تقلصت إمكانية منح الاعتمادات- تقلصت احتمالات وامكانيات حصول العرب على القروض والاعتمادات!

يهود شرقيون ويهود أوروبيون...

وزيادة في صدقية البحث – أجرى معدو مقارنة ثالثة بين مجموعة من اليهود الشرقيين ( السفاراديم) ومجموعة من اليهود الأوروبيين ( الاشكناز)، وتبيّن إجحاف صارخ بحق الشرقيين، إلى درجة أن البنوك تفضّل الاشكناز الفقراء على الشرقيين الفقراء في مجال القروض، ما يعني- وفق تحليل البروفيسور زليخا- أن الطبقات الضعيفة والفقيرة، مهما كان انتماؤها، تواجه اجحافًا وتمييزًا أوسع في هذا المجال.
ماذا يقول موظف البنك لنفسه؟

وأجرت مراسلة صحيفة " ذا ماركر"، طالي حروتي سوفير، مقابلة مع البروفيسور يارون زليخا حول هذه القضية، وسألته: لماذا يحدث هذا الأمر؟

فأجاب زليخا: " التهميش والإقصاء يمكن أن ينبعا من ثلاثة أسباب- الأول هو العنصرية والتعصّب الشوفيني، فإذا قال موظف البنك لنفسه: أنا لا أعطي قرضًا لإمرأة عربية أو ليهودي شرقي- فإن هذا التوجه ليس منطقيًا كفاية إزاء المعطيات، ولو كان التوجه " منطقيًا" بهذا المعنى لما حصلت النساء العربيات واليهود الشرقيون على قروض واعتمادات، حتى في أوج الازدهار الاقتصادي".

ويضيف زليخا: " الامكانية الثانية أذكى وأبرع- فإذا قال موظف البنك لنفسه: ليست لديّ مشكلة مع الفئات الضعيفة وأنا التزام بالاعتبارات الموضوعية الحقيقية، لكن إذا جاءني شخص من فئة الأكثرية، التي أنتمي إليها، فإنني أعطيه أكثر- فهنا لا يُعتبر هذا الأمر تمييزًا واجحافًا مقصودًا، بل تمييزًا ايجابيًا لأن " القوي " يعطي أكثر لمن يشبهه، لأن من السهل عليه أن يؤمن ويثق بجدوى الصفقة".

ويضيف: " الامكانية الثالثة شبيهة بظاهرة النساء المشاركات بالنقاش حول الأجور، إذ أنهن يطلبن منذ البداية قدرًا أقلّ، إما لأنهن يتخوفن من طلب الكثير، أو لأنهن لسن متمرسات في المطالبة بحقهن. وربما أن الفئات الأخرى الضعيفة أيضًا اللاتي تشعر بأنها لا تستحق الكثير والمزيد- تقوم منذ البداية بطلب القليل".

وردًا على سؤال الصحفية الخبيرة بالاقتصاد حول الحلول الممكنة واللازمة لهذه القضية، أجاب زليخا: " الحل الأول الممكن هو زيادة دور وتوسيع نطاق مشاركة الفئات الضعيفة في صنع القرار ( الوظائف الإدارية المالية مثلاً)، انطلاقًا من الفرضية القائلة بأن المسؤولين المنتمين إلى هذه الفئات لا يمكن أن ينحازوا ضد من هم على شاكلتهم ومن بيئتهم وطبقتهم، لكن أبحاثًا كثيرة قد أظهرت عكس ذلك تمامًا، بمعنى أن الإنسان الذي ينتمي إلى فئة ضعيفة لا يميل إلى التضامن والتماثل مع من هم على شاكلته، بل يميل إلى العامل مع الأقوياء".

ويضيف: " أن تغيير التركيبة البشرية أمر مهم، لكن ليس من المؤكد أو الواضح أن كان هذا التغيير كفيلاً بحلّ المشكلة – ولذا فلا مفر من الحل الوحيد لمشكلة حصول الفئات الضعيفة على القروض والاعتمادات، ألا وهو الحل الممتثل في صناديق الاعتماد المخصصة للنساء وللعرب على الأقل وبهذه الطريقة يصبح من المؤكد، في كل ظرف اقتصادي، سلبيًا كان أم ايجابيًا- أن من يستحق القروض والاعتمادات يكون قادرًا على الحصول عليها، وبذلك تحقيق المزيد من المساواة "!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]