بمبادرة لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية، عقد في جمعية الجليل- الجمعية العربية للبحوث والخدمات الصحية- يوم السبت اجتماعًا تأسيسيًا؛ لإقامة لجنة متابعة عليا للقضايا الصحية في المجتمع العربي. ويأتي هذا الاجتماع ضمن الجهود التي تقوم بها لجنة المتابعة، بالتعاون مع ناشطين وأكاديميين؛ لجمع القدرات العربية المهنية في مجتمعنا في شتى المجالات. وقد تقرّر إقامة لجنة صحية عليا بعد أن تبين وجود تدهور في الأوضاع الصحية في المجتمع العربي، كما أظهرت نتائج المسح الصحي والبيئي الأخير، وبحوث ومعلومات أخرى في المجال، حيث أصبح واضحًا عدم وجود سياسات، وخطط صحية جادة لمجتمعنا؛ مما أدّى إلى اتّساع الفجوات الصحية في السنوات الاخيرة. وقد حضر الاجتماع عدد كبير من المختصين في مجالات الصحة المختلفة وقياديون في هذا المجال من جميع المناطق (النقب، المثلث، الجليل).
افتتح الاجتماع رئيس لجنة المتابعة محمد بركة مُشيرًا إلى أهمية عملية التنظيم المجتمعي خاصة في مجتمع الأقليات، ونوّه إلى ما تقوم به لجنة المتابعة من خطوات، من أجل التجميع والتشبيك بين القدرات المهنية، من خلال إقامة لجان مهنية في مجالات مختلفة كالتربية والتعليم، الاقتصاد، الأرض والمسكن، الصحة وغيرها. وشدّد بركة على ضرورة الربط بين السياسي والمهني، والاستعانة بالمهنيين العرب من أجل تحقيق الحقوق والنهوض بالمجتمع عامّة. كما نوّه إلى أن هذا الاجتماع هو اجتماع أوليّ، والباب مفتوح أمام من يريد الانضمام لهذه اللجنة والمساهمة في عملها وأشار الى ان اللجنة لا تلغي أحد ولن تكون مكان أحد انما تسعى لتنظيم عملنا المهني في المجال.

وأدار الاجتماع مدير عام جمعية الجليل بكر عواودة، فأكّد على استعداد جمعية الجليل لتوظيف كل امكانياتها؛ من أجل انجاح وتطوير عمل اللجنة إيمانًا بأهميتها وضرورتها، خاصة في ظل المعلومات التي تؤكّد عدم وجود برامج حقيقية من قبل وزارة الصحة للنهوض بالوضع الصحي، ولجسر الفجوات في هذا المجال، بالإضافة إلى وجود سياسة منهجية تفضي الى عدم إشراك المهنيين العرب في البرامج الصحية المختلفة، ويظهر ذلك جليًّا، من خلال عدم إشغال عرب لمناصب إدارية في اقسام وزارة الصحة. مع العلم انه تتواجد قدرات مهنية عربية عالية، من الضروري إشراكها في كل القضايا الصحية التي تعمل بها وزارة الصحة. ومن ثم قام د. محمد خطيب من جمعية الجليل بعرض الفكرة لأقامة اللجنة والهدف استنادًا إلى معطيات المسح الصحي البيئي الواسع، الذي أجري ونشر مؤخرًا من قبل "ركاز" مركز الأبحاث الاجتماعية التطبيقية، في جمعية الجليل والتي أكدت ضرورة التحرك والتنظيم من أجل تغيير الواقع الصحي ودعا الحضور للمشاركة في بلورة أهداف ونظام عمل اللجنة.

وقد تحدّث في الاجتماع جميع المشاركين، حيث عرض كل منهم رؤيته بالنسبة لأهداف اللجنة واستراتيجيات عملها وتنظيمها وقد أجمع الحضور على أن اللجنة ستوفر مرجعية مهنية في معالجة القضايا الصحية العامة في المجتمع العربي وستشكل إطارًا استشاريًا، وموَجّها للأطر السياسية والمجتمعية والقيادية، في عملية تحسين وتطوير صحة المواطنين العرب وتحقيق الحقوق الصحية. ومن خلال المداخلات ظهرت عدّة توجهات تشير إلى وجوب العمل لزيادة ورفع التوعية داخل مجتمعنا، وإدخال موضوع الصحة إلى برامج العمل لدى متخذي القرار في كافة المستويات، لدى السلطات المحلية، والمهنيين، والناشطين، والمؤسسات العاملة في المجال. إضافة إلى ضرورة العمل على تغيير السياسات المجحفة بحق مجتمعنا، وقد أجمع الحضور على أن تقوم هذه اللجنة بتقديم خطوات واقتراحات علمية مدروسة من قبل مختصين في المجالات المختلفة.

يذكر أنه قد شارك في الاجتماع كل من الأطباء، والمتخصّصين، والأكاديميين، والناشطين، التالية أسمائهم:
عبد المعطي ابو جعفر، نسيم عاصي، سميرة عبيد، نعيم شحادة، نهاية داوود، فاتن غطّاس، محمود كيال، أسعد غانم، زايد الصفاوي، محمد ابو تيلخ، فهد حكيم، توفيق شناوي، زويا الزبارقة، محمد زبارقة، كايد العثامين، نعيم أبو فريحة، رانيا العقبي، محمد الشيخ أحمد، فخري حسن، محمد خطيب، عفو إغبارية، زاهر عزام، بكر عواودة، محمد بركة. وفيما يلي ملخص لأهم ما طرحه وناقشه المشاركون:
البرفسور أسعد غانم تحدّث منوّها إلى أهمية هذا اللقاء، ودعا الحضور للمشاركة في مؤتمر القدرات العربية، الذي تنظمه لجنة المتابعة العليا في مدينة الطيبة يوم 20 .5 .20017. من أجل المساهمة في بناء وتقوية العلاقات المهنية بين المهنيين في مختلف التخصصات، مؤكّدًا ان التنمية الصحية هي الأساس لتنمية مجتمعنا في كافة المستويات.

بارك بروفسور نعيم شحادة هذه الخطوة، مشيرًا إلى ضرورة توحيد وتنسيق الجهود المختلفة، وإعطاء أولويات في العمل من خلال التركيز على القضايا الحارقة وإلى ضرورة معرفة الحاصل في الميدان، وبحث جدوى البرامج القائمة حاليا. ودعا إلى فتح المجال أمام الراغبين بالانضمام إلى هذه اللجنة من مختصين وناشطين، وإلى العمل من خلال لجان فرعية متخصّصة.

تحدّث الدكتور فخري حسن- رئيس نقابة أطباء الأسنان العرب- مناديًا بدعم هذه اللجنة وتأييديها في عملها، مقترحًا أن تعمل اللجنة ضمن مجالات الصحة المختلفة.
بدوره أشار فاتن غطاس- مدير برامج جمعية مكافحة السرطان في المجتمع العربي- إلى أن الوضع الصحي هو انعكاس للوضع السياسي، ومن هنا تكمن أهميّة تحديد ماذا نريد وما هي الأهداف.

تحدّثت الدكتورة نهاية داوود قائلة إنّ اللجنة لا تهدف إلى إعطاء خدمات صحيّة، بل إلى تشكيل جسم متابع وضاغط على الحكومة ووزارة الصحة، خاصّة في ظلّ تراجع وتدهور الأوضاع الصحية، ونقص في المعلومات الوزارية بهذا الشأن. وتابعت إنّ عملنا يجب أن يركز أيضا على الحقوق الصحية.

أمّا الناشط نسيم عاصي، أشار إلى ضرورة تنسيق وتركيز المعلومات؛ من أجل بناء خطط مهنية مدروسة، ومن أجل مواجهة وزارة الصحة وتشكيل ضغط عليها.

وفي حديثه أكّد الدكتور عفو إغباريّة إلى أهمية تشخيص القضايا الصحيّة وتشجيع المنافسة بين صناديق المرضى لمصلحة المجتمع العربي. وأشار إلى وجود مشاكل تعترض بناء تخصصات عربية، إضافة للمشاكل التي يواجهها الأطباء العائدون.
أمّا د. سميرة عبيد فنوّهت بأنّه بالرغم مما تقدم من وجود مشاكل صحية، إلّا أنّ هناك برامج وميزانيات لا يتمّ استغلالها من قبل السلطات المحلية العربية.

وفي كلمته أشار الدكتور بشارة بشارات، أنّ الفجوات الصحيّة ازدادت أكثر، منذ بدء العمل في قانون التأمين الصحي. مؤكّدًا بانه لا يمكن ضمان المساواة ضمن القانون الحالي في مجتمعين غير متساويين. وأشار إلى أهميّة العمل الداخلي في حشد وتبنّي نهج الحياة الصحية في مجتمعنا من قبل القيادات على كافة المستويات. واشار الى ان ما يجري في صناديق المرضى في عملها مع المجتمع في مجتمعنا يصبّ في مصلحة الأطباء أكثر من مصلحة المجتمع.

الدكتور عبد المعطي أبو جعفر نادى إلى ضرورة ضمان تمثيل مهني ومناطقي في اللجنة، مقترحًا تشكيل لجنة مركزية، وفروع مهنية ولوائيّة مختلفة. وأكد من خلال تجربته أنّ موضوع معرفة الحقوق هو ضرورة قصوى وخاصة بين أعضاء الطواقم الطبيّة والصحيّة.
أكّد الدكتور نعيم أبو فريحة على ضرورة تمثيل النقب في اللجان التي تقام، وإلى ضرورة تشكيل مرجعية مهنية تقوم بدراسة الواقع، وطرح مشاكل عديدة وإلى ضرورة بناء مشاريع تثقيفية بين الأطباء أيضًا، واقترح بناء لجنة مصغرة تدير شؤون اللجنة الصحيّة العليا.
وبدورها أشارت الدكتورة زويا الزبارقة إلى أنّ المسح الصحي الأخير لجمعية الجليل، أوضح الحاجة الماسة بالإنعاش الصحي في النقب، وأشارت الى ضرورة رفع دور المجتمع وأخذ المسؤولية الداخلية في البرامج المختلفة.
أمّا مدير المستشفى الانجليزي الدكتور فهد حكيم، أكّد أنّ القضية أكبر من أن تكون قضية صحية فقط، وأشار إلى نقص في التخصصات العليا نتيجة لسياسات منهجية. لذلك فمن المهم إثارة موضوع استيعاب المهنيين العرب. وأضاف إنّ ما يهمنا بالأساس ألا يكون مرضى؛ لذا يجب تطوير موضوع الوقاية والحد من الامراض المزمنة، من خلال برامج طويلة الأمد، وعلينا وضع قائمة في المواضيع الأساسية وبناء خطة لتطويرها ضمن التأثير على السياسات الصحيّة.

وتحدّث الدكتور محمود كيال مشيرًا إلى ضرورة تطوير برامج حسب مجالات مختلفة، من خلال دراستها ودراسة إمكانيات التغيير، مما سيفتح الإمكانيات أكثر، وسيمكِّننا من التوجه بطرق مختلفة لكلّ قضية، مستبعدًا أن يكون التوجه لتغيير السياسات أولى الآليات المتبعة، بل يجب أن تكون إحدى الآليات المنبثقة.
وأشار بروفيسور زاهر عزام إلى اهمية هذه اللجنة، كونها نافذه وطنية ضاغطة ومرجعيّة صحيّة بكل ما يتعلق بأوضاعنا الصحية. ويتوجب علينا بناء رؤية في مجال سد الفجوات وتطوير آليات العمل المحليّة والقطريّة.
وأضافت الدكتورة رانيا العقبي إلى أن المسؤولية في تطوير الأوضاع الصحية هي مسؤولية الوزارات الأخرى، مثل: التعليم، والرفاه، والاقتصاد، وإلى ضرورة رؤية الموضوع بشكل شمولي. ودعت إلى ضرورة تطوير موضوع الصحّة النفسيّة وإلى ضرورة عمل اللجنة حسب مواضيع يتمّ من خلالها العمل في ثلاثة مستويات: التثقيفي، والبحثي، والعلاجي.
ودعا الدكتور زايد الصفاوي إلى بناء أولويات لعمل للجنة، مقترحا أن تعمل اللجنة في مجالات التوعية والحقوق والسياسات.
وفي كلمته تحدّث السيد توفيق شناوي إلى ضرورة شمل الموضع البيئي مع القضايا الصحيّة.
أمّا أحمد الشيخ مدير ركاز - معهد الابحاث التطبيقية في جمعية الجليل- أكّد أن البحث الأخير لجمعية الجليل هو بحث صحي وبيئي، وأكّد بأنّ المركز على استعداد لإعطاء المعلومات البحثيّة لمن يرغب من الباحثين. وذكّر بأنّ العمل على تغيير السياسات الحكومية هو من المهمّات المركزيّة للجنة، وضرورة التركيز على وضع النقب الصحي لوجود قضايا حارقة هناك.
وفي نهاية الاجتماع انبثقت لجنة مهنية مصغرة، ستقوم ببلورة المقترحات المختلفة، وتقديم مقترحات لمجالات عمل اللجنة وآليات عملها. واختتم اللقاء محمد بركة قائلا: " مع نهاية الاجتماع اتضحت صورة مرعبة للوضع الصحي، ومدى إهماله على مر السنوات، وأرى أهمّيّة كبرى لوجود وبناء هذه اللجنة؛ من أجل أن تكون أيضًا مرجعية مهنية للقيادة السياسية والوطنية، ومن اجل النهوض بالأوضاع الصحية.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]