نظمت جمعية انماء للديمقراطية وتطوير القدرات وبالتعاون مع جمعية الدفاع عن المهجرين وضمن برنامجها السنوي، وللسنة الثامنة على التوالي يوم عمل تطوعي وزيارة الى قرية الغابسية المهجرة، في الذكرى ال69 لنكبة الشعب الفلسطيني، والذي تعمل جمعية انماء على احياء هذه المناسبة عبر تجديد العقد السنوي في علاقتها مع الارض، فقد قامت مجموعات انماء التطوعية في عمل تطوعي في ما تبقى من مقبرة القرية من تنظيف ودهان شواهد القبور وعملوا على غرس اشجارالزيتون، تاكيد على التشبث والارتباط في الارض، وكان مجموعة من اهالي القرية وجمعية الدفاع عن المهجرين في استقبال المتطوعين الانمائين، وتحدث اليهم السيد داود بدر ابن قرية الغابسية المهجرة، حيث رحب في جمعية انماء وفي مجموعاتها الشبابية التطوعية، مثمنا دورهم وعملهم الهام ومؤكدا على اهمية هذه البرامج والفعاليات الشباية والتطوعية، والتي تأتي في ذكرى ال69 للنكبة، وهذا ان دل يدل على ان البوصلة مازالت توجهنا في الاتجاه الصحيح .

وتحدث بدر الذي تهجر من قريته وهو في السادسة من عمره مستذكرا ان والدته ايقظته من النوم في صبيحة احد الايام ووضعته على مسطبة خارج البيت، ومن ثم دخلت البيت واحضرت سرة من قماش ووضعتها في عنقها وحملته هربا تاركين البيت والقرية، واتجهوا سيرا على الاقدام اتجاه قرية كفر ياسيف، ومن ثم قرية يركا، الى ان تم الترحال باهالي القرية الذين توزعوا في قرية الشيخ دنون وفي قرية المزرعة وفي الشتات .
واشار بدر الى ان قرية الغابسية المهجرة تقع في شمال شرق عكا، تحت جبال الجليل الأدنى، على ارتفاع 75 م فوق سطح البحر، في عام 1931 كان في الغابسية 125 بيت، ومدرسة ابتدائية للبنين، وكان فيها معصرة للزيتون.

واستعرض بدر تاريخ واحتلال وتهجير اهالي قرية الغابسية وقال ان وجهاء قرية الغابسية قد أبرموا اتفاقا مسبقا مع مسؤولي وحدة الاستعلامات في منظمة الهاغاناة يقضي بعدم المساس بسكان القرية, وعدم دخول الجيش إليها على أن تكون علامة ذلك رفع علم أبيض من على سطح المسجد، وعندما دخلت القوات الهجانا القرية يوم 21/5/1948م، كان المرحوم داود زيني يقف على سطح المسجد ملوحا بعلم أبيض، الا أنهم أطلقوا عليه النار فسقط شهيدا،وسقط 11 شهيدا من القرية ايضا،وبعد شهر من ذلك الحادثة تمت مراجعة مسئولين بالأمر، الذين ادعوا أن قائد الكتيبة التي اقتحمت القرية لم يكن على علم بالاتفاق المذكور، ووافقوا على عودة السكان مجددا إلى القرية، وفعلا في نهاية سنة 1948م وبداية سنة 1949م عاد معظم السكان إلى القرية، وفي يوم 24/1/1951م عاد الجيش وتحت التهديد أجبرا سكان القرية على الرحيل إلى الشيخ دنون والمزرعة تحت حجج واهية, ومع ذلك لم يستسلم سكان الغابسية لهذا وقاموا بمحاولات عديدة للعودة إلى قريتهم, وقد تعرضوا للاعتقال والمحاكمات العسكرية والغرامات الباهظة،بعد ذلك توجهوا إلى محكمة العدل العليل التي أصدرت قرارها يوم 30/11/1951م، والذي يقضي بحق سكان الغابسية العودة إلى قريتهم وبيوتهم, إلا أن حكومات إسرائيل المتعاقبة منعتهم من العودة واعلنت القرية منطقة عسكرية مغلقة بموجب قوانين الطوارئ لسنة 1945م, ومنعا من أي محاولة أخرى في العودة عملت على هدم جميع بيوت القرية ولم يبقى منها سوى بقايا من بيوت والمسجد ومقبرة القرية.

يذكر ان جمعية انماء تقوم في العديد من البرامج والمشاريع الشبابية والثقافية والتطوعية التي تعمل على احياء هذه المناسبة من كل عام من خلال برامج تطوعية شبابية متعددة، تحث الجيل الشاب على حبه وانتمائه وارتباطه في الارض، ارض الاباء والاجداد، التي تشرد وتهجر منها شعبنا وتحول بين ليلةٍ وضحاها الى لاجئي مشرد في بقاع الارض، كما قال الاديب والقائد الراحل غسان كنفاني " عندما وصلنا صيدا في العصر صرنا لاجئين "، كما ان جمعية انماء تعمل على الاهتمام في حفظ الموروث الحضاري والتاريخي لشعبنا الفلسطيني ضمن الشهادات والروايات الشفوية، والذي سيكون جزء من الذاكرة الجماعية الفلسطينية، من خلال مشروعها "حفظ التاريخ الشفوي الفلسطيني" واعداده لمجموعاتها الشبابية عبر برامج وفعاليات تطوعية وثقافية على الارض وفي الارض ،وذلك لتستلهم منه الاجيال الشابة جيلا بعد جيل، ولتسقط مقولة بن غوريون " الكبار يموتون والصغار ينسون " .
واشارت انماء في بيانها الى اهمية العمل على البرامج والمشاريع المرتبطة في الارض والمرتبطة في ثقافتنا وتاريخ شعبنا لنحفظ هذا التاريخ ليكون الزوادة الراسخة والاصيلة لمشروعنا الثقافي والوطني والاجتماعي

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]