دعت افتتاحية صحيفة " هآرتس" الإسرائيلية اللبرالية، الصادرة اليوم ( الخميس-23/2)- وزير الأمن الداخلي في الحكومة الإسرائيلية، غلعاد أردان، والمفتش العام للشُرطة- روني ألشيخ، للاستقالة، على خلفية التقرير المرتقب صدوره، بعد أسبوعين، عن قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة بوزارة القضاء (" ماحش")، حول مجريات الأحداث التي وقعت الشهر الماضي في قرية " أم الحيران" العربية في النقب، التي أسفرت عن قتل مواطن من القرية، هو المربي يعقوب موسى أبو القيعان، ومقتل شرطي يدعى ايرز ليفي، وعن هدم عدد من المنازل في القرية، زُعم أنها مبنية بدون تراخيص. وقد سارع مسؤولون كبار في الحكومة الإسرائيلية، وأوساط إعلامية وسياسية أخرى، إلى الاستنتاج بأن الشهيد " أبو القيعان" قد تعمّد دهس الشرطي المذكور، لكونه منتميًا أو نصيرًا لداعش، فانهالت عليه من جهة أولئك المسؤولين أقذع الأوصاف والاتهامات، وطالت أبناء عشيرته وأهالي قريته، وكذلك النواب العرب والمواطنين العرب عمومًا- جزافًا وظلمًا وعدوانًا.
وفيما يلي ترجمة افتتاحية " هآرتس"، نظرًا لجرأتها وصراحتها:



* * *

على مشارف النشر المرتقب، بعد أسبوعين، لتقرير قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة (" ماحش") حول الأحداث في أم الحيران- سيتعيّن على وزير الأمن الداخلي- غلعاد أردان، والمفتش العام للشرطة- روني ألشيخ، أن يستقيلا من منصبيهما. فإزاء التحريض والأكاذيب التي صدرت عن كليهما بُعَيْد الأحداث التي وقعت في تلك القرية البدوية التي هُدمت منازلها- لن يكون بمقدورهما الاستمرار في تولي مهام منصبيهما. أردان وألشيخ هما رئيسان لأجهزة تطبيق القانون في دولة إسرائيل. ولا يُعقل أن تواصل شخصيتان محرّضتان، لا يقولان كلمة الحق، من شاكلتهما- تصدُر هذه الأجهزة الهامة.

وكما نُشر أمس، فقد توصل قسم " ماحش" إلى نتيجة مفادها، أنه لم تقع في " ام الحيران" عملية إرهابية معادية، وأن يعقوب أبو القيعان والشرطي العريف أول ايرز ( عميدي) ليفي- اللذين قُتلا خلال الحادثة في أم الحيران، إنما هما بناء على ذلك قد وقعا ضحيتين سدى لأصبع الشرطة الخفيفة على الزناد.

أفراد الشرطة الذين اطلقوا الرصاص باتجاه المدرس المواطن من أم الحيران- الذي قاد سيارته ببطء، دون أي قصد سيء، وعلى أثر اطلاق الرصاص باتجاهه فَقَد السيطرة على سيارته وتسبّب بدهس الشرطي- ( أفراد الشرطة) حالوا أيضًا دون تقديم العلاج الطبي للسائق، فظل ينزف دمًا حتى لفظ أنفاسه في سيارته. إن دم المواطن والشرطي، اللذين قُتلا سدى- يستصرخ. سيكون حَرِيًا بقسم " ماحش" أن يُفضي إلى تقديم المسؤولين عن هذا الإخفاق الشرطوي- إلى المحاكمة.

لكنْ قبل ذلك، يجب مساءلة ومحاسبة أولئك الذين حرّضوا ضد البدو، ولا سيما ضد الضحية الذي كان بريئًا. وزير الأمن الداخلي قال فورًا بعد الحادثة: " مخرب ينتمي إلى الحركة الإسلامية انقضّ على قواتنا قاصدًا قتل أكبر عدد ممكن من أفراد الشُرطة"، فيما تَبعَهُ المفتش العام للشُرطة قائلاً: " مخرب وغْد استغل فرصة سانحة فاندفع بسيارته متجاهلاً أفراد الشرطة... الجميع يعلمون أن الجاني كان معلمًا في مدرسة جرى فيها قبلاً توقيف ستة معلمين عمدوا إلى تدريس أفكار داعش". بل أن أردان لم يتورع، وبوازع من انحطاطه، عن التهجّم على أعضاء الكنيست العرب، والتحريض عليهم، إذ كتب حضرة الوزير مخاطبًا أياهم: " هذا الدّم يخضّب ايديكم أيضًا".

وأول أمس راح الوزير أردان يتحدث بنبرة معاكسة تمامًا. ففجأة وعلى حين غرّة تحدث الوزير عن " حادث أليم ومؤسف" وعن " مواطن وشرطي" قُتلا خلاله، لكن ليس من شأن أي اعتذار أن يعيد العجلة إلى الوراء- لا الدم الذي سُفك سدى، ولا التحريض والأكاذيب التي جاءت في أعقابه.

يُنتَظر أن تتصرف شخصيتان تتقلدان منصبين جدّ حسّاسين- بشكل مغاير. هنالك امكانيتان:
إما أنهما قد كذبا وحرّضا عن وعي وقصد مغرض، من أجل جَنْي مكاسب سياسية لدى الرأي العام المحرَّض أصلاً- أو أنهما قد غولطا. على أية حال، كان حريًا بهما أن يفحصا الحقيقة قبل أن يسارعا إلى حملة التحريض. وبما أنهما تصرّفا بشكل مخالف- سيتعين عليهما أن يقدما استقالتهما عند نشر تقرير " ماحش".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]